حركة يسارية جديدة في إسرائيل تهدد بالقضاء على حزب العمل

باراك يتلقى ضربة ستنهكه انتخابيا بإعلان وزير الشؤون الاستراتيجية انسحابه

TT

تلقى حزب العمل الاسرائيلي برئاسة وزير الدفاع ايهود باراك، أمس، ضربة جديدة ستنهكه في المعركة الانتخابية القادمة، وذلك حينما أعلن وزير الدولة للشؤون الاستراتيجية، عامي أيلون، انسحابه من حزب العمل وانضمامه الى الحركة السياسية اليسارية الجديدة، التي تأسست أول من أمس، وتسعى لإقامة تحالف كبير لقوى اليسار، يشكل رافعة جدية وقوية لعملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين وسائر الدول العربية.

وأيلون هو رئيس أسبق لجهاز المخابرات العامة (الشاباك) وقائد سابق لسلاح البحرية الاسرائيلي. وقد ترك مواقعه الأمنية هذه بأفكار تعتبر ثورة في المفاهيم الاسرائيلية التقليدية، في مركزها اهتمامه بضرورة وضع مسألة السلام الشامل على رأس الأجندة الاسرائيلية، وتكريس كل الجهود الوطنية لتحقيق هذا السلام، وتطوير القدرات الاقتصادية والتعليم والتكنولوجيا. ووجه انتقادات شديدة للسياسات الاسرائيلية الحالية. وتنافس أيلون مع باراك على رئاسة حزب العمل، لكن باراك تغلب عليه بفارق أصوات بسيط بسبب حصوله على أصوات الأعضاء العرب في هذا الحزب. وخروجه من حزب العمل يعتبر ضربة شديدة موجعة، حيث انه يحظى بتأييد نواة صلبة من الأعضاء القدامى وكذلك الأعضاء الشباب. وكانت مجموعة أخرى من الوزراء والنواب السابقين من حزب العمل، قد أعلنوا في مؤتمر صحافي أمس الأول عن تأسيس حركة يسارية جديدة هدفها تشكيل تحالف كبير لليسار يتلاءم وروح العصر، التي بثها باراك أوباما بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة، ويبث الروح في حركة اليسار الاسرائيلي. وقالوا انهم يئسوا من حزب العمل وقيادته، ويشعرون اليوم بانه قد انقضى عهده وحان الوقت لاستبداله بحزب كبير وقوي يطرح قضية السلام على رأس اهتماماته ومن دون خجل أو تلاعب أو ازدواجية (وهي صفات يلصقونها عموما برئيس حزب العمل، ايهود باراك).

وتتألف هذه المجموعة من حوالي 200 شخصية بارزة في حقل الثقافة والسياسة والعسكرية، ويحتمل أن تستقطب المزيد من الشخصيات. وفي مقدمة المبادرين لهذا التحرك، الوزير السابق عوزي برعام، الذي شغل في الماضي منصب الأمين العام لحزب العمل، والأديب العالمي عاموس عوز، المعروف بتأييده التاريخي لحزب العمل، ورئيس الكنيست الأسبق ورئيس الوكالة اليهودية الأسبق، أبرهام بورغ، والمدير العام لمكتب رئيس الوزراء في عهد ايهود باراك، يوسي كوتشيك، والمفاوض الرئيس باسم باراك مع الفلسطينيين، جلعاد شير، والقائدان السابقان لحركة السلام الآن، تسالي ريشف ومردخاي كرمنيتسر، الذي تعرض في الشهر الماضي لمحاولة اغتيال من شاب يهودي يميني متطرف.

ومن اللافت للنظر ان مؤيدي باراك في السابق يتقدمون هذه المسيرة ويتحدثون صراحة عن ضرورة القضاء على حزب العمل. وكما قال كوتشيك فإن هناك أمرا عبثيا في اسرائيل، ففي عصر باراك أوباما العالمي يفترض ان يحدث نهوض لقوى اليسار والثورة في كل مكان. ولكن في اسرائيل يظهر التجديد على أحزاب اليمين. فهي التي تجدد نفسها وترفد قواها بشخصيات جديدة، بينما حزب العمل برئاسة ايهود باراك يبدو كالحا ويزداد كلحا ويتآكل وينهار. والحقيقة ـ أضاف ـ ان هذا الحزب الذي يسجل له التاريخ انه أسس اسرائيل وقدم لها أكبر الخدمات، قد أنهى دوره. وحان الوقت لأن تقوم في اسرائيل حركة يسارية جديدة وحقيقية تطرح مواقفها بشجاعة مع السلام ومع الديمقراطية ومع العمال.

وقال برعام، انه في عصر السلام السائد في عالمنا، تبدو قوى الوسط الليبرالي في اسرائيل وكأنها تخجل من تأييدها لعملية السلام. وهنالك حاجة ماسة جدا لبناء حركة تستقطب كل من يؤيد عملية السلام الحقيقي بصدق وشجاعة. وفي الوقت الحاضر يوجد حزب واحد في اسرائيل يستطيع سلوك هذا الطريق هو حزب ميرتس اليساري الصهيوني، ولكنه لا يكفي. فهو حزب صغير جدا (5 نواب في الكنيست)، والحركة الجديدة ستتحالف معه وستسير تحت قيادة رئيسه الحالي، النائب حايم أورون، الذي يعتبر شخصية صهيونية يسارية عريقة ومقبولة من الجميع. وأكد درور سترانشوس، وهو صاحب مكتب دعاية واعلام ويعتبر المبادر الأول لهذه الفكرة، ان هدف هذه الحركة هو جرف الشباب الاسرائيلي الذي كان لامباليا، ولكن روح باراك أوباما دبت فيه الحياة والحماس. وفي حين امتنع معظم المتحدثين، أمس، عن مهاجمة ايهود باراك، شخصيا باعتبار انهم رجالاته في السابق، فقد هاجمه الأديب عاموس عوز بشدة واتهمه بالكذب والتضليل، وقال انه ليس رجل سلام حقيقيا وأضاف: «فقط قبل أيام استمعنا اليه وهو يخطب محذرا من خطر المستوطنين واعتداءاتهم على الجنود وعلى الفلسطينيين، ولكنه في الحقيقة يصادق على العديد من مشاريع توسيع الاستيطان». وسيتولى رئاسة هذا التحالف زعيم حزب ميرتس، حايم أورون، يليه الوزير عامي أيلون ثم نائب الوزير، ميخائيل ملكيئور، زعيم حزب ديني معتدل يتحالف حاليا مع حزب العمل.