الأمير سعود الفيصل يؤكد على ضرورة إنشاء لجنة مستقلة لمتابعة حوار الأديان

مؤتمر حوار الأديان ينهي أعماله في الأمم المتحدة بتوجيه نداء لنشر ثقافة التسامح

الأمير سعود الفيصل خلال المؤتمر الصحافي الختامي أول من أمس في نيويورك (أ. ف. ب)
TT

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على أهمية وضرورة إيجاد آلية مناسبة لاستكمال حوار الأديان الذي انطلق من مكة ومن ثم في مدريد وأخيرا في الأمم المتحدة بنيويورك. وعبر الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون عن ارتياحه من نتائج الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة لحوار الأديان. وأشاد الأمير سعود الفيصل بالدعم الدولي الواسع لاجتماع حوار الأديان الذي تم التعبير عنه من خلال بيانات رؤساء الدول والحكومات والوفود المشاركة في الاجتماع الذي اختتم أعماله مساء يوم أول أمس. وقال وزير الخارجية السعودي خلال المؤتمر الصحافي «ان الدعم الدولي المكثف لمبادرة الملك الخاصة بحوار الأديان يظهر الحاجة الماسة للتمسك بمبادئنا وقيمنا المشتركة واستعادة الخلفية الأخلاقية في تعاملاتنا كدول ومجتمعات وفي الحفاظ على وحدة الأسرة وعلى نشر ثقافة السلام والوئام». وشدد الامير سعود الفيصل على ضرورة «الاعتماد على الحوار في مواجهة كافة مظاهر الانقسام ورفض ما يسمى بصراع الحضارات». وتابع: «إن مواجهة هذه الاحتياجات سيضمن أمن واستقرار ورفاهية الإنسان». وجدد التأكيد على «أن أساس الأديان والمعتقدات يقوم على نشر السلام بين البشر والدعوة إلى نفس القيم المشتركة وليس الحث على الصراع والمواجهة». وأشار الأمير الفيصل إلى أن حوار الاديان قد بدأ في مكة قبل مدريد وبموافقة أكثر من 500 من علماء الدين الإسلامي ومن مختلف أنحاء العالم وتلاه مؤتمر مدريد للأديان. وأضاف «أن حوار الأديان يعد حيويا أيضا لجهود الأمم المتحدة في مواجهة المشاكل التي تواجه الإنسانية أذ يضع الأساس الصحيح لمبادئ التسامح والاحترام المتبادل والحفاظ على الكرامة الإنسانية وعلى وحدة الأسرة ولمكافحة الجهل والفقر والمخدرات والعنف والتطرف والجريمة والإرهاب وقضايا أخرى تندرج تحت مهام الأمم المتحدة ووكالاتها المختصة». وشدد وزير الخارجية السعودي على ضرورة إيجاد الآلية المناسبة لمتابعة حوار الأديان، مشيرا الى اللجنة التي سيتم تشكيلها لمتابعة حوار الأديان. وأوضح: «أن اللجنة سيشكلها الأعضاء الذين حضروا في مدريد وهم الذين سيجدون أسلوب التعاطي مع كيفية قيام هذه اللجنة وكيفية رئاستها ومكان ومواعيد اجتماعها والمواضيع التي ستتطرق لها». وحرص وزير خارجية السعودية على التأكيد على «استقلالية اللجنة من قبل أي طرف كان سواء عن طريق التمويل أو الوقفية». وتابع يقول «ان كل هذه الأمور متروكة لقرار اللجنة نفسها، ولا أعتقد أن من الممكن أن نحدد لها أي تفاصيل في طريقة عملها». وبين الأمير سعود الفيصل أن المشاركين في مؤتمر مدريد لحوار الأديان قد اتفقوا على وضع الآيديولوجية والعقيدة جانبا وجرى التركيز على القيم المشتركة وقال «ان الوصايا العشر تتفق عليها كل الأديان». وشدد على أهمية السماح لعملية حوار الأديان أن تواصل مسيرتها من أجل العمل معا من أجل السلام والوئام. وأوضح الأمير سعود الفيصل أن السعودية هي مركز الإسلام وخادمة الحرمين الشريفين وتستقبل سنويا ملايين من المسلمين وأنها مسؤولة عن رغبة وتطلعات كل المسلمين في العالم.

