القذافي لمعاونيه: مقترحاتكم هدفها الحفاظ على مناصبكم لا مصلحة الناس

انتقد العملية التعليمية: «إذا أحضرت أي واحد وعملت له امتحانا سيسقط ويحصل على صفر»

TT

بدأ الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أمس التمهيد لإعلان تراجعه عن أفكاره الخاصة بتوزيع عائدات ليبيا من بيع النفط على مواطنيها بصورة مباشرة وإلغاء الحكومة التي يترأسها الدكتور البغدادي المحمودي.

وقبل نحو 6 أسابيع فقط من انتهاء المهلة التي سبق أن حددها القذافي في وقت سابق من مطلع العام الجاري بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل خاض القذافي نقاشا علنيا نادرا عبر شاشات التلفزيون الرسمي مع كبار مسؤوليه ومعاونيه حول خططه الرامية إلى منح كل أسرة ليبية نحو 5 آلاف دينار ليبي سنويا لتدبير شؤونها بعيدا عن الحكومة التي ستتقلص صلاحياتها تماما، وتقتصر على 3 وزارات سيادية فقط (الأمن، والدفاع، والخارجية) إضافة إلى وزارة رابعة للخدمات العامة. وفى مشهد غير معتاد في الدولة، جادل القذافي مساء أول من أمس ولليوم الثاني على التوالي أعضاء الحكومة الليبية وكبار مسؤولي البرلمان في مدى استعداد الليبيين للقبول بأفكاره.

وفي نقاش القذافي العلني مع معاونيه بدت الحيرة واضحة على قائد الثورة الليبية وهو يستمع إلى تعليقات مساعديه ومعاونيه التي طالبت في مجملها بعدم التنفيذ الفوري لمقترحاته وتأجيلها بعض الوقت نظرا لما وصفوه «بخطورتها على مستقبل الدولة والمواطنين».

بينما رغب القذافي في توزيع دخل النفط على العائلات مباشرة لتتصرف فيه، فإن أمناء اللجان الشعبية العامة وأمانة مؤتمر الشعب العام، أبدوا رغبتهم في توزيع دخل النفط بطريقة غير مباشرة عن طريق المحافظ التي يتحدثون عنها.

وبدت نتيجة هذه الاجتماعات الرسمية للقذافي مع كبار معاونيه غامضة حيث لم يعلن رسميا نتائجها النهائية ومدى تأثيرها الفعلي على مقترحاته بينما تقول أوساط في المعارضة الليبية إن هذه الاجتماعات بمثابة تمهيد يسبق إعلان القذافي عدوله عن هذه المقترحات التي أثارت جدلا واسعا في الشارع الليبي.

ونقلت وسائل الإعلام الليبية الرسمية أمس عن القذافي قوله إن هذا يتطلب معرفة سلبيات وإيجابيات كل تصور من هذين التصورين، موضحاً أن تصور مساعديه يقول إنهم ما زالوا يريدون تمكّين الدولة من التصرف نيابة عن الناس في أموالهم، وهو ما يعني بقاء الدولة أو الجهاز الإداري أو الحكومة بالمعنى التقليدي في الدول الأخرى، وأن الأموال تتولاها هذه الإدارة، وتشرك الناس فيها على شكل أسهم في مؤسسات. ونبه القذافي إلى صعوبة فهم هذا التصور من قبل العامة الذين سيقولون إن الأموال لا يريدون إعطاءها لهم، لأن الجهاز الإداري يريد إبقاءها لديه ويضحك عليهم بالمحافظ وبالأسهم.

واتهم القذافي محاوريه من كبار المسؤولين والوزراء بأن دوافعهم لمعارضة تنفيذ مقترحاته هو مخافة ضياع مناصبهم التي يتقلدونها، وأكد أنه لم تعد لديه ثقة في الجهاز الإداري للدولة الليبية. وأضاف «أنتم تريدون اللجان الشعبية العامة تستمر، والوضع يستمر مثلما هو لكي تستمروا أنتم هذه واحدة من الحالات النفسية التي تتحكم في استنتاجاتكم أنا ليس لدي الثقة في أن المؤسسات العامة التي تحكي عنها ستفيد الناس، لا المصانع ولا المشاريع الزراعية». وقال: «نحن لسنا جيش احتلال جئنا فككنا حقول النفط وإمكانيات الدولة مثل الجيش الأميركي في العراق ثم لاحقا نبقى نصرفها على الشعب بالطريقة التي نريدها نحن». وقال القذافي: «خلوا الناس تأخذ فلوس النفط وتدبر حالها، هذا اتكال على الدولة يجب أن ينتهي»، مشيرا إلى أن (وزارات) «الصحة والتعليم والزراعة والصناعة والإسكان هذه مفروغ منها يأخذون فلوسهم ويتصرفون».

وانتقد القذافي الحكومة، وضرب مثلا على ذلك بالعملية التعليمية التي قال إنها فاشلة كلها، مضيفا «أحضر أي واحد وأعمل له امتحاناً في هذا الوقت، سيسقط ويحصل على صفر في كل مادة كذا».

وروى القذافي أنه عندما استفسر عن صحة شكوى وصلته من طلاب رفضت الكلية العسكرية قبولهم كانت الإجابة (من مساعديه)» تفضل انظر، حاجة تكسف فلقد أعطيناهم أوراقاً وقلنا لهم اكتبوا كذا.. كذا .. كذا، لا تستطيع أن تقرأ ما كتبوا، لا يعرفون كيف يكتبون كلمة الشعبية فحرف الشين يكتبون بعدها ألفا «الشا».

واعتبر القذافي أن إلغاء الجهاز الاداري وتسليم عائدات النفط مباشرة إلى الليبيين هو قرار لا رجعة عنه وغير قابل للمناقشة من المؤتمرات الشعبية أو غير المؤتمرات الشعبية.

وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها القذافي إلى إلغاء الحكومة الليبية والى توزيع الثروة مباشرة على مواطنيه حيث سبق أن أعلن في شهر مارس (آذار) الماضي عن قرار إصلاح النظام الإداري في ليبيا وتوزيع الثروة على الليبيين متهما الحكومة بالفساد وعدم النجاح في معالجة مشاكل الناس.