بان كي مون: نرحب بمبادرة حوار الأديان كإسهام أساسي لدعم التسامح والاحترام المتبادل

دعا إلى عدم نسيان دروس الماضي وأشار إلى بروز الإسلاموفوبيا كنوع من التمييز العنصري

بان كي مون يلقي كلمته أمام مؤتمر حوار اتباع الديانات في نيويورك امس (رويترز)
TT

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على دعوته للاجتماع الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، ويستمر اليوم في إطار دعم الحوار بين أتباع الديانات.

وقال «إن المملكة العربية السعودية أخذت على عاتقها هذه المبادرة لعقد هذا المؤتمر، فأنا اشكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدوره الحاسم والحيوي لتمكين عقد هذا الاجتماع».

وأشار بان إلى أنه بينما يصبح العالم قرية وتختفي الحدود ويقرب الإعلام بين المجتمعات، تبرز ظواهر تطرف، مشيرا إلى أنه أصبح هناك أيضا معاداة للإسلام، وهي نوع من التمييز العنصري، داعيا إلى عدم نسيان الدروس التي يجب أن نتعلمها من التاريخ. ونوه بمبادرة الحوار بين أتباع الأديان وبمؤتمر مدريد «كإسهام أساسي في جهودنا المتواصلة لدعم التسامح والاحترام المتبادل. وهذا العمل يأتي من ميثاقنا المؤسس، ومن الاعلان العالمي لحقوق الانسان ـ الذي نحيي ذكراه الـ60 الشهر المقبل».

وفي ما يلي نص الكلمة:

شكراً لك السيد الرئيس لعقد هذا الاجتماع الرفيع المستوى في اطار اجتماع الحوار بين الأديان.

جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين، السلام عليكم أصحاب الجلالة والسمو رؤساء الدول والحكومات المحترمين أصحاب الفخامة السيدات والسادة شكراً لكم على حضور هذا الاجتماع الرفيع المستوى. إن وجودكم شهادة على أهمية وضرورة الحوار في عالم اليوم.

لقد تبنت المملكة السعودية العربية، مبادرة ملهمة حقاً للوئام العالمي والاحترام المتبادل، وأشكر خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، لدوره الديناميكي لجعل هذا الاجتماع ممكناً.

أصحاب الفخامة نحن نعيش في قرية عالمية رائعة التنوع. والعولمة يمكن أن تكون قوة عظيمة للتقدم. ولكن بينما تندمج الاقتصادات، وتختفي الحواجز الثقافية، وبينما الإعلام الجديد يجعل مجتمعاتنا أقرب إلى بعضها البعض من أي وقت في السابق، يمكن أن تظهر نقاط تماس جديدة.

وبالفعل، نحن نرى ظواهر تدعو إلى القلق. النزاع الاجتماعي يتصاعد، والآيديولوجيات المتطرفة تتصاعد، والمجتمعات أصبحت أكثر انقساما.

معاداة السامية تبقى مشكلة، والاسلاموفوبيا خرجت كمصطلح جديد لنوع قديم وسيئ من العنصرية. وهناك أنواع أخرى من العنصرية والتمييز التي تظهر إصرارا مدهشا، كأننا لم نتعلم من دروس التاريخ المريرة.

إن احدى أكبر التحديات في عصرنا الآن بالتأكيد، يجب أن تكون ضمان أن يصير تنوعنا الثقافي الغني أكثر اماناً، وليس أقل. تقليديا، السلام يتطلب توازن مصالح دول مختلفة، ولكن لقد تعلمنا أن السلام الدائم يتطلب أكثر من التوازن المتساوي. ومن أجل استمرار السلام، يجب على الأفراد والجماعات والدول أن تحترم وتفهم بعضها البعض. ومبادرات حوار الأديان تعالج هذه الحاجة بكثافة وقوة أكبر. ومن أكثر هذه المبادرات احتراماً كان المؤتمر العالمي للحوار، الذي عقد في مدريد في يوليو الماضي، بدعوة من الملك عبد الله. ذلك الاجتماع التاريخي جمع اتباع الاديان العالمية، وعلماء ومثقفين وآخرين. وأكد المشاركون على ايمانهم بالمساواة الأساسية للبشرية بغض النظر عن ألوانهم واثنياتهم وأعراقهم ودياناتهم وثقافتهم. ولقد تعهدوا بالعمل ضمن محاور نفوذهم لدعم الحوار والتعاون.

