سلام فياض يدعو «الرباعية» إلى استعادة دورها في متابعة المفاوضات وتنفيذ خريطة الطريق

طالب الأوروبيين بالتحرك لحماية السلام

TT

طالب رئيس الوزراء الفلسطيني، سلام فياض، أطراف اللجنة الرباعية باستعادة دورها في مراقبة تنفيذ مضمون خريطة الطريق الذي تتولاه الولايات المتحدة منذ مؤتمر أنابوليس العام الماضي. ودعا فياض الذي رفض مبدأ إقامة دولة فلسطينية ـ إسرائيلية كبديل عن دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، الى مزيد من «الشراكة» في أعمال اللجنة الرباعية لتمكينها من القيام بمهمتها الأساسية، معتبرا أن مطالبة الاتحاد الأوروبي بـ«المشاركة» في الإشراف على تنفيذ خريطة الطريق ومتابعة المفاوضات مع إسرائيل ليس بالضرورة «إضعافا» للدور الأميركي أو «حلولا» محل واشنطن.

وكان فياض يتحدث في مؤتمر صحافي بدعوة من نادي الصحافة العربية في باريس في اليوم الثاني والأخير من زيارته لفرنسا حيث التقى رئيس الحكومة فرنسوا فيون، ووزير الخارجية برنار كوشنير، وألقى محاضرة عن مشكلة المياه في فلسطين في «اليونيسكو» بدعوة من مؤسسة الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك.

وجاء الحديث عن «شراكة» أوروبية في إطار مسعى دول الاتحاد الأوروبي للعب دور سياسي في المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية و«الإشراف» على تنفيذ خريطة الطريق. ويشكل هذا المطلب أحد أهم البنود الواردة في «الوثيقة الأوروبية» التي حملها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الى واشنطن في بحر هذا الأسبوع ونقلها الى معاوني الرئيس المنتخب باراك أوباما. غير أن فياض الذي قال إنه بحث موضوع الدور الإضافي للاتحاد الأوروبي مع المسؤولين الفرنسيين وغير الفرنسيين لم يطالب صراحة بدور محدد لهذا الاتحاد في الإشراف على المحادثات التي انطلقت مجددا في أنابوليس أو متابعة تنفيذ الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لخريطة الطريق، بل أبقى دعوته في إطار العموميات، أي تفعيل دور الرباعية ككل وضرورة تحمل مسؤولياتها في متابعة العمل بخريطة الطريق. واعتبر فياض أن «الخلل يكمن في تخلي الرباعية عن مهامها في الإشراف و المتابعة».

وتساءل رئيس الوزراء الفلسطيني الذي يحظى بتقدير كبير لدى المسؤولين الفرنسيين: «ما الذي يمنع أطراف الرباعية عن المطالبة بالإطلاع على التقارير الأميركية وعلى المعلومات التي تتضمنها؟». غير أن مصادر فرنسية رسمية أعربت لـ«الشرق الأوسط» عن «دهشتها» من غياب مطالبة فلسطينية رسمية وواضحة بدور أوروبي أكبر في عملية المفاوضات. وعلمت «الشرق الأوسط» أنه خلال الاجتماع الأخير للجنة الرباعية على المستوى الوزاري في شرم الشيخ الأحد الماضي، رفض الجانب الأميركي إدخال تعديل على البيان الختامي الذي صاغه مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، ديفيد وولش، يقضي بإعطاء دور أكبر للاتحاد الأوروبي. وعندما أثار الجانب الفرنسي هذا الموضوع كان الجواب أن «البيان جاهز ولا يمكن تعديله». واشتكت مصادر فرنسية من «انفراد» الأميركيين بتقاريرهم التي لا تطلع عليها الرباعية. وفي أي حال، فإن البيان الختامي ينص في إحدى فقراته على امتناع أي «طرف ثالث» عن التدخل في مسار المفاوضات إذا لم يكن ذلك بناء على طلب من الجانب الإسرائيلي أو الفلسطيني.

وعقب اجتماعه بفياض، كشف كوشنير، الذي يركز باسم فرنسا والاتحاد الأوروبي، على ضرورة أن يكون الموضوع الشرق أوسطي «أولى أولويات» الإدارة الأميركية الجديدة، ان اجتماعا جديدا للرباعية سيعقد في باريس قبل نهاية الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي أواخر هذا العام. كذلك سيعقد اجتماعان للجنة المتابعة المنبثقة من مؤتمر باريس لدعم الفلسطينيين، الأول في ديسمبر (كانون الأول) والثاني في الشهر الذي يليه. لكن المصادر الفرنسية تعتقد أن أوباما «سيولي المسائل الداخلية والمالية والاقتصادية» الأولية. وعلى صعيد آخر، طالب فياض الأسرة الدولية بالتحرك لحماية مسيرة السلام من الخطر الذي يتهددها وهو استمرار إسرائيل وتسريعها في بناء المستوطنات. وأعرب عن استغرابه من أن موضوع المستوطنات التي تسرع إسرائيل في بنائها «ليس محل نقاش» في المجتمع الإسرائيلي قبل الانتخابات التشريعية.

ولم يتردد رئيس الحكومة في الإعراب عن «دهشته» من أن الأطراف الدولية تكتفي بالإدانة ولا تلجأ الى تدابير محسوسة لحمل إسرائيل على تغيير نهجها الاستيطاني. وحث فياض الاتحاد الأوروبي على العمل بما يخوله إياه اتفاق الشراكة مع إسرائيل لجهة حرمان البضائع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية من التسهيلات الجمركية التي تستفيد منها إسرائيل، معتبرا أنه لو فعل ذلك لكانت المستوطنات في قلب النقاش السياسي في إسرائيل. وفي موضوع الحوار الوطني المجهض، حمل سلام فياض حركة حماس مسؤولية الفشل واستمرار الانقسام الفلسطيني، وأكد أن «لا بديل» عن الورقة المصرية التي هي الحل وأنه إذا قبلت حماس العمل بها، فإن حكومة وحدة وطنية من عشرين شخصية متفق عليها «ستتشكل بعد 24 ساعة».

والتزم فياض موقفا قاطعا من الطروحات التي تطرح من داخل الفريق الفلسطيني الحاكم بخصوص العودة الى فكرة الدولة الواحدة الفلسطينية ـ الإسرائيلية في حال لم تفض المفاوضات الى نتيجة. وكان أحمد قريع قد طرح هذه الفكرة في 22 الشهر الماضي في باريس حيث اعتبر أن أمام الفلسطينيين عدة خيارات، منها خيار المقاومة أو خيار الدولة الواحدة لشعبين. إلا أن رئيس الحكومة الفلسطيني رأى أن هكذا خيارا هو بمثابة «القفز في المجهول العبثي» وأن السلطة الفلسطينية «متمسكة بحل الدوليتين»، وهو ما يحظى بإجماع عالمي. وتساءل عما ستكون عليه ردة فعل المجتمع الدولي إذا ما غير الفلسطينيون طرحهم الثابت حتى الآن؟