وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط: علينا تحدي وعزل الأصوات القليلة التي تشوه الدين

رامل قال لـ«الشرق الاوسط» إن زيارة وزير الخارجية إلى سورية ضمن أجندة التواصل

TT

شدد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط بيل رامل على أهمية عقد اجتماع «ثقافة السلام» في الجمعية العامة في نيويورك امس، قائلاً: «لا اعتقد بأنه كان هناك وقتاً اكثر اهمية من ان يتحدث الناس من كل الاديان مع بعضهم البعض، ما يوحدنا اكثر بكثير مما يفرقنا، بغض النظر عن دين الشخص او حتى ان لم يكن يتبع ديانة معينة، هناك اهداف مشتركة حقاً مثل مكافحة الفقر والتهديد للبيئة ومعالجة الصراعات». وأضاف: «لهذا من الضروري العمل عبر الاديان على هذه القضايا، بالاضافة الى تحدي وعزل الاصوات القليلة التي تقدم صورة مشوهة للدين والايمان من اجل تبرير القتل والارهاب». وأشاد رامل بالاجتماع الذي جاء بمبادرة العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قائلاً: «الفكرة وراء هذا المؤتمر جيدة جداً، كما ان خطاب الملك عبد الله كان مهماًَ جداً اذ ندد بشكل قاطع بأولئك الذين يشوهون صورة الاسلام من اجل تبرير قتل الاخير، فكان هذا الخطاب مؤثراً وقوياً جداً». وشهد المؤتمر حديثا حول الارهاب والنواحي الامنية لحوار الاديان، وعلق رامل على ذلك قائلاً: «لقد اتسعت رقعة النقاش، لكن مازال موضوع مكافحة الارهاب ضرورياً واساسياً». واضاف: «هناك اقلية صغيرة جداً تشوه الاديان من اجل تبرير الجريمة، وكلما سعى الناس، اذا كانوا مسيحين أم مسلمين ام من ديانة اخرى، للتشاور واظهار القيم المشتركة بيننا ترسل رسالة ضد الارهاب والقتل وتظهرها بأنها تشويهاً». ولفت رامل الى ان بريطانيا تقوم باجراءات «فعالة وعملية» للعمل في هذا الصدد، منها تدريب الائمة والرجال الدين ومراجعة الكتب الدراسية. وتابع: «يمكننا التعلم من بعضنا البعض من اجل تحسين عملنا». ومن اللافت انه اثناء المؤتمر كانت الاشارة الى التطرف اكثر من الاشارة الى كلمة الارهاب التي كانت تسبب بعض الخلافات السياسية حول معناها. وامتنع رامل عن الخوض في المسميات من قبل دول اخرى، وعلى الاخص الولايات المتحدة وما سمته ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش بالحرب على الارهاب. لكنه قال: «يمكنني الحديث عما حصل في المملكة المتحدة، فبعد تفجيرات لندن (في يوليو (تموز) 2005) عملنا جاهدين في الحكومة لمعالجة هذه المسألة وقضينا الكثير من الوقت على مسألة اللغة والمصطلحات المستخدمة، فكان من الضروري توضيح بأنه من غير المقبول تشويه الدين من اجل تبرير القتل ولكن في الوقت نفسه كان من الضروري الا تساهم المصطلحات المستخدمة في عزل الناس».

