اختتام تدريبات مشتركة بين قوات بحرية كويتية والناتو.. ضمن مبادرة اسطنبول

ثامر الصباح: المناورات شهادة اعتراف بدور الكويت الاستراتيجي.. ومهمة في ظل التهديدات الإرهابية

TT

اختتمت قوات من البحرية الكويتية، واخرى تابعة لحلف شمال الأطلسي (ناتو) اول من امس، تدريبات وتمرينات عسكرية مشتركة استمرت ستة أيام تعد الاولى من نوعها، وذلك ضمن اطار «مبادرة اسطنبول للتعاون».

واشتمل السيناريو الختامي للتدريبات المشتركة على مكافحة التهديدات البحرية المشتركة بما فيها الارهاب والقرصنة والرمايات بمختلف انواع الاسلحة اضافة الى التعامل مع الهجمات الجوية.

وأظهر العنصر الكويتي في التدريبات قدرته على استيعاب التكنولوجيا ومنظومات التسليح والعلوم العسكرية الحديثة. وشاركت في المناورات من الجانب الكويتي ست قطع بحرية وأربع طائرات «اف ـ 18» من القوة الجوية الكويتية ومن جانب الحلف المدمرة الاميركية «يو اس اس ذا ساليفانز» والفرقاطة الالمانية «اف جي اس كارلسروهي» والسفينة المساندة الالمانية «اف جي اس رهون» وعدد من الطائرات العمودية.

من جانبه، وصف رئيس جهاز الأمن الوطني بالانابة الشيخ ثامر علي صباح السالم الصباح اجراء التمارين العسكرية بـ«شهادة اعتراف بدور الكويت المحوري والاستراتيجي على المستوى الخليجي والاقليمي والدولي». وقال الشيخ ثامر في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) بعد انتهاء المناورات ان هذه التدريبات والتمارين العسكرية «تعد ترجمة حقيقية لمستوى العلاقات الثنائية المتميزة بين الكويت والحلف». ولاحظ ان هذه التدريبات اجريت بين الجانبين على الرغم من انه لم يمض على انطلاق العلاقة بينهما استنادا الى المبادرة اكثر من أربعة اعوام حيث نمت بوتيرة ثابتة.

وشدد على الاهمية الايجابية لهذه التمارين في رفع المستويات التكتيكية والجاهزية القتالية والدفاعية لدى منتسبي القوات الكويتية المسلحة. وأثنى الشيخ ثامر على المهنية العالية التي يتصف بها منتسبو القوات المسلحة الكويتية في تعاملهم مع كل المتطلبات العسكرية التي برزت خلال المناورات، حيث أبدعت القوات البحرية والجوية في المناورات مع نظرائها في الحلف.

وقال الشيخ ثامر ان هذه التدريبات تأتي «تكملة لمشوار التعاون الوثيق بين دولة الكويت والحلف». وأكد الاهمية الاستراتيجية التي يوليها حلف الناتو لعلاقته بدول مبادرة اسطنبول وبخاصة دولة الكويت المكملة للمبادرات القائمة على اسس التعاون باعتبارها تمثل عاملا ايجابيا اضافيا من عوامل التعاون المشترك.

وأعرب عن الأمل في تطوير هذه العلاقة، لكسب المزيد في تبادل المعلومات سواء كانت عسكرية او امنية فضلا عن الاستفادة من جميع ما لدى الناتو من خبرات لاسيما انه يضم في عضويته 26 دولة.

وذكر الشيخ ثامر العلي ان جهاز الامن الوطني يمثل حلقة الوصل بين حلف الناتو والجهات الكويتية المعنية باعتبار ان الجهاز هو المكلف ملف الحلف. وتحدث عن زيارة قام بها وفد من الاختصاصيين النوويين في حلف (الناتو) للبلاد بناء على طلب رسمي لتقييم خططها في مجال مكافحة الاشعاعات، خاصة «ان منطقتنا تضم دولا تمتلك تكنولوجيا نووية مثل اسرائيل والهند وباكستان وايران».

وقال ان عدم الوضوح لطبيعة المفاعلات او الأسلحة النووية في المنطقة يسبب قلقا لما يمكن ان تسفر عنه من مخاطر تهدد شعوب ودول المنطقة بأسرها. وذكر ان دولة الكويت بحكم صغر مساحة رقعتها الجغرافية فان «أي إشعاع سيشكل خطرا محدقا بأمن وسلامة البلاد»، موضحا ان «خطر تسرب الاشعاعات النووية يمتد الى مسافات كبيرة كما حصل في كارثة مفاعل (تشيرنوبل) في الاتحاد السوفييتي السابق عام 1986».

