رئيس هيئة الادعاء العام في محاكمة صدام: لم يستطع أحد شراء ذمتي خلال وقائع المحاكمة

القاضي جعفر الموسوي نفى لـ «الشرق الأوسط» تلقيه «هدايا» من إيران والكويت

القاضي جعفر الموسوي خلال إحدى جلسات محاكمة صدام حسين (أ.ف.ب)
TT

لم يكن أحد يتصور حتى في الأحلام في العراق، على الأقل، قبل عام 2003، أن يقف صدام حسين رئيس النظام السابق في قفص الاتهام وتجرى له محاكمة علنية، وبعد تحقق ذلك انشد الملايين إلى شاشات التلفزة  لمتابعة وقائع جلسات المحكمة، ولما كانت كاميرات التصوير مسموحا لها بإظهار المتهمين وهم معروفون بات الأكثر شهرة من خلالها بين الناس القاضي ونائب المدعي العام، وبما ان القاضي يتماثل بصورة الميزان التي تظهر خلفه ازداد الاهتمام بشخص الذي يمثل الادعاء العام. جعفر الموسوي، رئيس هيئة الادعاء العام في تلك المحكمة، الذي اعتزل القضاء وبات يمارس نشاطه السياسي في حزب الفضيلة الإسلامي، التقته «الشرق الأوسط» في البصرة وسألته كيف قبل بتمثيل الادعاء العام في محاكمة تعد الأولى لرئيس عراقي في الوقت الذي شهدت بغداد طيلة أشهر المحاكمة أعتى موجة من الاغتيالات والإرهاب وأعمال العنف ذهب ضحيتها عدد من المحامين. قال الموسوي «لما أعلن عن تحديد موعد محاكمة أركان النظام السابق في قضية الدجيل، وهي محاكمة مهمة يتابعها الرأي العام العالمي والتي فيها عدد كبير من المتهمين، من بينهم صدام حسين ويترافع فيها مجموعة من المحامين العراقيين والعرب والأجانب، عقدت اجتماعا لهيئة الادعاء العام التي كانت برئاستي لثلاث سنوات متتالية عن طريق الانتخابات وتضم 18 نائبا للادعاء العام، وكان الرأي ان تكون للادعاء العام هيئة تضم ثلاثة بدلا من مدع عام واحد كما هو معمول به، ووقع الاختيار ان أترأس الهيئة بحكم كوني تلقيت تدريبات في العراق ولندن وايطاليا». وأضاف «كان جل الاهتمام في تحمل وزر هذه المسؤولية الكبيرة، أن نساهم في بناء دولة القانون والمؤسسات».

وكشف الموسوي عن وجود «تآمر داخل المحكمة وخارجها كان هدفه إبعادي عن رئاسة الادعاء العام». وقال «لا يستطيع أحد شراء ذمة الموسوي بالمال خلال وقائع المحاكمة». وأردف قائلا «اعتقد انها إشارة واضحة الى تعرضي إلى المساومة»، من دون ان يكشف التفاصيل. وأكد «أنا قاض وأتعامل بالدليل القاطع وهذه أمانه وأتصرف وفق القانون ولم امتثل لرغبة أي شخص ولم أسمح لأي رأي يخالف عملي القضائي». وأكد الموسوي انه أوصل صوته «بوجود فساد في المحكمة إلى رئيس الوزراء ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان بكتب رسمية موثقة ومن خلال مقابلات شخصية». وأضاف أنه تقرر أخيرا إلغاء أمر نقله الى السليمانية «لكنني قررت ترك القضاء والعمل في المجال السياسي بصفة عضو الامانه العامة ورئيس مجلس المستشارين في حزب الفضيلة الإسلامي، كون العمل السياسي يخدم اكبر شريحة من أبناء بلدي». وانتقد الموسوس طريقة وتوقيت تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس السابق. وأضاف «كنت ليلة الإعدام في مكة المكرمة لأداء مناسك الحج وقد اتصل بي مرتين عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية مستفسرا عن الرأي القانوني لتنفيذ حكم الإعدام، وكان جوابي له إن المادة 27 الفقرة ثانيا من قانون العقوبات العراقي تنص على وجوب تنفيذ حكم الإعدام بمرور 30 يوما على اكتساب الحكم البتات». وحول ما تناقلته وسائل الإعلام عن تلبية رئيس الادعاء العام بعد تنفيذ حكم الإعدام دعوة من إيران لزيارتها بطائرة خاصة وتمليك حكومة طهران له فيلا وسط العاصمة وتلقيه اموالا من الكويت مكافأة لجهوده في إعدام رئيس النظام السابق، أجاب «بعد عودتي من الديار المقدسة قررت ومجموعة من القضاة أن نقوم بسفرة عائلية لزيارة الأماكن المقدسة في إيران»، مستدركا انها كانت الزيارة الوحيدة له واقتصرت على مدينتي قم ومشهد وانه لم يزر العاصمة الإيرانية او يلتقي بأي مسؤول. كما نفى أي اتصال مع اية جهة كويتية او تلقيه أي نوع من الهدايا. وأوضح «ان الكثير من المفارقات شهدتها وقائع المحكمة، كانت معظمها مفبركة متفق عليها بين المتهمين والمحامين بهدف إفشال المحاكمة وكنا نتصدى لها بحزم قانوني وهو ما كنا نتوقعه قبل وأثناء المحاكمة».