مصادر سياسية عراقية: المالكي قبل بالاتفاقية الأمنية ويحث حكومته على قبولها

مقربان من رئيس الوزراء: غير رأيه بعد حصوله على تنازلين أساسيين من أميركا

TT

أفاد مسؤولان شيعيان بأن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قد وافق على دعم الاتفاقية الأمنية المثيرة للجدل مع الولايات المتحدة، ويخطط لحث حكومته على مساندة الوثيقة المعدلة.

ومن شأن هذا التحرك أن يشكل خطوة كبيرة باتجاه التصديق على المعاهدة، والتي تحدد طبيعة وجود القوات الأميركية في العراق، بالإضافة إلى تحديد جدول زمني لانسحاب هذه القوات من البلاد بحلول نهاية عام 2011. وقد لاقت هذه المعاهدة معارضة شديدة من قبل عدد كبير من الأحزاب والجماعات السياسية في العراق. وقد رفض المالكي دعم الاتفاقية الأمنية الجديدة بصورة علنية. وقد أفاد مستشارون مقربون بأن رئيس الوزراء قد غير معارضته بعد قبول المسؤولين الأميركيين لشرطين أساسيين: حذف أي صيغة من شأنها أن تسمح ببقاء القوات الأميركية في المدن العراقية بعد شهر يونيو (حزيران) 2009، وضرورة حصول القوات الأميركية على إذن من الحكومة العراقية لتفتيش المنازل. وقد قبل المالكي بعد تردد، حيث إنه لن يكون بمقدوره الحصول على أي ضمان بأن الجنود الأميركيين المشتبه في خطأهم أثناء أداء مهامهم يمكن أن يخضعوا للمحاكمة تحت مظلة المحاكم العراقية، حسبما أفاد سامي العسكري؛ وهو أحد المشرعين الشيعة البارزين. وقد أفاد العسكري في مقابلة معه بقوله: «لا نتوقع اتفاقية مثالية، لكنه يستطيع الآن التوجه إلى الشعب والسياسيين ويقول انظروا إن ذلك أفضل كثيرا للعراق عن الخيارات الأخرى. إنها ليست مثالية... لكنها أفضل من تمديد» تفويض الامم المتحدة الذي يسمح ببقاء القوات الأميركية في العراق حتى نهاية العام الحالي. وفي أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) أفاد أحد مسؤولي إدارة الرئيس جورج بوش الكبار بأن المالكي قد بدأ التحرك نحو الموافقة على موقف الولايات المتحدة. والأحد الماضي، أفاد مسؤول في سفارة الولايات المتحدة بأنه يتوقع أن يدعم المالكي الاتفاقية لأنه يعتقد أن رئيس الوزراء يرى أن الولايات المتحدة ضمان لعدم حدوث انقلاب عسكري، كما أنها قوة ضد إيران وجسر للتواصل مع الدول العربية مثل السعودية. ويقول المسؤول الأميركي، الذي رفض الإفصاح عن هويته: «إنه يرغب في بقائنا هنا. لكن المشكلة بالنسبة إليه تتمثل في كيفية تأكده من الموافقة على الاتفاقية الأمنية».