وأفاد الشيخ ثامر بأن أكثر من 60 في المائة من دول حلف (الناتو) تضررت من اشعاعات نووية نتيجة حادث مفاعل (تشيرنوبل)، مضيفا «أن خبرة دول الحلف لا توازيها أي خبرة في هذا المجال». وردا على سؤال حول ما يمكن ان يثيره اجراء هذه المناورات مع دول مجاورة، اكد رئيس جهاز الامن الوطني بالانابة ان «الكويت لا تجري مناورات بهدف اثارة القلاقل او زعزعة الاستقرار في المنطقة». وقال ان «الاصدقاء في المنطقة يدركون اهمية إجراء الكويت مثل هذه المناورات في ظل التهديدات الكبيرة من التنظيمات الارهابية والتي على رأسها تنظيم القاعدة على غرار ما حدث للمدمرة الاميركية كول في اليمن عام 2000 او لما يحدث من عمليات قرصنة في البحار».

وأكد الشيخ ثامر ان الارهاب اصبح يشكل هاجسا يشغل جميع دول العالم ويمثل تحديا كبيرا، داعيا الى تعاضد الجهود الدولية لمكافحته. واضاف ان هناك حاجة ماسة ايضا لمواجهة خطر المخدرات التي تأتي غالبا من البحر، مشيرا الى انه تم في هذه التمارين اشراك زوارق صغيرة للقيام بعمليات التفتيش على السفن المشتبه بها. وذكر ان «كل هذه التهديدات تؤكد الحاجة الماسة لرفع الجاهزية في التصدي لها بكل الوسائل المشروعة»، مضيفا «ان الاصدقاء في المنطقة يدركون ان اجراء هذه المناورات حق كويتي خالص في الاستعانة بخبرات الحلف في مواجهة مثل هذه التهديدات». واضاف ان «الهدف النهائي الذي نصبو اليه جميعا هو حماية المجتمع الدولي وخاصة في هذه المنطقة من تهديد الفكر الارهابي وأسلحة الدمار الشامل والخطر النووي والنزاعات الاقليمية والعالمية التي تحيط بها»، مؤكدا حرص دولة الكويت على استتباب الامن والاستقرار في العالم وبخاصة في منطقة الشرق الاوسط.

واكد ان كفاءة القوات الكويتية وتعزيزها من خلال هذه المناورات تسهم بالتأكيد في استقرار الاوضاع في المنطقة.

وأكد أن التعاون والحوار بين الناتو والكويت يشمل جميع المجالات بما في ذلك تبادل المعلومات وتنظيم الفعاليات، مضيفا انه «ليس لدينا أدنى شك في ان التعاون والحوار بين الناتو والكويت يسير بخطى سريعة وسلسة».

من جهته، أثنى السفير الألماني لدى الكويت الدكتور مايكل فوربس في تصريح لـ(كونا) على متن اليخت (مسايل)، حيث كان يستضيفه وعدد من السفراء الشيخ ثامر، على اهتمام رئيس جهاز الامن الوطني بالانابة وحرصه الدائم على تنمية العلاقات بين الكويت والحلف، مضيفا ان وجوده في موقع التمارين اعطاها زخما كبيرا. وقال انه يشعر بالغبطة والسرور لطريقة تنظيم هذه التمارين على الرغم من انها المرة الاولى بين الجانبين، معربا عن الامل في مواصلة مثل هذه النشاطات بما يجلب المنفعة لكلا الجانبين. وذكر ان هذه التمرينات اثبتت ان التعاون بين الكويت والناتو متين ويسير بخطى ثابتة متمنيا توطيد آفاق التعاون بين الجانبين.

من جهته، اشاد السفير البلجيكي لدى الكويت جيلز هيغارت في تصريح مماثل لـ(كونا) بسرعة استجابة الكويت في التعاون مع الحلف من خلال المبادرة، معربا عن خالص الشكر والتقدير لجهود دولة الكويت البناءة في دعم السلام والاستقرار العالميين «وهذا ما اعتدنا عليه في الحلف من اصدقائنا في الكويت». وامتدح السفير هيغارت مستوى القوات البحرية الكويتية المتقدم متوقعا ان تكون هناك زيادة في التمارين كما ونوعا.

من جانبه، أعرب المستشار الاول في السفارة الفرنسية بيير فيلاتوف عن ارتياحه للمناورات التي تمثل جانبا مهما من الثقة المتبادلة بين الطرفين، مثمنا سرعة استجابة الكويت «كأول دولة من دول مجلس التعاون الخليجي تنضم لمبادرة اسطنبول». وتعتبر هذه التمارين نقلة نوعية في تاريخ العلاقات بين الكويت وحلف الناتو، حيث جاءت بناء على تنسيق بين الجيش الكويتي وجهاز الامن الوطني من جهة وحلف الناتو من جهة اخرى.

وتأتي هذه التمارين تفعيلا لـ(مبادرة اسطنبول للتعاون) التي اطلقت في قمة حلف شمال الاطلسي في اسطنبول بتركيا في عام 2004 وفي العام نفسه أصبحت دولة الكويت أول دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تنضم الى (مبادرة اسطنبول للتعاون). ويقدم حلف شمال الأطلسي لكل دولة عضو في (مبادرة اسطنبول للتعاون) مساعدة تصمم خصيصا لتلك الدولة وتتعلق بالدفاع والأمن ومكافحة الارهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية ومواجهة مشكلة انتشار أسلحة الدمار الشامل وأمن الحدود والاتجار غير المشروع وكيفية التعامل مع الكوارث.