الأكثرية تقترح تعديلا دستوريا يفرض «الإجماع» لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان

مكاري لـ«الشرق الاوسط»: المطلوب سحب هذا الموضوع من «التداول الابتزازي»

TT

«لأن توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أصبح فزاعة ترفع في وجه اللبنانيين في كل لحظة اختلفوا بها في الرأي مع فريق آخر منهم»، ولأن التوطين «أصبح مادة يومية في قاموس فريق «8 آذار» السياسي»، قرر 11 نائبا من قوى «14 اذار» تقديم اقتراح قانون لتعديل الدستور اللبناني بما يفرض حاجة إلى إجماع النواب في البرلمان لفرضه.

وقال نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي كان من أبرز موقعي الاقتراح الذي اعده النائب بطرس حرب، إن موقعي الاقتراح من مختلف الطوائف اللبنانية وفي ذلك خير دليل على أن هناك اجماعا وطنيا لبنانيا على رفض التوطين. ورأى مكاري في تصريح الى «الشرق الاوسط» أن «التوطين يستعمل كفزاعة من قبل العديد من الاطراف السياسية اللبنانية ويتم توجيه الاتهامات بشأنه يمينا ويسارا»، مشيرا الى أن قوى «14اذار» ارادت أن» تسحب هذا الموضوع من «التداول الابتزازي» عبر تحويله الى قانون دستوري يظهر وحدة اللبنانيين في هذا الموضوع الحساس والدقيق الذي استعمله فريق «8 اذار» لتخويف المسيحيين وتهديدهم بالعامل الديموغرافي الفلسطيني. دونما ان نهمل خطورة هذا الموضوع وتأكيد رفضنا القاطع والجازم لأي من اشكاله».

واوضح مكاري أن قوى الاكثرية «ارادت أن تضع الجميع أمام مسؤولياتهم في منع التوطين وابداء الاصرار اللبناني على رفضه، فاذا كان الفريق الاخر جادا في موقفه، فليتفضل ويصوت معنا على مشروع التعديل الذي يجعل من قبول التوطين قضية وطنية تفرض اجماعا داخل مجلس النواب لفرضه». ورأى في ذلك سحبا للذرائع وتحويله الى «أمر واقعي» وعدم الافساح في المجال أمام الراغبين في استغلال معاناة اللاجئين الفلسطينيين في الانتخابات النيابية المقبلة، بما يسمح بتحسين ظروف حياتهم دونما «علامات استفهام» يرسمها هذا أو ذاك.

أما النائب أكرم شهيب فأوضح بدوره لـ«الشرق الاوسط» ان هذا المشروع قدم في وقت سابق الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لتقديمه في الدورة الاستثنائية للمجلس حيث لا يحق للنواب تقديم الاقتراحات الدستورية اذ يجب أن يأتي التعديل من الحكومة بناء على اقتراح الرئيس.

وأشار الى أن قوى الاكثرية ارتأت بعد بدء الدورة العادية للمجلس ان تقدم المشروع الى مجلس النواب من أجل «وقف كل اللغط الدائر حوله»، مشيرا الى أن الاخرين استعملوا هذا الموضوع كفزاعة، «فاذا لم نقبل بالاستراتيجية الدفاعية التي طرحها العماد ميشال عون والتي تعمم السلاح في كل المناطق عبر نظرية الكفاح المسلح التي يطرحها سيحصل التوطين. وقبله كان السوريون يقولون انه اذا لم يتم تمديد ولاية (الرئيس السابق) أميل لحود سيحصل التوطين».

وقال شهيب إن اقرار التعديل يجعل من موضوع «التوطين امرا يحتاج الى الاجماع اللبناني، ويقفل الباب أمام التعامل مع هذا الملف من باب العداء للفلسطينيين وزيادة منسوب العنصرية ضدهم».

