الصومال: مليشيا الشباب الأصولية تقترب من مقديشو

الرئيس يفكر في الاستقالة بعد انهيار الوساطة الإثيوبية

TT

واصلت مليشيا «الشباب» الأصولية، المعارضة للحكومة الانتقالية الصومالية تقدمها أمس ودخلت بلدة صغيرة على مشارف العاصمة مقديشو قرب نقطة تفتيش يحرسها جنود اثيوبيون، مما أثار مخاوف بين السكان من تجدد القتال.

ويمثل التقدم الذي أحرزته المليشيا هذا الاسبوع باتجاه العاصمة انتكاسة محتملة لعملية سلام وليدة تتوسط فيها الامم المتحدة لإنهاء 17 عاما من الصراع في البلد الواقع في القرن الافريقي. ودخل مقاتلو مليشيا الشباب المدرجة في القائمة الاميركية للجماعات الارهابية الاجنبية بلدة ايلاشا أثناء الليل على بعد كيلومترين من سينكا طير التي يتمركز فيها جنود اثيوبيون. وتقع سينكا طير على بعد 15 كيلومترا جنوب غربي مقديشو.

واستولت المليشيا الاربعاء على مركا، وهي ميناء استراتيجي على بعد 90 كيلومترا جنوب غربي مقديشو يستخدمه برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة لتوصيل المساعدات الغذائية، وهو ما اعطى مليشيا الشباب أقرب موطئ قدم لها حتى الآن من مقديشو. من جهة ثانية، علمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس الصومالي الانتقالي عبد الله يوسف يفكر جديا فى تقديم استقالته من منصبه بعدما أخفقت جهود الوساطة الاثيوبية لتقريب وجهات النظر بينه وبين رئيس حكومته العقيد نور حسن حسين (عدى).

ودعا يوسف، الذي وصل بشكل مفاجئ إلى العاصمة الكينية نيروبي، كل أعضاء البرلمان الصومالي الموجودين هناك إلى غداء عمل اليوم، لاطلاعهم على تفاصيل خلافاته مع العقيد عدى. وتأتى هذه التطورات في وقت تقترب فيه مليشيات المعارضة الإسلامية وخاصة حركة الشباب المجاهدين المتشددة من تخوم العاصمة الصومالية مقديشو، تمهيدا لغزوها بعدما نجحت الحركة مؤخرا في السيطرة على عدة مدن دفعة واحدة في وسط وجنوب الصومال.

ولم يستكمل الرئيس الصومالي عبد الله يوسف محادثاته مع رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوى ووزير خارجيته سيوم سيفين وقطع زيارته التي بدأها أول من أمس إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بشكل مفاجئ وعاد إلى العاصمة الكينية نيروبي في طريقه إلى بلاده. وأكد محمد علي سفير الصومال لدى كينيا في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من نيروبي نبأ وصول يوسف إليها، إلا أنه امتنع عن الخوض في التفاصيل، مكتفيا بالقول «إن الرئيس الانتقالي وصل بالفعل إلى نيروبي في طريقه إلى العاصمة الصومالية مقديشو».

وساد الغموض أمس مصير السلطة الصومالية وسط مخاوف من أن يتحول الخلاف بين يوسف وعدى إلى صراع حقيقي على الحكم. وقالت مصادر صومالية مطلعة إنها لا تستبعد أن يكون يوسف يفكر جديا في إعلان استقالته من منصبه الذي يتولاه منذ شهر أغسطس (آب) عام 2003 والذي ستنتهي فترته الأولى بحلول العام المقبل.

ومع أن المصادر اعتبرت أن قرار يوسف ما زال قيد التفكير، لكنها أكدت لـ«لشرق الأوسط» أن الخلافات بينه وبين رئيس وزرائه العقيد نور عدى قد وصلت إلى ذروتها، مشيرة إلى أن قطع يوسف لزيارته لأديس أبابا على صلة بهذه الخلافات وبتأكد يوسف شخصيا من استحالة التعامل مع عدى.

وأوضحت المصادر أن رغبة يوسف في الاستقالة من منصبه والتقاعد تعكس استياءه من موقف إثيوبيا من خلافاته مع عدى، مشيرة إلى أن يوسف لا يريد أن يتحمل أي مسؤولية عن تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية في البلاد. وفيما نفى مقربون من الرئيس الصومالي أن يكون بصدد إعلان تنحيه طواعية عن منصبه، قال أحد المصادر المحسوبة عليه «لا نعتقد أن هذا صحيح، الرئيس رجل عسكري لا يتخلى بسهولة عن ساحة المعركة، ربما هو يستعد لمرحلة تالية لكنه بالقطع لن يتقاعد».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مشادة كلامية حادة قد اندلعت بين يوسف وكبار مسؤولي الحكومة الإثيوبية من جهة وبينه وبين رئيس وزرائه من جهة أخرى، قد دفعته الى اتخاذ قراره بمغادرة إثيوبيا على عجل وخلافا للمتوقع، تعبيرا عن انهيار جهود الوساطة الإثيوبية بين الطرفين.

وتأتي هذه التطورات بعدما قررت قمة دول منظمة الإيقاد في اجتماعها الأخير في نيروبي منح مهلة أسبوعين لتشكيل الحكومة الصومالية الجديدة. وكان يوسف وعدى قد وصلا أمس بشكل منفرد إلى أديس أبابا تلبية لدعوة عاجلة من رئيس الحكومة الإثيوبية ملس زيناوي لحسم الخلافات العالقة بينهما على خلفية رفض يوسف الموافقة على تشكيلة الحكومة الجديدة لعدى والتي خلت قائمتها من عشرة وزراء حلفاء له كانوا قد استقالوا من مناصبهم مؤخرا في محاولة لإجبار العقيد عدى على تقديم استقالته.

ويتهم يوسف رئيس وزرائه بوضع الجيش الحكومي تحت سيطرة الحكومة الإثيوبية والإصرار على المضي قدما في مفاوضات سلام مع مختلف الجماعات المناوئة للسلطة الانتقالية من دون إجبارها على الالتزام بالتخلي عن السلاح أو وقف العنف الدائر في البلاد.