شكوك حول استمرارية مكونيل وهايدن بمنصبيهما في الاستخبارات

جون بيرنان يقود فريق العمل الاستخباراتي المؤقت المعاون للرئيس المنتخب

TT

أشار مسؤولون استخباراتيون أميركيون بارزون، إلى أن اثنين من كبار ضباط الاستخبارات من المتوقع أن يتم استبدالهما بآخرين من قبل الرئيس المنتخب باراك أوباما، خلال الفترة الأولى لتوليه الرئاسة. ومن الواضح أن عدداً من الأعضاء البارزين داخل الكونغرس من الحزب الديمقراطي، يعارضون استمرار كل من مايك مكونيل، مدير الاستخبارات الوطنية، ومايكل في. هايدن، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.ايه) في منصبيهما، بسبب الدعم المعلن من جانبهما للسياسات المثيرة للجدل التي انتهجتها إدارة الرئيس جورج بوش بشأن التحقيق والتنصت على الهواتف. وقال أحد الأعضاء الديمقراطيين بلجنة شؤون الاستخبارات داخل مجلس الشيوخ إن هناك «إجماعاً» حول هذا الأمر. إلا أن أعضاء آخرين بالحزب الديمقراطي والكثير من الخبراء المعنيين بشؤون الاستخبارات، أعربوا عن تقديرهم البالغ للكوادر الحالية العاملة بمجال الاستخبارات، مشيرين إلى أن الفضل يرجع إليهم فيما يتعلق باستعادة الاستقرار والحرفية داخل مجتمع الاستخبارات، الذي عصفت به الكثير من الفضائح خلال السنوات الأخيرة. وأكد أحد المسؤولين الحكوميين، تابع عن كثب تطور القيادة الاستخباراتية في السنوات الأخيرة، أنه من المهم الإبقاء على بضعة مهنيين «متمرسين» خلال فترة الحرب على الأقل. من جانبهم، صرح المسؤولون المعاونون لأوباما خلال الفترة الانتقالية، والذين رفضوا بإصرار مناقشة عملية اختيار المسؤولين، بأنه لم يتم بعد اتخاذ أية قرارات بخصوص إجراءات التعيين داخل الحقل الاستخباراتي. على الجانب الآخر، قال مسؤولون استخباراتيون إن مكونيل وهايدن، وكلاهما مهني متمرس في مجال الاستخبارات، فسرا عدم محاولة الفريق المعاون لأوباما الاتصال بهما، باعتباره مؤشراً على أنهما لن يستمرا في منصبيهما. وأضاف المسؤولون أن مكونيل وهايدن يأملان في البقاء في منصبيهما، رغم عدم تصريح أي منهما بذلك، كما أن كليهما يعتقد أن رحيلهما المبكر قد يبدو وكأنه تسييس لمنصبيهما، ويقر سابقة لتغيير فرق العمل الاستخباراتي تلقائياً بتغير الإدارة داخل البيت الأبيض. جدير بالذكر أن قرار الرئيس بوش الإبقاء على جورج تينيت في منصبه كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية، المنصب الذي عينه فيه بيل كلينتون، جرى النظر إليه داخل الوكالة باعتباره خطة تسهم في تحقيق الاستقرار بها، بعد أن تعاقب على رئاسة الوكالة خمسة مديرين خلال عشر سنوات، في أعقاب فضيحة إيران كونترا. وأشار أحد المسؤولين الاستخباراتيين إلى أن مكونيل يعتقد أن منصبه ينبغي التعامل معه مثل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، المستشار العسكري الأول للرئيس، والذي يعمل لفترة ثابتة في منصبه تبلغ عامين، غالباً ما يتم تمديدها لعامين آخرين. وقد عمل العديد من رؤساء هيئة الأركان المشتركة ـ مثل الجنرال كولين إل. باول والجنرال هيو شيلتون ـ في ظل إدارات تتبع أحزاب سياسية مختلفة. وفي فبراير (شباط) 2007، تولى مكونيل، أدميرال الأسطول المتقاعد، منصب مدير الاستخبارات الوطنية، ليكون بذلك ثاني شخص يتولى مهام المنصب، الذي استُحدث كجزء من جهود تنفيذ قانون إصلاح قطاع الاستخبارات الصادر عام 2004. وصرحت مصادر استخباراتية بأن مكونيل يعتقد أن الجهاز الأمني الوطني عرضة للأخطار خلال العام الأول لتولي إدارة جديدة مقاليد السلطة بالبلاد، حيث ينتظر كبار مسؤولي الاستخبارات والبنتاغون الجدد، انتهاء عملية التأكيد على تعيينهم والتي تستغرق فترة طويلة من الوقت في بعض الأحيان. يذكر أنه في الأسبوع السابق توجه مكونيل إلى شيكاغو كي يقدم إلى أوباما أول تقرير استخباراتي موجز يطلع عليه كرئيس منتخب. أما هايدن، وهو جنرال قوات جوية متقاعد، وأصبح رئيساً لوكالة الاستخبارات المركزية في مايو (أيار) 2006، فلم يُطلب منه حتى الآن البقاء في منصبه. إلا أن أحد مسؤولي الاستخبارات، والذي رفض الكشف عن هويته، معللاً ذلك بحساسيات سياسية واستخباراتية، قال عنه إنه: «يحمل تقديراً بالغاً