انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود تحدد سير الحياة اليومية لأسر غزة

يوم في حياة عائلة بالقطاع

TT

مع انبلاج الفجر، تنطلق عائشة، 57 عاماً، التي تقطن الى الشمال من مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة على ظهر عربة الحمار برفقة حفيدها محمد 10 أعوام، نحو بساتين البرتقال وكروم الزيتون التي تقع في تخوم المخيم، لجمع الحطب الذي يتكون عادة من قشور شجر الكينيا وحبيبات شجر السرو والأغصان التي تسقط من الأشجار التي تنتظم في سياجات البساتين والكروم. وبعد الانتهاء من هذه المهمة الاساسية، ينطلقان في مهمة اخرى وهي جمع الحشائش وأوراق البرتقال الخضراء المتساقطة لإطعام ما لدى العائلة من بهائم واغنام. في غضون ساعة تكون عائشة وحفيدها قد انتهيا من هذه المهمة، وعادا الى البيت. وعلى الفور تقوم عائشة بإشعال النار لإنضاج ابريق الشاي الذي اكتسى طبقة سوداء لكثرة ما انتصب فوق نار الحطب، وتسخين الخبز، اذ لا يوجد لدى هذه العائلة المكونة من اثني عشر فردا غاز معد للطهو بسبب الاغلاق الاسرائيلي للمعابر. وتستغل عائشة النار المشتعلة في طهي طعام الغداء الذي يكون عادة من الخضار أو الحبوب وبعض اللحوم المجمدة. وفي العادة لا تحرص عائشة على انضاج الطعام مبكراً فقط لاستغلال النار المشتعلة ولتوفير الحطب، وحتى لا يفسد ما لديها من لحم، إذ أن الكهرباء قطعت منذ عدة ساعات، ومن المتوقع والحالة هذه أن يتلف ما في ثلاجة العائلة.

في هذه الأثناء يكون عواد، أحد نجلي عائشة قد جلب وعائين من الفول من أحد المحال التجارية، فيتحلق رب الأسرة محمد ونجلاه وعدد من أحفاده حول أحد الوعائين، بينما تتحلق عائشة وزوجتا ابنيها وبعض الأحفاد حول الوعاء الثاني. وقبل أن ينهي رب الأسرة الستيني طعام الفطور فإذا به يسعل بشدة ويعبر عن ألمه لما ألم به من ضيق تنفس بعد أن استنشق قدراً من الدخان المنبعث من النار لأنه يعاني من الربو. اندفع عواد الى فراش والده وجلب بخاخة الفينتولين التي تساعده عادة على توسيع الشعب الهوائية لمرضى الربو فيقل الشعور بضيق التنفس، لكن هذه البخاخة لم تغير شيئاً كثيراً هذه المرة من الشعور بضيق التنفس.

ولم يكن بوسع العائلة استخدام جهاز الأوكسجين الصناعي الذي يملكه محمد لأنه يعمل بالكهرباء والكهرباء مقطوعة. ولحسن حظ محمد أن نجله عواد اهتدى الى فكرة مناسبة، حيث تذكر أن الحي المجاور لم تقطع عنه الكهرباء بعد، حيث أنه يتم قطع الكهرباء عن كل حي لفترة محددة ثم يعادة التيار الكهربائي لينقطع عن حي آخر حتى تتحمل المناطق بالتساوي العجز الناجم عن توقف العمل في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. قام عواد بنقل ابيه الى منزل أحد اصدقائه في الحي المجاور حيث تم وصل الجهاز بالكهرباء وأخذ يتنفس عبره والده حتى اختفت مظاهر ضيق النفس، ثم عاد الى المنزل.

في هذه الأثناء انهمك أربعة من الأحفاد الذين يتعلمون في المدارس ضمن الفترة المسائية في مطالعة دروسهم وحل واجباتهم المدرسية، اذ ليس بوسعهم الانتظار حتى المساء بسبب انقطاع التيار الكهربائي. وتعيش هذه العائلة على الراتب الذي يتقاضاه أحد ابنائها من العمل في مشروع مؤقت لتشغيل العاطلين عن العمل، بالاضافة الى قيام عائشة بين الحين والآخر ببيع بعض ما لديها من بهائم لتغطية مصاريف الحياة المختلفة في حدها الأدنى.