أول مأذونة خليجية لـ«الشرق الأوسط»: المجتمع الإماراتي متقبل لمهمتي الجديدة

مسؤول إماراتي: لا يوجد أي نص قانوني أو شرعي يمنع تعيينها.. وسنعين المزيد

فاطمة العواني («الشرق الأوسط»)
TT

قالت أول مأذونة شرعية بدول الخليج الإماراتية فاطمة العواني، إن المجتمع الإماراتي متقبل وظيفتها الجديدة، فيما قال وكيل دائرة العدل في أبوظبي، إن هناك خطوات لمزيد من مثل هذه التعيينات مستقبلا وإن «كل النساء الصالحات لشغل هذه الوظيفة يمكنهن القيام بذلك دون أية مشاكل أو موانع شرعية أو قانونية».

وأصدر الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة بدولة الامارات العربية المتحدة، ورئيس دائرة القضاء بإمارة أبوظبي، أمس الأول، قرارا بتعيين العواني مأذونة شرعية للزواج في دائرة القضاء.

وخلال حديث مع «الشرق الأوسط» ردت العواني على سؤال حول كيفية مواجهتها للمجتمع المحلي وهي تخوض مثل هذه التجربة الاستثنائية في المجتمع الخليجي، وقالت إنها لم تلاحظ على الإطلاق، أن هناك عدم تقبل من المجتمع لعمل المرأة في هذا المجال، وأن المرأة سبق أن اقتحمت العديد من مجالات العمل، «بل العكس هو الحاصل حاليا، فدائرة القضاء في إمارة أبوظبي، وفرت لي كافة الإمكانيات بما يضمن نجاحي في المهام التي أسندت إلي، والحكومة من ورائها تدعمني بكل قوة، ولم تبد لي عائلتي أية اعتراضات على عملي الجديد، والمجتمع متقبل تماما عمل المرأة كمأذون شرعي».

وتقول فاطمة العواني إن تجربة تعيين المرأة الإماراتية في العديد من المناصب بدائرة القضاء أصبحت محل اهتمام كبير من كافة العاملين في حقل القضاء، وتسلط الأضواء حاليا على العناصر النسائية الأربعة العاملات بالدائرة لقياس مدى النجاح الذي ينتظر أن تحققه المرأة في هذا القطاع الحيوي.

واعتبرت العواني أن تعيينها كمأذون شرعي جاء ضمن الاهتمام بضرورة اشتراك المرأة في عمليات التطوير الشاملة التي تشهدها دائرة القضاء في أبو ظبي حاليا، كما يأتي ضمن اهتمام الحكومة بضرورة إشراك المرأة في عمليات التنمية الشاملة بالإمارة، «وهو ما يعني أنني قد دخلت في اختبار صعب وتحد لإثبات الذات، ومن ثم لا بد من العمل بكفاءة كبيرة لأنجز ما أسند إلي من مهام بكفاءة باعتباري تجربة فريدة ستكون مقياسا للأداء لمن يأتين من بعدي».

وأشارت الى أن المجتمعات العربية تحتاج بصفة عامة إلى سواعد أبنائها كافة للبناء والتنمية، «ولا أرى أن هناك فرقا بين عمل المرأة في مهنة ما، فقد أثبتت العديد من النساء نجاحا باهرا فيما أسند إليهن من مهام اعترض عليها البعض في بادئ الأمر، وسأكون بعون الله عند حسن الظن لأثبت أن عمل المرأة كمأذون شرعي لا يختلف عن عمل الرجل في مثل هذه المهنة».

وبشأن ردود الفعل المتوقعة من جراء هذا التعيين، قالت العواني «إن البعض يعتقد أنها تشعر بالخوف من وظيفتها الجديدة»، وأضافت «هناك خوف بالفعل، ولكن الخوف الحقيقي هو من المسؤوليات الملقاة على عاتقي، والثقة الكبيرة التي منحتنيها دائرة القضاء، فقد تم تعيني في هذا المنصب بعد دراسات مستفيضة، ووقع علي الاختيار دون عن غيري، ومن ثم لا بد من إثبات كفاءة كبيرة في العمل في هذ المجال لأكون عند حسن ظن المسؤولين في، وأعتبر نفسي تجربة فريدة بكل المقاييس».

من جهته، قال المستشار سلطان سعيد البادي وكيل دائرة القضاء في أبوظبي، في حديث مع «الشرق الأوسط» إن فاطمة العواني ستعمل «مثلها مثل أي مأذون شرعي يعمل لدى دائرة القضاء في أبوظبي، ونفس المهام التي توكل إلى المأذون الشرعي من الرجال والضوابط التي تحكم عملهم، هي ذاتها التي ستعمل من خلالها العواني. مشيرا إلى أن قرار تعيين فاطمة العواني بالدائرة كمأذون شرعي حدد مقر عملها بديوان المحكمة في أبوظبي، على أن تمارس عملها خلال ساعات الدوام الرسمي وفق الضوابط الشرعية ذات الصلة.

غير أن وكيل دائرة العدل في أبوظبي أكد في الوقت ذاته على أن تعيين أول مأذون شرعي من السيدات «ليس بمستغرب على دائرة القضاء التي كانت سباقة في الإعلان عن تعيين نساء في مهام لم تطرقها المرأة من قبل، أثبتن نجاحا كبيرا على الرغم من حداثة التجربة».

