مبعوث الخارجية السعودية لاجتماع «ثقافة السلام»: الهدف توجيه رسالة سياسية باتحاد العالم في تشجيع التسامح ونبذ التطرف

الدكتور رائد قربلي لـ«الشرق الاوسط» إن الاجتماع حقق أهدافه بمجرد انعقاده

الرئيس الأفغاني حميد كرازي يلقي كلمته في جلسة حوار أتباع الديانات أمس (أ.ب) ورئيسة فنلندا تخاطب الجلسة أمس (إ.ب.أ)
TT

صرح الدكتور رائد قربلي مبعوث وزارة الخارجية السعودية الى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة حول «ثقافة السلام»، بان الهدف من الاجتماع الذي انطلق في الامم المتحدة امس بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هو ارسال «رسالة سياسية بأن العالم موحد في تشجيع التسامح ونبذ التطرف. واضاف في حوار خاص لـ«الشرق الاوسط» ان الاجتماع ليس دينيا، بل سياسياً، موضحاً ان انعقاد الاجتماع بحد ذاته هو نجاح له. وقال: «هذا ليس مدريد اثنين (في اشارة الى اجتماع حوار الاديان في مدريد في يوليو/ تموز الماضي)، وليس الجولة الثانية للحوار بين الاديان، لأن الحوار بين الاديان يكون خارج اطار الامم المتحدة بين ممثلين من هذه الاديان، اما الاجتماع في الامم المتحدة فهو مختصر على الاعضاء او الاعضاء المراقبين ولكن هدفه في بعث رسالة قوية بان العالم موحد ومجمع على تشجيع التسامح والحوار والتعاون بين الناس في كافة معتقداتهم الدينية والحضارية والثقافية وعلى نبذ التطرف وعدم التسامح والارهاب». وتابع قائلا: «هذا اجتماع سياسي يمثل دولا ووفودا سياسية هدفه الخروج برسائل سياسية تتضمن دعماً وتشجيعاً لمبدأ الحوار والمسيرة التي انطلقت من مدريد واستمرار المسيرة، لكنه ليس بديلاً، انه ليس نفس المسار، هناك مسيرتان». وعن الهدف السياسي من الاجتماع، قال: «الهدف السياسي تحقق بمجرد انعقاد الاجتماع على هذا المستوى الدولي بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية يمثلون دولاً ومعتقدات مختلفة ويجمعون على تأييد الحوار والتسامح وهذا بحد ذاته هو الهدف السياسي».