وفي حالة الموافقة على الاتفاقية الأمنية، فإنها سوف تمنح العراق سلطة على العمليات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة في العراق وسوف تلزم القوات الأميركية بمغادرة مدن العراق مع حلول صيف عام 2009 ومغادرة البلاد بحلول نهاية عام 2011. وسوف تحدد هذه الاتفاقية كذلك كيفية معالجة البلدين للقضايا التي يتم فيها توجيه الاتهام لأفراد الجيش الأميركي بارتكاب الجرائم في العراق. وقد أفاد العسكري بأن المالكي ينوي إلقاء خطاب لشرح سبب دعمه للاتفاقية أمام الشعب العراقي. وقد أفاد حيدر العبادي وهو عضو كبير آخر في البرلمان، بأن المالكي قد أرسل الاتفاقية المقترحة إلى مسؤولين كبار في سورية ومصر، مع خطاب شخصي يشرح فيه سبب خدمة الاتفاقية للمصالح العراقية. ويضمن الخطاب عدم مهاجمة القوات الأميركية للدول المجاورة، في إشارة إلى ما حدث الشهر الماضي من الغارة الأميركية على الحدود السورية، حيث يعتقد المسؤولون الأميركيون أن العناصر المسلحة تختبئ هناك. وعلى الرغم من دعم المالكي، فإن الاتفاقية المقترحة ما زالت تواجه بعض العقبات. فنائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي ـ وهو من السنة ـ يصر على أنه لا يمكن الموافقة على نصوص الاتفاقية من خلال موافقة البرلمان وحده، وإنما يجب أن تخضع للاستفتاء الشعبي. ويقول حلفاء المالكي إنه إذا رفض الهاشمي وحزبه الإسلامي العراقي، وهو أكبر تجمع سني في البرلمان، التصويت على الاتفاقية، فإن الاتفاقية سوف تفشل. وقد أفاد العسكري بأن رئيس الوزراء قد قرر دعم الاتفاقية بصورة علنية بعدما وافق المسؤولون الأميركيون على معظم التغييرات التي طلبتها الحكومة العراقية في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، كما وافقوا على تغييرين هامين في الأسبوع الماضي. وإذا تمت الموافقة على الاتفاقية من قبل مجلس الوزراء، فإنها سوف تخضع لثلاث قراءات في البرلمان قبل أن يتم التصويت عليها، وهو الأمر الذي قد يستغرق أسبوعا، حسبما أفاد بعض المسؤولين. وسيدافع رئيس الوزراء عن الاتفاقية كذلك في أحد الخطابات التي سوف يلقيها، حسبما أفاد العسكري. وأضاف أن الأكراد والائتلاف الشيعي الحاكم كانا يدعمان الاتفاقية، لكن الهاشمي لم يوافق عليها بعد.

وقد أكد العبادي أن المالكي قد أعلن عن دعمه للاتفاقية منذ الأسبوع الماضي في اجتماعات مع بعض المسؤولين وأنه ينوي جمع التأييد لنصوصها في الاجتماع التالي لمجلس الوزراء. ويقول العبادي: «أعتقد أنه سوف يقول إن ذلك هو أفضل ما نستطيع الحصول عليه. وهذا أفضل ما في مصلحة الشعب العراقي».

وقد حذر العبادي من أنه في حالة عدم موافقة معظم السياسيين من السنة، فربما لا تتم الموافقة عليها من قبل مجلس الوزراء. وأضاف بقوله: «إذا لم تكن الكتلة السنية سوف تصوت عليها، فلماذا يتم تقديمها إلى البرلمان؟» ويواجه الشيعة كذلك التناقض الخاص بهم فيما يتعلق بهذه الاتفاقية. فرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر جعل أتباعه يقرأون خطابا منه في صلاة يوم الجمعة، دعا فيه الجماعات المتفرقة التي تنتمي إلى قوات جيش المهدي إلى الالتحاق بقوات النخبة الجديدة التي شكلها لمحاربة القوات الأميركية. وقد أفاد أحد المساعدين في مدينة النجف الشيعية المقدسة بأنه إذا تمت الموافقة على الاتفاقية، فإن معظم مقاتلي الصدر الذين تم تسريحهم وطلب إليهم الالتحاق بالتعليم الديني، يمكن أن يطلب إليهم محاربة الأميركيين مرة أخرى. وقد أصدر مكتب رجل الدين الشيعي في العراق، آية الله العظمى علي السيستاني بيانا قال فيه إنه سوف يتخذ موقفا إذا رأى أن الاتفاقية تنتهك السيادة العراقية.

* خدمة: «لوس أنجليس تايمز» ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)