الى ذلك، قال وزير الخارجية السعودي ان مبادرة السلام العربية «هي صفقة كاملة وغير قابلة للتجزئة ولا يمكن تقسيمها إلى جزء مقبول وغير مقبول». واستبعد الأمير سعود الفيصل اتخاذ أي خطوات باتجاه التطبيع مع إسرائيل، وأوضح قائلا «لا يزال أمامنا طريق طويل لنكون قادرين على القول إن العرب والإسرائيليين يتفقون بشكل كامل على الكيفية التي ينظرون فيها إلى مبادرة السلام العربية». وفي تقديمه للبيان الختامي للاجتماع الرفيع المستوى لحوار الأديان أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن امتنانه العميق لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود. وقال «أن جهوده الرائعة قد أثمرت هذه المبادرة للحوار بين الأديان في الجمعية العامة». وكما أعرب أيضا عن تقديره لدعم رئيس الجمعية العامة القوي لعقد الاجتماع ومساهمة رؤساء الدول وكبار مسؤولي الحكومات الذين تجاوز عددهم 75 دولة عضو «الذين تجمعوا لدعم التسامح والاحترام والتفاهم المتبادل». وقال بان كي مون «إن الدول الأعضاء أكدت في البيان الصادر عن الاجتماع رفضها لاستعمال الدين لتبرير قتل الأبرياء وعمليات الإرهاب والعنف والقسر وقد بعثت الجمعية العامة رسالة قوية إلى العالم». وأكد الأمين العام بان كي مون أن مبادرة الملك عبد الله أتت في وقت كانت الحاجة ماسة فيه إلى الحوار بين الأديان والثقافات والحوارات أقوى منها في أي وقت سابق. وتابع يقول «انها جمعت الناس الذين قد لا تسنح لهم فرصة أخرى للتفاعل وسوف تساهم هذه المبادرة إلى جانب مبادرات أخرى في بناء عالم أكثر انسجاما». وذكر الأمين العام ان الاجتماع أكد مجددا مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وأوضح أن الاجتماع قد أشار إلى أن جميع الدول قد تعهدت بموجب الميثاق بأن تدعو الى احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بما فيها حريات العقيدة والتعبير بدون التمييز بين العرق والجنس واللغة أو الدين. واضاف بان كي مون يقول «ان الدول المساهمة التي تشعر بالقلق إزاء الحوادث الخطيرة للعنف والتمييز وتعبيرات الكراهية واضطهاد الأقليات الدينية باختلاف عقائدها قد أكدت على أهمية الدعوة إلى الحوار والتفاهم والتسامح بين البشر، وكذلك أكدت على احترام جميع أديانها وثقافاتها وعقائدها المنوعة». وبين «ان الدول المساهمة أكدت على رفضها لاستعمال الدين لتبرير قتل الأبرياء وأفعال الإرهاب والعنف والقسر والتي تتناقض مباشرة مع التزام جميع الأديان بالسلام والعدل والمساواة». وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن الدول المساهمة أعربت عن التزامها بتقوية ودعم الآليات الموجودة في إطار الأمم المتحدة لترويج ثقافة التسامح وحقوق الإنسان والحفاظ على المؤسسة الأسرية وحماية البيئة ونشر التعليم والقضاء على الفقر ومكافحة إساءة استخدام المخدرات والجرائم والإرهاب مشيرة الى الدور الإيجابي للأديان والعقائد والمبادئ الإنسانية الأخلاقية في التعامل مع هذه التحديات. وكان مؤتمر حوار الاديان قد أختتم اعماله ليل اول من امس باعلان يؤكد تمسك المشاركين بنشر التسامح واحترام الثقافات والديانات المختلفة. وشدد المشاركون في اعلان تلاه على الصحافيين بان كي مون بمشاركة الامير سعود الفيصل على «اهمية نشر الحوار والتفاهم والتسامح بين البشر واحترام المعتقدات والديانات والثقافات المختلفة».

وضم المؤتمر على مدى يومين ممثلين عن 80 دولة بينهم 20 رئيس دولة او حكومة بمبادرة من الملك عبد الله بن عبد العزيز. وقد اجمع المتعاقبون على الكلام على الاشادة بهذه المبادرة الايجابية الهادفة الى فهم اكبر للثقافات. ودعا رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون داعيا الى الوحدة في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات اقتصادية. وقال براون في كلمته بنيويورك ليل اول من امس «طريق التقدم لا تكون عندما تعمل الدول بشكل منفرد او ضد بعضها البعض بل عندما تعمل معا».