دبلوماسيون: الوكالة الذرية تعثر على آثار يورانيوم بموقع دير الزور السوري

قالوا إن الاكتشاف أثار بواعث قلق.. والبرادعي يعد تقريراً مكتوباً لأول مرة

TT

قال دبلوماسيون غربيون أمس ان محققي وكالة الطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة عثروا على آثار يورانيوم في موقع «دير الزور» السوري، الذي تقول واشنطن انه كان مفاعلا نوويا سريا كاد يكتمل قبل ان تقصفه اسرائيل العام الماضي، فيما تنفي سورية هذا. وأوضح الدبلوماسيون الغربيون الذين تحدثوا لوكالة رويترز أمس، بشرط عدم الكشف عن هويتهم ان اثار اليورانيوم ظهرت في بعض العينات البيئية التي اخذها مفتشو الامم المتحدة من الموقع اثناء زيارة في يونيو (حزيران) الماضي. وقالوا ان الاكتشاف ليس كافياً لاستخلاص نتائج لكنه أثار بواعث قلق تتطلب مزيدا من التوضيح. ولم يصدر تعليق فوري من الوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن انباء عن الكشف تسربت بعد ساعات من تأكيد مسؤولي الوكالة الذرية ان مدير الوكالة محمد البرادعي يعد تقريرا مكتوبا رسميا بشأن سورية للمرة الاولى. وعلاوة على ذلك، وضعت سورية كبند على جدول الاعمال الرسمي في اجتماع نهاية العام الذي يعقد يومي 27 و28 نوفمبر (تشرين الثاني) لمجلس أمناء الوكالة التابعة للامم المتحدة. وكان مسؤولو الوكالة في السابق يقولون ان التحقيقات الاولية غير حاسمة. وقال دبلوماسيون معتمدون لدى الوكالة الذرية، ومقرها فيينا، ان خبراء الوكالة حللوا بعدئذ نطاقا اوسع من العينات، وان بعضها كانت به «آثار مركب يورانيوم معين». وقال دبلوماسي معتمد لدى الوكالة، رفض الكشف عن هويته، إن نتائج العينات «ليست كافية لاستنتاج او اثبات ما كان يفعله السوريون لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلصت الى ان ذلك يتطلب مزيداً من التحقيق». وقال دبلوماسي آخر لرويترز «انه مكون مصنوع وليس خاما طبيعيا. لا توجد اشارة إلى انه كان هناك وقود نووي بالفعل او نشاط انتاج». واشار هذا الدبلوماسي الى ان مثل هذه الاثار قد تكون نقلت الى الموقع عن غير قصد على ملابس علماء او عمال او على معدات احضرت من مكان آخر. وقد يحاكي ذلك كشفا سابقا مهما في التحقيق الذي تجريه الوكالة الذرية منذ وقت طويل في البرنامج النووي السري لايران. ويقول دبلوماسيون على صلة وثيقة بالوكالة الذرية ان سورية تجاهلت مطالب الوكالة بفحص ثلاث منشآت عسكرية ربما تحتوي على مواد متعلقة بموقع المفاعل المزعوم. وقال دبلوماسي كبير له علاقات بالوكالة الذرية «من الواضح ان الوكالة تعتقد ان لديها شيئا مهما بما يكفي لتقديم تقرير لوضع سورية على جدول الاعمال بعد كوريا الشمالية وايران مباشرة». وقال دبلوماسي رابع طلب مثل الباقين عدم كشف هويته كشرط للتحدث عن المعلومات السرية «ان العينات تثير المزيد من الاسئلة». وتجري الوكالة الذرية تحقيقا بشأن سورية منذ مايو (ايار) بعد قليل من تلقي واشنطن معلومات مخابرات بشأن موقع «دير الزور» لكن ذلك كان بعد شهور من تدمير اسرائيل للموقع وتطهير سورية له. واستنكر البرادعي التأخير في تقديم معلومات المخابرات وعدم ابلاغ الولايات المتحدة الوكالة الذرية قبل القصف. وقال ان ذلك سيجعل من الصعب على الوكالة المكلفة مراقبة تنفيذ معاهدة حظر الانتشار النووي التأكد من الحقائق «لان الجثة اختفت». وكان البرادعي قد اشتكى ايضا من عدم قدرة الوكالة على متابعة تحقيقاتها حول الانشطة النووية السورية وذلك بعد مقتل المسؤول السوري الذي كان يصاحب مفتشي وكالة الطاقة، وفيما لم يذكر البرادعي هوية ذلك المسؤول، إلا ان دبلوماسيين بوكالة الطاقة قالوا ان البرادعي كان يقصد العميد محمد سليمان، المستشار الامني للرئيس السوري بشار الأسد. وكان سليمان الذي قالت مصادر إنه كان مسؤول الملف النووي السوري، وسافر عدة مرات الى كوريا الشمالية اغتيل باطلاق النار عليه في منزله بمدينة طرطوس الشمالية من قبل قناص من البحر. وتنفي سورية مزاعم اميركية عن أنها تبني مفاعلا نوويا بخبرة كورية شمالية بهدف انتاج البلوتونيوم، وهو المكون الرئيسي في القنبلة النووية الذي تعاد معالجته من وقود اليورانيوم المستنفد بما ينتهك معاهدة حظر الانتشار النووي. وقالت دمشق ان الموقع لم يكن به سوى مبنى عسكري مهجور. كما تقول دمشق إن معلومات المخابرات الاميركية غير المؤكدة ملفقة. وابلغ البرادعي اجتماعا لمجلس محافظي الوكالة في سبتمبر (ايلول) الماضي ان النتائج الاولية من عينات اختبار أخذها مفتشون زاروا في يونيو (حزيران) الماضي الموقع الصحراوي الذي ضربته اسرائيل لا تظهر آثارا لنشاط ذري. الى ذلك، تعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا استقصائيا بشأن سورية للمرة الاولى، وهو ما يعتبره دبلوماسيون غربيون اشارة الى قلق الوكالة من الانشطة السورية. وافادت نسخة مصغرة من جدول اعمال اجتماع مجلس محافظي الوكالة الذي يضم 35 دولة، ان سورية اضيفت للنظر في تقرير من البرادعي يشبه في هيئته التقارير التي تصدر بصورة فصلية بشأن تحقيق للوكالة في البرنامج النووي السري لإيران. ولدى سورية موقع نووي معلن واحد، وهو مفاعل ابحاث قديم. ودمشق حليفة لايران التي تخضع لتحقيق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ أمد طويل لكنه مجمد حالياً. وابلغت سورية الوكالة الذرية في سبتمبر أنها تتعاون بصورة تامة مع تحقيق الوكالة لكنها لن تصل الى حد فتح المواقع العسكرية لأن ذلك سيقوض أمنها. وقال البرادعي حينئذ ان التعاون السوري كان «جيداً» لكن دمشق ينبغي ان تظهر الحد الاقصى من التعاون كي يمكن للوكالة التوصل الى نتائج.