وأضاف: «لقد مررنا بهذه العملية في حكومتنا وانني متأكد بأن حكومات اخرى مرت بها». وتابع رامل بأن المسلمين عانوا من الارهاب مثل غيرهم، موضحا: «لقد مات مسلمون في تفجيرات لندن ودائماً اقول بأن الغالبية العظمى من المسلمين يتعرضون لنفس التهديد من الارهاب وتطرف العنيف كغير المسلمين». وفي ما يخص الانتخابات الاميركية الاخيرة وتأثير انتخاب باراك اوباما رئيساً على نهج الحوار العالمي والتصدي للتطرف، قال رامل: «أعتقد أن فوز أوباما كان مثيراً، بسبب الامل والحماس المنطلقين في الولايات المتحدة وحول العالم. كان اختيار اميركي من اصول افريقية لدخول البيت الابيض انجازاً مهماً وتاريخياً، وهذان العاملان سيعطياه الفسحة السياسية التي ستساعده على كسب تأييد بعض الناس الذين لم يكن من الممكن كسبهم في السابق». ولكنه اردف قائلاً: «سنكون غافلين اذا لم نعترف بأن الحقيقة الصعبة في هذا الحوار هي: هل من المسموح قتل شخص بسبب دينه؟. وفي هذا الصدد سيكون باراك اوباما بنفس شدة جورج بوش». وعن رسالة المملكة المتحدة للاجتماع، قال الوزير البريطاني: «نحن نرى التواصل والحوار فائق الاهمية، واننا ندعم جملة من الاجراءات في بلدنا وكافة البلدان للتواصل مع الناس وتوصيل صورة بأنه لا يوجد صدام حضارات او صراع بين الاسلام والغرب، فالغالبية العظمى من كل الدول والاديان ضد اقلية صغيرة جداً تسيء الى الدين وتحاول استغلاله لتبرير القتل». وتحدث رامل حول أهمية الحوار من اجل استقرار العالم وخاصة الشرق الاوسط. وقال: «لدينا دور مهم في المنطقة ونحاول التنسيق بين الاطراف المختلفة، ونحاول ان نعمل على تفعيل مبادرة السلام العربية ودفع اسرائيل للعمل على قضية الاستيطان، وعندما نحرز التقدم في عملية السلام في المنطقة ستكون مبنية على التقدم التدريجي». وجاء حديث رامل قبل أيام من توجه وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الى الشرق الاوسط، حيث يزور سورية، وهي الزيارة الاولى من مسؤول بريطاني رفيع المستوى الى دمشق منذ سنوات. وقال رامل: «الزيارة الى دمشق لم تأت فجائية، فنحن كنا نتحدث الى السوريين حولها منذ اشهر عدة والهدف منها للنظر في دور سورية المهم في لبنان، وقد رأينا تحسناً هناك، بالاضافة الى علاقتها بالعراق، وثالثاً دورها الاوسع في عملية السلام».

وأضاف: «نريد توصيل رسالة بأن للسوريين دوراً مهماً يمكن لهم ان يلعبوه ولقد رأينا تطورات جيدة منها العلاقات الدبلوماسية السورية ـ اللبنانية وفتح مسار التفاوض بين السوريين والاسرائيليين، بالاضافة الى زيارة وزير الخارجية وليد المعلم الى لندن حيث قدم دعوة للوزير ميليباند». وتابع: «يجب الا نبالغ في التركيز على الزيارة ولكنها جزء من اجندة اوسع للعلاقات مع سورية». وحول التقارير عن وجود اثار لليورانيوم في موقع القصف الاسرائيلي لسورية، قال رامل: «من المؤكد سيتم التطرق لهذه المسألة ونتطلع الى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لنعرف ماذا جرى»، دون الخوض في تفاصيل، مشدداً على ضرورة انتظار تقرير الوكالة الدولية.