نحن في الأمم المتحدة نرحب بمؤتمر مدريد كإسهام أساسي في جهودنا المتواصلة لدعم التسامح والاحترام المتبادل. وهذا العمل يأتي من ميثاقنا المؤسس، ومن الاعلان العالمي لحقوق الانسان ـ الذي نحيي ذكراه الـ60 الشهر المقبل ـ ومن خلال آليات لحقوق الانسان. إنه يأخذ شكلا صلبا من خلال مبادرات مثل تحالف الحضارات الذي تأسس بمبادرة من حكومتي اسبانيا وتركيا.

وخلال السنتين الماضيتين، دعم هذا التحالف مشاريع المجتمع المدني القاعدية، التي تسعى إلى بناء الجسور بين الثقافات من خلال معالجة النظرات الخاطئة وانقسام المجتمعات. هذه المشاريع تشمل تعرض الشباب إلى ثقافات أخرى، وأن يكون لدينا خبراء يقدمون الآراء والنصح حول القضايا التي تهدد بتأجيج النزاعات المبينة على الهوية. وأسس التحالف أيضا مجموعة من الأصدقاء وينوي تطوير عمله في المنتدى المقبل الذي تستضيفه تركيا في أبريل من العام المقبل.

لقد تقدم العديد من الدول الأخرى بمبادرات.. إيران وكازاخستان وباكستان والفلبين وروسيا وآخرون.

كما ان اليونيسكو تسعى إلى تطوير التفاهم بين الثقافات منذ إنشائه. والمنتدى الثلاثي للتعاون بين الأديان من أجل السلام يساعد الحكومات والمجتمع المدني ووكالة الأمم المتحدة لتشارك في الأفكار. هذه الجهود تدعم بعضها البعض وتدعم هذه القضية. إنهم يبرهنون بأنه لا يوجد ركن في العالم لا يمكن له أن يستفيد من وسيلة حية وهادفة لدعم الاتصالات بين الحضارات والتعليم. النداء الى الحوار يصيب الهدف.

ولكن لا يمكن لنا ان نشعر بالراحة فقط بإعلان نوايا واجماع، على الرغم من أهمية ذلك. ما نحتاجه هو الحوار البناء. نحتاج إلى شراكات جديدة تستمر بعد عودة آخر موفد الى منزله. ومن أجل نجاح ذلك، نحن بحاجة إلى اشراك الجميع، مسؤولي الحكومات ومجموعات القواعد الأساسية، ورؤساء الشركات، وفاعلي الخير، الأكاديميين والإعلاميين. ونحن بحاجة بالذات إلى شباب العالم. بسبب شبابهم، لن تكون العنصرية متعمقة، لديهم أمور أقل عليهم التخلص من تعلمها. وهم في وضع أفضل لتعامل مع الأمور غير المعروفة ـ الناس والتقاليد والأفكار ـ بعقول متفتحة.

التعايش بسلام أثبت انه صعب بطريقة مآساوية. علينا العمل بجهد أكبر لإنعاش القيم المشتركة. ومن خلال العلم والقيادة، يمكننا أن نحيي أفضل ما يوجد في تقاليدنا وضمان كرامة البشرية من أجل الجميع.

عندما نسير إلى الامام، يجب أن تقودنا كلمات الموظف الدولي الرائع رالف بونش. عام 1949 كان في وسط جهود السلام التي ادت الى فوزه بجائزة نوبل للسلام، وفي دقيقة صعبة قال الآتي: «لدي تحيز جذري ضد الحقد وعدم التسامح. لدي تحيز ضد التمييز العنصري والديني. لدي تحيز ضد الحرب ومع السلام. لدي تحيز يجعلني أؤمن بالأساس الحسن للبشر، ما يجعلني أؤمن بأنه لا توجد أية مشكلة في العلاقات البشرية لا يمكن حلها».هذا التحيز هو التحيز الوحيد، الذي يمكن السماح به.

شكراً جزيلاً.