التنسيق اللبناني ـ السوري يثير «ريبة وحفيظة» قوى «14 آذار»

سعيد لـ«الشرق الأوسط»: نرفض إحياء المجلس الأعلى * نصري خوري: المؤسسات المنبثقة من المعاهدة قائمة

TT

لا يوجد على جدول أعمال مجلس الوزراء الذي سينعقد غدا في القصر الجمهوري في بعبدا ما يتعلق بموضوع «التنسيق الأمني اللبناني ـ السوري» لكن ملائكته ستكون حاضرة بالتأكيد بعد المواقف التي صدرت عن معظم أركان فريق «14 آذار» رفضا لـ«إحياء صيغ التنسيق الأمني الماضية بين البلدين». ويبدو أن مشاركة الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري نصري خوري في الاجتماع الذي ضم وزيري داخلية سورية ولبنان مطلع الأسبوع الحالي قد أثار «ريبة وحفيظة» قوى الأكثرية البرلمانية التي طالب وزراء منها بالاطلاع على محاضر الاجتماع.

غير أن الأمين العام لقوى الأكثرية، النائب السابق فارس سعيد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «14 آذار لا ترفض التنسيق بحد ذاته، بل ترفض أي لجنة تحت سقف المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري»، فيما أكد الأمين العام لهذا المجلس نصري خوري لـ«الشرق الأوسط» أن معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسورية لا تزال قائمة، وبالتالي فإن أي عمل مشترك لا بد من أن يمر تحت سقفها حتى إلغاء المعاهدة أو تعديلها وفقا للأصول.

وقال وزير من «14 آذار» رفض ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن الملف «غير مطروح عمليا على مجلس الوزراء بالمعنى الإداري، لكن بالسياسة كل الأمور خاضعة للنقاش»، جازما بأن الموضوع سيكون موضع بحث. وأوضح سعيد في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن قوى الأكثرية «لا ترفض التنسيق بين البلدين لحل الأزمات والملفات العالقة بينهما. وليس هناك رفض لزيارة (وزير الداخلية) زياد بارود إلى سورية. ولن ترفض أي مسعى لحل أزمة المعتقلين اللبنانيين في سورية وقضية التهريب عبر الحدود وترسيم هذه الحدود وضبطها وفقا للقرار الدولي الرقم 1701، لكنها ترفض إحياء أي لجنة أمنية». وقال: «هناك حكومتان في البلدين يمكنهما الاتفاق على الشكل الدستوري لهذه الملفات. ويمكنهما ايجاد الشكل المناسب الذي قد يكون عبارة عن لجان وزارية أو ادارية».

وردا على سؤال عن سبب رفض اي لجنة تحت سقف المجلس الاعلى، افاد سعيد: «المجلس منبثق من معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق التي وقعت في مرحلة الوصاية السورية على لبنان حيث كانت موازين القوى لمصلحة النظام السوري وفرضت على لبنان فرضا. أما اليوم فقد تغيرت الوقائع. السوري انسحب من لبنان وحصلت حرب يوليو (تموز) وتم انتخاب رئيس لبناني جديد وتألفت حكومة وحدة وطنية» معتبرا أنه «لم يعد مقبولا أن يتمشى نصري خوري ويستدعي فلانا وفلانا وتقام له الحفلات وتذبح له الذبائح».

أما خوري فاستغرب، في اتصال مع «الشرق الاوسط»، ما وصفه بـ«الضجة غير المبررة»، معتبرا أن هذه اللجنة ليست أمنية، بل لجنة متابعة وتنسيق، ودورها اقتراح الاجراءات المطلوبة لمكافحة الارهاب وضبط الحدود وحل المشاكل العالقة. وكلها اقتراحات خاضعة لموافقة الطرفين كشرط لتنفيذها». ورأى أن الضجة المثارة «سياسية وليست تقنية». لكنه أشار، في المقابل، الى «أن كل شيء بين البلدين يجب أن يمر تحت سقف المعاهدة طالما انها موجودة». وقال: «المعاهدة لا تزال قائمة وسارية المفعول. وكل شيء بين البلدين يجب أن يتم تحت سقفها وفي اطار المؤسسات المنبثقة منها». وأضاف: «اذا كان المطلوب الغاء المجلس، فهذا يحتاج الى بحث بين الجانبين. وهذا الامر لم يطرح رسميا بين البلدين بأي شكل من الاشكال» مشيرا الى أنه «اذا قرر لبنان أي شيء في هذا الاطار فعليه ابلاغ السوريين به. وهذا ما لم يحصل».

