السودان: البشير يرفض طلبا جنوبيا للتعاون مع لاهاي.. وأوكامبو بصدد إصدار مذكرات توقيف جديدة

روسيا تبيع السودان 12 طائرة مقاتلة «ميغ 29» وأميركا تعتبرها خطوة غير إيجابية

قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام خلال حملة في مخيم كالما بدارفور أمس (أ. ف. ب)
TT

رفض الرئيس السوداني عمر البشير، أمس توصية أصدرها مؤتمر حوار، لعدد من احزاب جنوب السودان، دعوه فيها الى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي التي يطالب مدعيها العام لويس أوكامبو بتوقيفه بتهم ارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية في إقليم دارفور. ويسعى أوكامبو بدوره لاصدار مذكرات توقيف جديدة ربما تطال معظمها متمردي دارفور بسبب هجوم على جنود سلام دوليين في دارفور. وفيما اعلن وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين، ان روسيا باعت السودان 12 طائرة مقاتلة، اتهمت حركة متمردة في دارفور، الجيش السوداني بمهاجمة مواقعها في الاقليم المضطرب. واعتبرت واشنطن الخطوة غير ايجابية.

وجدد الرئيس السوداني رفضه التام للتعاون مع محكمة لاهاي بشأن الاتهامات الموجهة ضده بارتكاب جرائم حرب في دارفور. وقال البشير خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده امس مع نظيره الاريتري أسياس أفورقي، في ختام زيارة الاخير الى السودان استمرت ثلاثة: «لا نريد فتح اي نوافذ للتعاون مع لاهاي»، مشددا ان قرار عدم التعاون معها جاء عبر مؤسسات الحكومة في مجلس الوزراء والبرلمان. وكانت الحركة الشعبية شريك البشير في الحكم، والتي تحكم ايضا اقليم جنوب السودان، قد عقدت اجتماعا دام اسبوعا مع 7 قوى سياسية جنوبية، أخرى، انتهى امس وأصدر توصياته، ومن بينها دعوة البشير التعاون مع لاهاي عبر فتح حوار معها. ويهدف المؤتمر الجنوبي الى توحيد القوى السياسية لمواجهة التحديات المقبلة ومنها التنسيق في الانتخابات العامة المقبلة عام 2009 والاستفتاء حول مصير الجنوب المقرر عام 2011.

من جانبه أعلن مدعي المحكمة الجنائية الدولية أمس في لاهاي انه سيطلب الاسبوع المقبل اصدار مذكرات توقيف بحق منفذين مفترضين لهجوم طاول عشرة جنود للاتحاد الافريقي في اقليم دارفور بغرب السودان العام 2007. وقال اوكامبو في خطاب امام جمعية للدول الاعضاء في المحكمة الجنائية الدولية «سنطلب الاسبوع المقبل (اصدار) مذكرات توقيف جديدة في الهجوم على جنود لقوة الاتحاد الافريقي لحفظ السلام في حسكنيتا».

والتزم مورينو اوكامبو في يوليو (تموز) الفائت في نيويورك ملاحقة قادة متمردين في دارفور يعتبرون مسؤولين عن مقتل عشرة جنود للاتحاد الافريقي في جنوب دارفور في سبتمبر (ايلول) 2007. واكد ان المحكمة الجنائية الدولية تملك اسماء «المنفذين المفترضين» لهذا الهجوم.

واوضح المدعي الجمعة «ان تحقيقنا الثالث في دارفور»، وذلك خلال عرضه حصيلة لنشاط مكتب المدعي خلال العام الفائت. ويصدر قضاة المحكمة الجنائية مذكرات التوقيف بعد درس الادلة التي يقدمها مكتب المدعي. وطلب مورينو اوكامبو في يوليو اصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب ابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور الذي يشهد حربا اهلية منذ 2003. ولم يتخذ القضاة حتى الان قرارا في هذا الصدد. كذلك، اصدرت المحكمة في مايو (ايار) 2007 مذكرتي توقيف بحق وزير الشؤون الانسانية السوداني احمد هارون واحد قادة ميليشيا الجنجويد الموالية للحكومة علي كوشيب بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور.

وفي موسكو، اعلن وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين امس ان موسكو باعت الخرطوم 12 مقاتلة من طراز ميغ-29 كما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية. وقال الفريق عبد الرحيم محمد حسين في موسكو خلال مؤتمر صحافي حول صفقة شراء 12 مقاتلة روسية «نعم حصل ذلك، تم شراء الطائرات».

وفرضت الامم المتحدة في يوليو 2004 حظرا على نقل السلاح وبيعه الى الفصائل غير الحكومية المشاركة في الحرب الدائرة في اقليم دارفور السوداني، ووسعت نطاق هذا الحظر في 2005 بحيث بات ساريا مفعوله في دارفور على كل اطراف النزاع. واعتبر متحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية ان بيع روسيا للسودان مقاتلات لا يشكل «تطورا ايجابيا». وردا على سؤال عن مدى تناقض هذا الامر مع دعوات السودان الاخيرة الى ارساء السلام في اقليم دارفور، قال المتحدث روبرت وود خلال مؤتمر صحافي ان «السودان بلد فقير وكونه يشتري طائرات ميغ ليس بالتأكيد تطورا ايجابيا». واضاف «انه اخر شيء يحتاج اليه البلد».

ونفت روسيا في مايو 2007 ان تكون زودت الخرطوم باسلحة تم استخدامها لاحقا في دارفور وهو ما اكدته منظمة العفو الدولية سابقا. واضاف الوزير السوداني «نحن مسرورون للغاية بعلاقاتنا العسكرية مع روسيا، نحن نعرف التكنولوجيا الروسية جيدا، ونحب هذه التكنولوجيا». واضاف «تبعا للحاجات» سيتم ابرام «صفقات عسكرية جديدة» بين روسيا والسودان. واكد الوزير السوداني من جهة اخرى ان خبراء روس يزورون السودان بشكل منتظم لتحديث المعدات العسكرية التي اشترتها الخرطوم من الاتحاد السوفياتي السابق. وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير اعلن الاربعاء وقفا فوريا لاطلاق النار في دارفور.

الى ذلك اتهمت حركة العدل والمساواة، القوات الحكومية بمهاجمة معسكر لجيش الحركة في جنوب دارفور وان طائرات انتنوف روسية الصنع ظلت تحلق طوال امس حول مواقع للحركة في جبل الميدوب بشمال دارفور بعد 48 ساعة من اعلان الرئيس السوداني عمر البشير وقف لاطلاق النار من طرف واحد.

وقال الناطق العسكري لحركة العدل والمساواة اللواء علي الوافي لـ«الشرق الاوسط» ان «القوات الحكومية قامت بمهاجمة قواته في جنوب دارفور واشتبكت معها»، مشيراً الى ان الخسائر لم يتم حصرها. واضاف «ان طائرة انتنوف ظلت تحلق طوال مساء امس حول معسكرات قوات حركته المنتشرة حول جبل الميدوب». وتابع «هذا يؤكد ما سبق ان قالته الحركة ان وقف اطلاق النار دعاية سياسية من الخرطوم». ولم يتسن تأكيد الخبر من مصدر حكومي.