ضربت هزة أرضية هولندا عام 1990 وامتدت إلى غرب ألمانيا الذي يعتبر أكثر ولايات ألمانيا كثافة بالسكان. واضطرت السلطات لوقف المرور على جسور الراين وعلى جسور الطرق السريعة لأكثر من يوم بهدف إتاحة الفرصة للمهندسين للتأكد من عدم تضرر أحد هذه الجسور وانهيارها. ويمكن للمهندسين الآن الاعتماد على «سوفت وير» يحلل الصور المأخوذة للجسور بثوان ويكشف بالطيف الشمسي عن أية شروخ أو أضرار لحقت ببنية الجسور.
وتم تطوير «السوفت وير» والكاميرات من قبل معهد فراونهوفر الألماني المعروف بالتعاون مع شركة «انفراكوم» الإيطالية. ويفترض النظام أخذ صور للجسور وهي سليمة تماما ثم ألتقاط الصور لها بعد فترة زمنية. ويقوم الكومبيوتر بمقارنة الصورتين وكشف كل مواضع التآكل والتأكسد والشروخ ويحسب مدى خطورتها على السيارات والبشر. وهذا يعني أن «السوفت وير» لا يوفر ضمانة ضد الهزات الأرضية والكوارث الطبيعية فحسب، وإنما يراقب كل ما تتركه الطبيعة والزمن على الجسور من خراب وهشاشة.
وطبيعي يمكن لـ«السوفت وير» أن يوفر على السلطات وشركات التأمين والبناء الكثير من الوقت والجهد والمال. فهو لا يتطلب إرسال فرق الرقابة الهندسية وأجهزتهم الثقيلة ومختبراتهم إلى مواقع الجسور لأنه يعتمد تحليل الصور بالطيف الشمسي. كما أن سهولة استخدامه وسرعته توفران ضمانات أمنية طويلة المدى لشبكة الطرقات والجسور.
والمهم في النظام أنه لا يتطلب حضور المهندسين بأنفسهم إلى موقع الجسر لإجراء الفحوصات. ويمكن تركيب الكاميرات على السيارات أو على طائرات الهليكوبتر أو على طائرات الرقابة التي تعمل بدون طيار. وتتولى هذه الوسائط أخذ الصور ونقلها إلى مركز يتولى المهندسون فيه تحليل الصور وكشف الأضرار بالجسور.
وتخطط السلطات الألمانية لاستخدام السوفت وير في الكشف عن نحو 120 ألف جسر في ألمانيا، تشكل جسور الطرق السريعة الجزء الأعظم منها. وسبق لنادي السيارات الألمانيADAC أن أجرى دراسة على 50 جسرا عميقا من هذه الجسور على الطرق السريعة وتوصل إلى وجود خلل في 10% منها. وقال خبراء النادي أن 5 جسور فشلت في امتحان الصلاحية وأنها تتطلب ترميمات جدية.
وذكر الباحث ماركوس راوهوت، من معهد فراونهوفر، أن السوفت وير لا يفوته أي ضرر يلحق بالجسور، حتى الشروخ الشعرية، ويتفوق بالتالي على العين البشرية (الخبراء) وعلى المختبرات. فالطريقة المعتادة التي يستخدمها المهندسون للكشف عن الشروخ هي لصق المواقع المشكوك بها بالبلاستر لملاحظة توسعها لاحقا، في حين أن «عين السوفت وير» تصور الصدوع حال حدوثها. ويكشف السوفت وير الشروخ الشعرية بأن يمنحها لونا يختلف عن اللون الذي يعطية للمنطقة عموما. ويفعل ذات الشيء مع مواقع الرطوبة والتآكل بسبب الأنواء ومناطق التأكسد.