«فيلة» الحزب الاشتراكي الفرنسي يتصارعون للفوز بالزعامة

سيغولين رويال تثير الأحقاد والمعارضون لها لم ينجحوا بعد في تسمية مرشح تسوية

رويال تصفق لخطاب غريمها دولانويه في مؤتمر ريمس للحزب الاشتراكي الفرنسي (رويترز)
TT

يعيش الحزب الاشتراكي دراما سياسية داخلية تتواصل فصولها في مدينة ريمس التاريخية (شرق فرنسا) حيث يلتئم مؤتمره الخامس والسبعون على خلفية تناحر بين «فيلة» الحزب على احتلال مقعد الأمين العام خلفا لفرنسوا هولند.

ولمؤتمر ريمس هذا العام نكهة خاصة إذ أن الاشتراكيين يتناحرون ويتقاتلون على شؤونهم الداخلية فيما العالم يعيش أزمة مالية لا تنتهي فصولا والوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي لفرنسا مستمر في التدهور مع الكساد وارتفاع أرقام البطالة وتراجع القدرة الشرائية وأزمة القطاع العقاري.

وتتنافس على رئاسة الحزب أربع شخصيات قوية أولاها سيغولين رويال، المرشحة الاشتراكية للانتخابات الرئاسية العام الماضي التي أكدت أمس رغبتها في خلافة هولند الذي كان لأكثر من عشرين عاما رفيق دربها ووالد أولادها الثلاثة. والمفارقة أن هولند الذي شغل منصب الأمين العام لمدة 11 عاما، يدعم برتراند دولانويه، عمدة باريس الذي حل في المرتبة الثانية في المنافسة الداخلية الأسبوع الماضي بحصول تياره على 25 في المائة من أصوات المحازبين مقابل 29 في المائة لسيغولين رويال. وتأتي في المرتبة الثالثة مارتين أوبري، عمدة مدينة ليل (شمال فرنسا) ووزيرة العمل والشؤون الاجتماعية السابقة. ويفصل أوبري وهي ابنة جاك ديلور، رئيس المفوضية الأوروبية الأسبق وأحد أعمدة الحزب الاشتراكي الفرنسي قبل تقاعده، أقل من نقطة واحدة من عمدة باريس. أما الشخصية الرابعة فإنها بونوا هامون الذي يصنف نفسه على يسار الحزب الاشتراكي. وحصل تيار هامون الذي يحظى بتأييد المتشددين داخل الحزب على 19 في المائة من الأصوات.

غير أن عملية الزعامة الاشتراكية ليست فقط حسابية، فشخصية سيغولين رويال تثير المشاعر المتناقضة بحيث أن ما يجمع المرشحين الثلاثة أمر واحد هو عزمهم على حرمان رويال من الوصول الى زعامة الحزب لأن فوزها يعني بشكل آلي تأهيلها للتنافس على منصب رئاسة الجمهورية في عام 2012 وهو ما يريح اليمين الذي يرى أنه سيكون بوسع الرئيس ساركوزي الفوز بسهولة بولاية جديدة.

وتنبع معارضة رويال كذلك من مصدرين إضافيين: أسلوبها من جهة وخطها السياسي من جهة أخرى، ذلك أن الكثيرين داخل الحزب لا يستهويهم تصرفها وكأنها أجدى نجوم الفن كما فعلت مؤخرا على مسرح الأولمبياد الشهير في باريس حيث اعتلت المسرح لارتجال كلمة تتأرجح ما بين المسرح والخطاب السياسي. والأهم أن دعوتها للانفتاح على حزب الوسط الذي يقوده المرشح الرئاسي الآخر فرنسوا بيرو لا تلقى إجماعا داخل الحزب حيث يرى الثلاثة الآخرون أن الحزب يجب أن يبقى يساريا حتى لا يفقد هويته.

ومنذ ما قبل بدء أعمال مؤتمر الحزب تكاثرت المناورات الداخلية للسعي لتشكيل أكثرية، لكن الوضع بالغ التعقيد خصوصا إذا تمسكت رويال بترشيحها. فمن جهة يرفض دولانويه التنازل لمارتين أوبري رغم أن لا حواجز إيديولوجية أو سياسية بينهما فيما لا ترغب أوبري بالانسحاب لصالح دولانويه. وقال جان مارك إيرو، رئيس مجموعة النواب الاشتراكيين في الجمعية الوطنية وهو ممن يدعمون تيار دولانويه إن اسم رويال «لا يوفر أكثرية ولذا يجب البحث عن اسم آخر». وذهب أيرو الى حد دعوة الأربعة للتخلي عن ترشيحهم لصالح شخصية تحظى بالإجماع مقترحا اسم الوزير السابق بيار موسكوفيتسي الذي يصطف وراء دولانويه. وسارع عمدة مدينة ليل جيرار كولومب باسم سيغولين رويال الى اقتراح منصب الرجل الثالث في الحزب على موسكوفيتسي في محاولة واضحة لإغرائه وإحداث انشقاق في صف مناهضي المرشحة الرئاسية السابقة. غير أن رويال تملك سلاحا رادعا إذ أن عجز المؤتمر عن صوغ توافق بين تياراته سيعني بت مصير زعامة الحزب في تصويت داخلي يمكن أن يجرى في العشرين من الشهر الجاري. وبالنظر الى ما تظهره استطلاعات الرأي، فإن أمام سيغولين رويال فرصة قوية للتقدم على خصومها. وسبق لها ان ارتكزت الى قاعدة الحزب أواخر عام 2006 لتحظى بترشيحه لها لرئاسة الجمهورية متقدمة بذلك على أهم ركنين فيه وهما رئيس الوزراء الأسبق لوران فابيوس والوزير السابق ورئيس البنك الدولي الحالي دومينيك ستروس خان. ويبدو واضحا أن مصدر الخطر بالنسبة لرويال يكمن في تفاهم منافسيها الثلاثة على حسابها وهو ما دعا اليه عمدة باريس وروج له معاونوه. لكن حتى بعد ظهر أمس، كانت الانقسامات ما زالت تضرب هؤلاء حيث أكد هامون وهو الأكثر راديكالية أنه مستمر في ترشيحه. ونقل مقربون من أوبري أن استمرار رويال في المنافسة سيدفعها بدورها الى البقاء في الميدان ما سيزيد الصورة تعقيدا.