للعاملين هناك، ويولي اهتماماً كبيراً بالمسؤولية (التي تتحملها الوكالة)». ومثله مثل مكونيل، يعتقد هايدن أن أوباما «سوف ينشغل كثيراً بالتعامل مع ما تحول إلى أزمة اقتصادية كاملة، لذا ربما يرغب في الاحتفاظ ببعض العناصر الثابتة والخبيرة على رأس قطاع الأمن القومي، على الأقل لبعض الوقت»، حسبما صرح أحد مسؤولي إدارة بوش. من ناحية أخرى، يعد جون بيرنان، رئيس فريق العمل الاستخباراتي المؤقت المعاون لأوباما، واحداً من الأسماء العديدة التي ظهرت على السطح، والتي جاء من بينها أيضاً السيناتور الجمهوري تشك هاجيل، كمرشحين محتملين للحل محل مكونيل أو هايدن. يذكر أن بيرنان، الذي سبق أن تولى منصباً بارزاً داخل وكالة الاستخبارات المركزية، وساعد في إنشاء المركز الوطني لمكافحة الإرهاب كجزء من الإصلاحات التي شهدها عام 2004، غادر الوكالة عام 2005 ليصبح الرئيس التنفيذي لشركة أناليسز كورب، وهي شركة استشارات تتخذ من فرجينيا مقراً لها ولها تعاقدات استخباراتية. وقد قدم النصح إلى فريق العمل المسؤول عن حملة أوباما الانتخابية، فيما يخص قضايا الأمن القومي. أما نائب بيرنان خلال الفترة الانتقالية، جامي إيه. ميسيك، فسبق له العمل كنائب رئيس شؤون الاستخبارات داخل وكالة الاستخبارات المركزية وغادر الوكالة ليلتحق بالعمل في شركة ليمان برزرز. وصعد نجم كل من بيرنان وميسيك داخل وكالة الاستخبارات المركزية في عهد تينيت، وغادرا عندما تم استبداله بعضو الكونغرس السابق عن الحزب الجمهوري بورتر جيه. جوس، سلف هايدن. يذكر أن صحيفة «وول ستريت جورنال» كان لها السبق في التنويه بكل من بيرنان وميسيك، كأعضاء في الفريق الاستخباراتي الانتقالي المعاون لأوباما. ورغم أن أوباما سبق أن صوت ضد ترشيح هايدن لمنصبه الحالي داخل مجلس الشيوخ، فإنه أكد أنه فعل ذلك ليبعث برسالة معينة، حيث قال السيناتور الديمقراطي: «إنني أصوت ضد هايدن على أمل أن يصبح أكثر تواضعاً في مواجهة المسؤولية الضخمة المتعلقة ليس بحماية أرواحنا فحسب، وإنما كذلك ديمقراطيتنا». من ناحية أخرى، شهدت العمليات والميزانيات الاستخباراتية تنامياً في ظل إدارة بوش. وتعرضت الوكالات الاستخباراتية لانتقادات بالغة بسبب فشلها في التوقع بهجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 التي شنها تنظيم «القاعدة» وتقديراتها الخاطئة لقضية أسلحة الدمار الشامل، التي استغلتها الإدارة في تبرير غزو العراق عام 2003. وقد أدت المخاوف بهذا الشأن إلى إقرار إصلاحات استخباراتية عام 2004، التي أدت إلى تنحية مدير وكالة الاستخبارات المركزية عن منصبه كرئيس للـ16 منظمة استخباراتية الأخرى وإنشاء كيان مظلي تحت مسمى مكتب مدير الاستخبارات الوطنية. جدير بالذكر أن الجدال الذي دار حول العراق، واستخدام وكالة الاستخبارات المركزية لأساليب قاسية في التحقيقات مع الإرهابيين المشتبه فيهم، مثل إغراق رأس المتهم في المياه كمحاكاة للغرق، لم يمس أو يشوه صورة أي من ماكونيل أو هايدن. إلا أن كليهما دافع علانية عن استخدام إجراءات تحقيق «غير اعتيادية» نعتها النقاد بالتعذيب. من ناحيته، تولى هايدن، الرئيس السابق لوكالة الأمن القومي، مسؤولية عمليات التنصت الإلكترونية على مستوى البلاد، عندما أصدر البيت الأبيض أوامره بإجراء مراقبة من دون استصدار تصاريح لبعض الاتصالات التي تتم داخل الولايات المتحدة. أما ماكونيل فقد أثار غضب بعض أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين خلال جدال عنيف دار حول تشريع يرمي لتوسيع نطاق سلطات التنصت داخل الولايات المتحدة. يذكر أن جزءا كبيرا من الضغوط من أجل استبدال هايدن وماكونيل صادرة عن الديمقراطيين الليبراليين، الذين يؤكدون ضرورة أن تشرع إدارة أوباما في بداية جديدة تماماً كي تستعيد الثقة في مجتمع الاستخبارات الأميركي. أما المدافعون عنهما فيشددون على ضرورة عدم تحميلهما مسؤولية القرارات الخاصة برسم السياسات المتبعة التي اتخذتها إدارة بوش، وأن اتخاذ أية قرارات بشأنهما قد تبدو ذات دوافع سياسية من شأنه تقويض الروح المعنوية لدى العاملين في القطاع الاستخباراتي.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)