ومنذ عدة أشهر أعلنت دائرة القضاء في أبوظبي عن تعيين عالية محمد سعيد الكعبي وعاتقة عوض علي الكثيري كأول وكيلتي نيابة عامة في دولة الإمارات، وتبع ذلك تعيين المحامية خلود الظاهري كأول قاضية في تاريخ دولة الإمارات، ومن قبل هذا كله تولت المرأة مناصب وزارية في الإمارات منذ سنوات، وهو ما أشار إليه البادي «بما يعني أن المرأة في الإمارات مؤهلة لتولي كافة المناصب والوظائف، بما يتناسب مع قدراتها ومؤهلاتها».

وحول المعايير الشرعية التي اعتمد عليها في تعيين مأذونة شرعية، أشار البادي الى أن فاطمة العواني حاصلة على بكالوريوس الشريعة والقانون من جامعة الإمارات عام 2000، ولديها خبرة في مهنة كاتب عدل لنحو ثماني سنوات، «بما يعني أن لديها خبرة في مجال كتابة العقود والتوثيقات والتعامل المباشر مع الجمهور، وهو ما يؤهلها للعمل كمأذون شرعي».

ووفقا للبادي فإن موضوع تعيين فاطمة العواني كمأذون شرعي استغرق وقتا طويل من العمل والدراسة والإعداد والتجهيز، «سواء من الناحية الفقهية والشرعية، أو من الناحية الفنية، لتجهيزها للعمل كمأذون شرعي، ولم تكن هناك أي عجلة في إعلان تعيينها، بل تمت دراسة الأمر بتروي بالغ، وأخذ الآراء الفقهية اللازمة من علماء الفقه والشريعة بالدائرة، وكذلك من الناحية القانونية ووجدنا أنه لا يوجد أي نص قانوني أو شرعي يمنع المرأة من تولي هذه الوظيفة، وقد تأكدنا من كفاءة فاطمة العواني للعمل كمأذون شرعي، بعد اجتيازها اختبارات مؤهلات العمل في هذا المجال».

ويقول البادي إن قرار دائرة القضاء بتعيين فاطمة العواني كمأذون شرعي من السيدات يعتبر الأول من نوعه الذي يخول للمرأة أن تعقد زواجا في تاريخ الإمارات ومنطقة الخليج، ويعد الثاني على مستوى المنطقة بعد مصر، «ولا نرى أن هناك معارضة من المجتمع لمثل هذا القرار، فالمجتمع الإماراتي على درجة عالية من الثقافة والوعي والإدراك لأهمية مشاركة جميع أبنائه في عمليات التنمية الشاملة، وبالنسبة لمشاركة المرأة في عمليات البناء، نجد أن الإمارات سباقة في هذه العملية، فالمرأة الإماراتية شاركت منذ زمن بعيد في حركة التنمية مقارنة بمجتمعات حديثة، وهو ما يعود للقيادة الرشيدة».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت هناك خطوات مستقبلية لتعيين مزيد من النساء كمأذونات شرعيات، قال البادي إن قرار تعين فاطمة العواني كأول مأذون شرعي من النساء «قرار تاريخي»، ويعني أن كل النساء الصالحات لشغل هذه الوظيفة يمكنهن القيام بذلك دون أية مشاكل أو موانع شرعية أو قانونية.

وأكد وكيل دائرة العدل الظبيانية أنه لا يوجد تعارض بين عمل المرأة كمأذون شرعي وطبيعتها كأنثى، وأن تجربة عمل المرأة في هذا المجال تحتاج إلى تسليط الضوء عليها باعتبارها الحالة الأولى من نوعها على مستوى الإمارات والمنطقة، والثانية على مستوى العالم، مشيرا الى أن المرأة الخليجية بصفة عامة أثبتت كفاءة كبيرة في عدد من الميادين، خاصة في دولة الإمارات، حيث تقلدت العديد من المناصب العليا. والعمل كمأذون شرعي مجال جديد على المرأة في الدولة، وستكون التجربة الأولى مقياسا لأداء المرأة للعمل في هذا المجال فيما بعد.

وأشار البادي الى أن استراتيجية دائرة القضاء التي نعمل من خلالها حاليا، ترتكز على تعيين الكفاءات الوطنية بكافة المستويات الإدارية بالدائرة، ولا يعني هنا الجنس أو النوع، بل نهتم بالكفاءة، فالدائرة تضم حاليا العديد من الكفاءات الوطنية الشابة، وهم حاليا الجيل الثاني المؤهل لتولي قيادة الدائرة، وأن هذا الفريق يضم العديد من العناصر النسائية، اللاتي أثبتن كفاءة كبيرة في الإدارة والأداء، و«حاليا لدينا أربع تجارب فريدة، وهن وكيلتا النيابة عالية الكعبي وعاتقة الكثيري، والقاضي خلود الظاهري، وأخيرا فاطمة العواني، وأعتقد أنه باعتبارهن تجارب فريدة من نوعها، لن تغادرهن الأضواء والتساؤلات لفترة من الزمن، وهو أمر طبيعي، فالجميع يتابع حاليا أداءهن، ويترقب النتائج، ليتعرف على مدى كفاءة عمل المرأة في مثل هذه الوظائف التي لم تطرقها من قبل خاصة في مجتمع الخليج».