وشرح قربلي ان فكرة عقد اجتماع «ثقافة السلام» تتماشى مع النهج الذي انتهجه خادم الحرمين الشريفين منذ البداية، موضحاً: «خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله منذ البداية تميز بنهج الحوار واعتبره ضرورة لأي جهد، سواء على الصعيد الوطني او الاسلامي او العربي او الدولي، وهو الذي بدأ مسيرة الحوار الوطني وتتابعت جولات الحوار الوطني وضمت كل المواطنين من جميع المناطق والاعمار والمذاهب، ومن ثم انطلق في الصعيد العربي والاسلامي وفي هذا الاطار انعقدت قمة مكة المكرمة الطارئة للعالم الاسلامي والذي في البيان الختامي وردت بنود مهمة منها عدم تكفير اي من اتباع المذاهب الاسلامية». وأضاف: «آخر هذه الحوارات في الاطار الاسلامي تم في مكة المكرمة الذي حضره علماء من عدة مذاهب وهذا الاجتماع هو الذي دعا فيه خادم الحرمين الشريفين الى نقل الحوار الى صعيد عالمي بين الاديان المختلفة وهذا الذي تجلى في مؤتمر الحوار العالمي في مدريد برعاية خادم الحرمين ومشاركة ملك وحكومة اسبانيا وتمخض عنه اعلان مدريد». واضاف: «اجتماع مدريد كان بداية مسيرة الحوار وليست النهاية، وفي اعلان مدريد اشارة الى عرض النتائج على الامم المتحدة، لذلك تقدمت السعودية، كعضو في الامم المتحدة، بطلب الى رئيس الجمعية العامة بان يعقد اجتماعا رفيع المستوى في الجمعية العامة بدورتها العادية لبحث موضوع الاديان والحوار بين الثقافات». وعن اهمية عقد هذا الاجتماع في الامم المتحدة، قال الدكتور رائد قربلي: «الامم المتحدة هي التي تمثل الشرعية الدولية وهي التي تجمع جميع الدول بمختلف دياناتهم ومكوناتهم ومعتقداتهم، فهو المكان المناسب لهذا المجال». ولفت الى ان «هناك سببا ثانيا، في مؤتمر مدريد، ممثلي الاديان المختلفة اتفقوا على ان هذه الاديان يجب ان تلعب دوراً واضحاً وايجابياً في مساعدة البشرية على تخطي عدة تحديات منها البيئة ومكافحة الفقر ونشر التعليم والحفاظ على الاسرة ومكافحة المخدرات والجريمة والارهاب، ولكن كيف يمكن ان يتم ذلك، الا عن طريق المؤسسات التي تمثل الدول». واضاف: «هناك المؤسسات والهياكل المناسبة في اطار الامم المتحدة ولذلك نرغب بان تكون هناك صلة بين الامم المتحدة وحوار الأديان». ولكنه اوضح بأنه لن تكون هناك آلية دائمة للربط بين الطرفين، كما انه من غير المتوقع عقد مؤتمر مماثل في الجمعية العامة برعاية السعودية لاحقاً، لكنه اكد على تواصل التعاون في هذا السياق. وأضاف: «حوار الاديان يجب ان يستمر بمعزل عن تدخل السياسة، ونحن نريد دعمه من خلال هذا الاجتماع السياسي لدعم حوار الاديان». وحول التساؤلات التي طرحت بِشأن طريقة ارسال الدعوات للدول المشاركة، شرح قربلي انه «صدرت الدعوة لعقد الاجتماع من رئيس الجمعية العامة كما تنص عليه انظمة الامم المتحدة». وعبر قربلي عن ارتياحه للاستجابة الدولية للدعوة، قائلاً: «وجدنا استجابة فاقت توقعاتنا وترحيبا كبيرا من اعضاء المجتمع الدولي لهذا الموضوع، فمن الصعب جداً ان يأتي رؤساء الدول والحكومات بعدما كانوا موجودين هنا في سبتمبر لافتتاح الجمعية العامة ولكن وجدنا حقاً استجابة فاقت التوقعات». وشدد قربلي على اهمية توصيل هذه الرسالة الى شعوب العالم ومعرفة اهمية هذا الاجتماع ودعم الحوار. وقال: «هنا اهمية وسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني والتي يجب ان تكون جزءا لا يتجزأ من مسيرة الحوار ليس فقط على الصعيد السياسي بل على صعيد الاديان المختلفة». واضاف: «الاديان تأثيرها على الانسان اقوى واوضح على الانسان العادي من اكثر تصريح سياسي، وتأثير الدين على مجريات الحياة معروف ومهم». ولفت قربلي الى ضرورة دعم كافة المبادرات المؤيدة للحوار، قائلاً: «كلها تصب في نفس الاتجاه ونحن داعمون للقرارات السابقة للامم المتحدة والاجتماعات المقبلة، الميزة هنا ان خادم الحرمين الشريفين بجرأة ونتيجة لاحساسه القوي بان هذا هو الطريق الصحيح امام البشرية، اراد ان ينخرط المسلمون على المستوى العام والجماهيري في هذه الجهود ولا يختصر على نخب خاصة او اكاديميين او مسلمين مقيمين بالغرب ولكن الجمهور العريض في الامة الاسلامية، وهي امة باركت الحوار والتفاهم والتسامح عبر القرون، خاصة ان المنطقة العربية التي تسمى الان الشرق الاوسط نبعت منها الاديان الابراهيمية وهي ملتقى لمختلف الاديان». واضاف: «نحن لسنا خارجين على مسألة الحوار والتسامح».