وفي ما يخص القصف الجوي الاميركي على سورية، الذي كان عشية زيارة المعلم الى لندن، قال: «ليس من الواضح ماذا جرى بالضبط ولكن الامر المهم هو انه هناك حوار قائم ليس فقط بيننا وبين السوريين، بل مع الاميركيين ايضاً ومن الضروري ان يستمر». وأضاف: «للتوصل الى سلام في المنطقة يجب ان يكون هناك دور سوري ومن الضروري ان نبقي على نهج الحوار». وستكون عملية السلام على اجندة ميليباند في جولته، وكانت صحف اسرائيلية انتقدت السياسة الخارجية البريطانية خلال الايام الماضية بسبب اصرار ميليباند وغيره من المسؤولين البريطانيين على ضرورة تفكيك المستوطنات. وقال رامل: «لدينا معالجة عادلة في هذه مسألة الشرق الاوسط ومنذ سنوات نحن ندعم مبادرة السلام العربية واعتراف الدول العربية بحق اسرائيل بالوجود، ولكن في الوقت نفسه نشدد على ان التوصل الى عملية السلام يحتاج الى وقف النشاط الاستيطاني». واضاف: «نحن واضحون جداً بأن المستوطنات غير قانونية في الاراضي المحتلة وتعمل كحاجز اساسي لمنع التقدم السياسي لحل هذه القضية». ورداً على سؤال حول سبب رفض السياسيين الاسرائيليين بوقف الاستيطان، قال رامل: «لقد رأينا تقارير اخبارية تقول الرئيس الاسرائيلي شيمعون بيريز بأن الاستيطان يشكل مشكلة وأعتقد أن هناك اعترافاً بذلك ولكن هناك حملة انتخابية في اسرائيل وستؤثر على هذا الشأن». وأضاف: «لكن امل ان الحكومة الجديدة في اسرائيل ستعمل على وضع حد لذلك». وانتقالاً للعراق، قال رامل: «في اطار الحوار ما بين الاديان، بغض النظر عما اذا كان الناس يوافقون مع ما فعلناه في العراق ام لا، لم تكن هذه المسألة في اطار صراع الحضارات أو صراع بين الاسلام والغرب، ونحن عملنا ذلك لأننا تصورنا ان ذلك المسار الصحيح». واضاف: «هناك تقدم في العراق الان، الحكومة العراقية تعمل وهناك انتخابات محلية مقبلة وهناك ديمقراطية ناشئة في العراق وامل ان الذين اختلفوا معنا حول العراق في السابق ان يركزوا الان على سبل دعم العراق وتقدمه الى الامام». وتابع: «نحن نتطلع الى تغيير في دور القوات البريطانية في العراق في النصف الاول من العام المقبل ضمن هذا التقدم». وتعمل المملكة المتحدة حالياً على عقد اتفاقية امنية مع العراق قبل انتهاء العام الجاري حيث ينتهي تفويض الامم المتحدة. وعبر رامل عن امله في توقيع الاتفاقية خلال الاسابيع الثلاثة المقبلة، قائلاً: «هذه مسألة مهمة جداً للعراق، فخلال العام الماضي شهدنا تقدماً سياسياً حقيقياً للعراق وهذه الاتفاقية ستمثل نقطة تقدم في هذا المسار وستكون القوات الاميركية والبريطانية في العراق بناءً فقط على موافقة الحكومة العراقية بدلاً من الامم المتحدة وزيادة السيادة العراقية، هذا امر جوهري وسيكون الاسبوعان او الثلاثة المقبلة في غاية الاهمية». وفي حال لم يتم الموافقة على الاتفاقية الامنية، قال رامل: «سيكون بامكاننا العودة الى مجلس الامن ولكنني اعتقد بأن ذلك سيعطي رسالة خاطئة حول تقدم العراق السياسي». واضاف: «لا اتصور ان هناك امور فنية عالقة، ربما في المسودات الاولى ولكن الآن الحكومة العراقية حصلت على اتفاقية جيدة جداً». وتابع: «حان الوقت لان يعمل السياسيون العراقيون على اطلاع الشعب العراقي واظهار ما استطاعوا تحقيقه». وعن دور ايران في الضغط على بغداد لرفض الاتفاقية، قال رامل: «مازالت ايران تريد ان تلعب دوراً في كافة الشرق الاوسط وذلك يثير قلقنا، في العراق وفي ما يخص ملفها النووي، اذ معروفة مصادر قلقنا في هذا الشأن». واردف قائلاً: «لكن هناك حكومة عراقية منتخبة ويمكنها كسب الكثير من خلال توقيع هذه الاتفاقية واستعادة سيادتها». وفي ما يخص ايران، قال: «ايران تشكل مصدر قلق ليس فقط لبريطانيا بل للمجتمع الدولي وامامها فرصة للاختيار بين الحوار والحصول على التقنية النووية المدنية وعلى ايران اختيار ما تريده»، من خلال العرض الذي قدمت الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا لها.