وقد تقدم النواب بطرس حرب، ونائلة معوض، وفريد مكاري، وأنطوان زهرا، وميشال فرعون، وسولانج الجميل، وعاطف مجدلاني، وغازي يوسف، وسيرج طورسركيسيان، وعمار الحوري وأكرم شهيب باقتراح قانون تعديل دستوري بمادة وحيدة. وأوضح موقّعو الاقتراح أن لبنان «يواجه أخطارا عديدة تهدد مستقبله ووحدته ومصير شعبه، ومنها خطر توطين الأخوان الفلسطينيين الذين لجأوا إلى لبنان بانتظار تنفيذ القرار الدولي رقم 194 الذي ينص على حق العودة إلى وطنهم، وهو ما يرفضه العدو الإسرائيلي الذي يعمل على توطينهم في الدول التي لجأوا إليها». ورأوا في نص «الاسباب الموجبة» للاقتراح ان «اخطار التوطين على حق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة من جهة، وعلى وحدة لبنان وهويته وسيادته من جهة ثانية، دفعت اللبنانيين إلى الإجماع على رفض التوطين والتجزئة والتقسيم وإلى تكريس هذا الإجماع في الفقرة ( ط) من مقدمة الدستور اللبناني التي جاءت تؤكد توجه المادة الثانية من الدستور التي تنص على أنه «لا يجوز التخلي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية أو التنازل عنه». وأعلنوا أنهم ارتأوا «العمل على حسم هذا الأمر وطنيا، وإخراجه من سوق المزايدات والاتهامات والخلافات السياسية، وتفادي استغلال العدو الإسرائيلي لمواقف بعض القوى السياسية المستغربة التي تتهم قوى سياسية لبنانية أخرى بالموافقة على توطين الفلسطينيين، ولا سيما أن بعض الجهات السياسية في لبنان تثير قضية التوطين وكأنها موضع خلاف بين اللبنانيين، متهمة لبنانيين آخرين بالعمل على حصوله»، مشددين على أن هذا الاتهام «عار عن الصحة ويثير جدلا يصب في مصلحة العدو الإسرائيلي الذي سيتذرع حتما به لتسهيل حصول التوطين». وحسما لهذا الأمر قرر النواب الموقعون العمل على إقرار تعديل دستوري يمنع نهائياً لأي احتمال للتوطين، وذلك بإضافة فقرة جديدة على المادة /79/ من الدستور تنص على أن الأكثرية المطلوبة لتعديل الفقرة ( ط ) من مقدمة الدستور، لجهة تجزئة لبنان أو تقسيمه أو القبول بالتوطين، أو لتعديل المادة الثانية من الدستور، هي إجماع أعضاء مجلس النواب عليها. وهو ما يحول عمليا دون حصول أي تعديل يسمح بتمرير التوطين أو التنازل عن أي قسم من الأراضي اللبنانية.

* نص الاقتراح

* اقتراح قانون تعديل دستوري ـ المادة الأولى: يضاف إلى المادة 79 من الدستور الفقرة الآتية: «أما في ما يتعلق بتعديل مضمون الفقرة (ط) من مقدمة الدستور» والمادة الثانية من الدستور، فيجب أن يكون التصويت عليه بإجماع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانونا».

ـ المادة الثانية: يعمل بهذا القانون عند نشره في الجريدة الرسمية.

* كيفية تعديل الدستور: الرئيس والمجلس.. وغالبية الثلثين

* ينص الدستور اللبناني على إمكان تعديله بناءً على اقتراح رئيس الجمهورية فتقدم الحكومة مشروع القانون إلى مجلس النواب، كما يمكن إعادة النظر في الدستور بناء على طلب مجلس النواب اذ يحق لمجلس النواب في خلال عقد عادي (الدورة العادية) وبناء على اقتراح عشرة من أعضائه على الأقل أن يبدي اقتراحه بأكثرية الثلثين من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانونا بإعادة النظر في الدستور.

على أن المواد والمسائل التي يتناولها الاقتراح يجب تحديدها وذكرها بصورة واضحة، فيبلغ رئيس المجلس ذلك الاقتراح إلى الحكومة طالباً إليها أن تضع مشروع قانون في شأنه، فإذا وافقت الحكومة المجلس على اقتراحه بأكثرية الثلثين وجب عليها أن تضع مشروع التعديل وتطرحه على المجلس خلال أربعة أشهر وإذا لم توافق فعليها أن تعيد القرار إلى المجلس ليدرسه ثانية، فإذا أصر المجلس عليه بأكثرية ثلاثة أرباع مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً، فلرئيس الجمهورية حينئذ إما إجابة المجلس إلى رغبته أو الطلب من مجلس الوزراء حله وإجراء انتخابات جديدة في خلال ثلاثة اشهر، فإذا أصر المجلس الجديد على وجوب التعديل وجب على الحكومة الانصياع وطرح مشروع التعديل في مدة أربعة اشهر. وعندما يطرح على المجلس مشروع يتعلق بتعديل الدستور لا يمكنه أن يبحث فيه أو أن يصوت عليه ما لم تلتئم أكثرية مؤلفة من ثلثي الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً ويجب أن يكون التصويت بالغالبية نفسها.

وعلى رئيس الجمهورية أن يصدر القانون المتعلق بتعديل الدستور بالشكل والشروط نفسها التي تصدر وتنشر بموجبها القوانين العادية ويحق له خلال المدة المعينة للإصدار أن يطلب إلى المجلس بعد إطلاع مجلس الوزراء إعادة المناقشة في المشروع مرة أخرى ويصوت عليه بأكثرية ثلثي الأصوات أيضاً.