الحكومة الفرنسية تعين لأول مرة محافظا من أصل كاميروني

الموجة السوداء تصل إلى فرنسا

TT

بعد أسبوع واحد على انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة، خطت الحكومة الفرنسية خطوة إضافية على طريق فتح باب الوظائف الرسمية العليا أمام «الأقليات المرئية» أي الأقليات المهاجرة وتحديدا السود والعرب وخلافهم، وعين مجلس الوزراء الفرنسي أمس موظفا أسود اللون من أصل كاميروني، بيار نغاهان، محافظا لمنطقة بروفانس الألب ـ الشاطئ اللازوردي.

وحتى تعيين بيار نغاهان، لم يكن يعرف هذا الجهاز الأرفع في الدولة الفرنسية أي محافظ أسود يتحدر من أصول مهاجرة. فالمحافظان اللذان سبقا بيار نغاهان الى هذا المنصب، وهما ريشار صامويل وآلان زابولون كانا فرنسيين من جزر الأنتيل الفرنسية. وفي عام 2005، عينت حكومة دوفيلبان بناء على اقتراح وزير الداخلية وقتها نيكولا ساركوزي محافظا من أصل جزائري هو عيسى درموش.

وسارع وزراء فرنسيون الى نفي وجود أية علاقة بين انتخاب أوباما وتعيين نغاهان. فقد قالت وزيرة الداخلية ميشال أليوماري، إن هذه التسمية هي «مجرد اعتراف بمزايا الرجل» وبالتالي فإن قرار التعيين مستقل عن أي حدث خارجي. أما وزيرة العدل رشيدة داتي وهي متحدرة من والد مغربي وأم جزائرية فرأت أن الرئيس ساركوزي «لم ينتظر انتخاب أوباما للسير بسياسة طوعية بحيث تشبه فرنسا التي هي فوق (النخبة) فرنسا التي هي تحت (عامة الناس)».

وكان ساركوزي قد فاجأ الطبقة السياسية ربيع العام الماضي عقب انتخابه رئيسا للجمهورية بتعيين داتي في احد أهم المناصب الوزارية السيادية وتعيين فاضلة عمارة الجزائرية الأصل وزيرة دولة للانسجام الإجتماعي، والسوداء راما ياد وزيرة دولة للشؤون الإنسانية. وذهبت داتي المعروفة بقربها من الرئيس الفرنسي الى حد القول إن أوباما «استوحى النموذج الفرنسي» وليس العكس. أما الناطق باسم الحكومة، الوزير لوك شاتيل فقد نوه بحرص الرئيس الفرنسي على فتح الباب امام «الشخصيات المتحدرة من التعددية الفرنسية بالوصول الى أعلى الوظائف»، واصفا رغبة الرئيس بأنها «قديمة وثابتة»، وبالتالي «لا علاقة لها بالتطورات الأميركية». ونقل شاتيل عن ساركوزي قوله في مجلس الوزراء إن «من الضروري الاستمرار في هذا السبيل».

ويعد الرئيس الفرنسي أحد أهم المدافعين عن سياسة «التمييز الإيجابي» كما معمول بها في الولايات المتحدة وتقوم على رصد «كوتا» معينة للأقليات في الوظائف العليا الحكومية على اختلافها. ويتعارض هذا الطرح مع التوجه العام والثابت في فرنسا الذي يرفض الاعتراف بالفروق ذات الأساس الديني أو العرقي ويعامل المواطنين سواسية.

وإذا كانت أبواب الحكومة الفرنسية قد فتحت بوجه الأقليات، فإن أبواب مجلس النواب والشيوخ والقضاء وقيادة أركان القوات المسلحة والتفتيش وخلافها مازالت مغلقة بوجه الطامحين والمؤهلين من المتحدرين من أصول مهاجرة. ونقلت مصادر حكومية عن الرئيس ساركوزي المتحدر من أبوين مهاجرين (والده مجري الأصل ووالدته ابنة مهاجرين يهوديين من سالونيقيا في اليونان) أنه قال لأوباما إنهما «متشابهان» بسبب نسبهما الأجنبي. وكان وصول أوباما الى الرئاسة قد أثار موجة من المطالبات في فرنسا خصوصا من جانب منظمات السود وفي ضواحي المدن الكبرى التي شهدت خريف عام 2005 موجة عنف منقطعة النظير دامت أكثر من شهر بسبب ما تعتبره حرمانا من منافع الدولة ومناصبها.