هذا، وقال امس النائب محمد كبارة (التكتل الطرابلسي) ان «اسئلة كثيرة طرحتها زيارة وزير الداخلية زياد بارود الى دمشق حيال توقيتها ومضامينها وانعكاساتها التي تقاطعت مع المضامين الخطيرة لخطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الاخير الذي غلفه بحلو الكلام ليخفي مرارة التوجه». واضاف: «من الاسئلة المطروحة حيال زيارة الوزير بارود السبب في استمرار الحكومة في الموافقة على موعد الزيارة، وخصوصا بعد المسلسل التلفزيوني السوري الاخير الذي عكس تجاهل نظام دمشق للحكومة اللبنانية تجاهلا كليا واعتماده شاشات التلفزة بديلا منها». وسأل: «كيف يزور وزير الداخلية اللبناني دولة تتعامل مع دولته عبر التلفزيون وليس عبر حكومته التي هو عضو فيها؟».

وابدى كبارة قلقه عن «مشاركة رئيس ما يسمى المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري في الزيارة»، متسائلا: «بأي صفة شارك رئيس هذا المجلس المعتمد في زمن الوصاية في اجتماعات عقدها وزير الداخلية اللبناني في عهد السيادة اللبنانية على الارض اللبنانية وبعد ثلاث سنوات من انسحاب القوات السورية من لبنان؟ ألا تعكس مشاركة رئيس مجلس الوصاية السورية في اجتماعات وزير داخلية الحكومة اللبنانية تجدد الوصاية السورية على القرار اللبناني، او اقله محاولة التأسيس لتجديد الوصاية السورية؟ ألا تعتبر مشاركة رئيس مجلس الوصاية محاولة استباقية لتأكيد الابقاء على هذا المجلس على الرغم من مطالبات الاستقلاليين اللبنانيين بإلغائه وإلغاء مفاعيله وذكريات زمانه المؤلمة؟».

اما وزير الدولة خالد قباني (تيار المستقبل) فرأى «ان زيارة وزير الداخلية زياد بارود الى سورية وضعت الامور في نصابها وأنتجت الاغراض من تحقيقها». وقال: «الوزير بارود حاول معالجة المواضيع تحت سقف البيان الرئاسي الذي صدر بعد زيارة الرئيس سليمان الى سورية، اي في اطار المواضيع التي طرحت ضمن هذا البيان. ومنها بطبيعة الحال العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ومعالجة ملف المفقودين وضبط الحدود ومنع التهريب».

ورأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فريد حبيب أن «العلاقات اللبنانية ـ السورية تعثرت في زمن الوصاية. والسوريون الذين مارسوا الهيمنة على لبنان والسيطرة عليه لا يعترفون به دولة مستقلة». وقال: «نريد أطيب العلاقات مع الشعب السوري ونحن نكن له كل المحبة. لكن مشكلتنا مع النظام السوري الحالي أنه لا يعترف بكيان لبنان وبسيادته وحرية القرار فيه. ونحن نريد علاقات بين دولة ودولة. أما أن يصار إلى بث اتهامات ضد فريق معين من اللبنانيين بأنه وراء التفجيرات، فلم يعد ذلك ينطلي على أحد. وهذا كله لعرقلة الوضع في لبنان وممارسة الضغوط قبل الانتخابات النيابية على الشعب اللبناني بأنه لن يسمح له بأن يستريح قبل العودة إلى الهيمنة على لبنان. وهذا ما سيقاومه الشعب اللبناني بكل قواه».