موسى: الانقسام الفلسطيني خط أحمر.. ولن نقبل به

طالب عقب لقاء الأسد في دمشق بإغلاق الفجوات في العلاقات العربية ـ العربية.. عبر نار دبلوماسية هادئة

الرئيس السوري لدى استقباله عمرو موسى في دمشق امس (رويترز)
TT

حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، من ضياع القضية الفلسطينية، وحمل الفصائل مسؤولية الانقسام الحالي، وقال عقب لقاء الرئيس السوري بشار الأسد «نحن كعرب لا يمكن أن نقبل بهذا الانقسام»، فالمسألة باتت لا تحتمل التأجيل، وتساءل قائلا: لماذا هذا الانقسام؟ القضية الفلسطينية تضيع بسببه. وأردف قائلاً: هذا خط أحمر لا يصح أن نقبل به وقد عملنا على مدار 60 عاما دفاعا عن القضية.. ولا يمكن أن تنتهي بهذا الشكل.. وإذا كانت الفصائل الفلسطينية مهتمة بالقضية فلا بد أن يتحمل الجميع مسؤوليته بنفس القدر. والتقى موسى بالرئيس السوري بشارالأسد صباح أمس، وأجرى معه محادثات شملت قضية المصالحة الفلسطينية والاجتماع المقرر في القاهرة في السادس والعشرين من الشهر الجاري على مستوى وزراء الخارجية لبحث الشأن الفلسطيني. وردا على سؤال يتعلق بالملف اللبناني على المستويين الأمني والسياسي أوضح موسى أن «العلاقات السورية ـ اللبنانية تمر بمرحة انتقالية والعلاقة لها وشائجها الخاصة والتي تتعدى العلاقة بين دولتين وهي علاقة بين مجتمعين، ولذا لا بد من اخذ هذا الموقف بعين الاعتبار». وحول نتائج مباحثاته مع الرئيس الأسد أوضح بأنها «شهدت نقاشا طويلا حول الوضع العربي عامة والوضع الفلسطيني بصفة خاصة، وكذلك بحثنا أجندة الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية العرب الذي يبحث في كل الشأن الفلسطيني». وعن موقف الجامعة من الاتفاقية الأمنية المنتظر إبرامها بين العراق وأميركا قال موسى: لم اطلع على نص الاتفاقية ولكن أبلغنا بإطارها وتوجهها وهناك تجاذب واضح في إطار الأخذ والرد، ولذا لا أستطيع التعليق على شيء لأن المسألة في النص والتفاصيل.

وكان الأمين العام للجامعة العربية قد أجرى سلسلة من اللقاءات المكثفة مع وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، ومع نائب الرئيس السوري، فاروق الشرع، كما التقى خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس. وقد أفاد موسى بأن الحوار الفلسطيني – الفلسطيني لم يصل إلى محطته النهائية بعد، وأكد أنه اتفق مع كل المسؤولين في سورية على ضرورة انجاز خطوات مهمة على طريق المصالحة الفلسطينية، وأشار الى أن الجميع يريد إنجاح المساعي المصرية، خاصة أن مصر مكلفة هذا الملف. وحذر موسى من استمرار اضطراب العلاقات العربية ـ العربية ووصفه بـ«الأمر الخطير»، وقال «من مصلحتنا إغلاق هذه الفجوات والعمل بوتيرة عميقة للنجاح في هذه المرة لرأب الصدع العربي». وكشف عن مصارحة الرئيس الأسد في هذا الأمر وأكد أنه لقي تجاوباً من الرئيس الأسد في هذا الشأن، وأشار موسى الى أن المرحلة تحتاج لدبلوماسية هادئة لمعالجة موضوع الحوار الفلسطيني وكذلك ملف العلاقات العربية ـ العربية.

وقال في لقاء صحافي محدود مع الوفد الإعلامي المرافق له «إن شهر يناير المقبل سوف يشهد اجتماعين للجنة عملية السلام ولجنة تنفيذ القرارات لمراجعة كل الملفات التي استندت اليه ومن بينها ملف العلاقات العربية ـ العربية»، ولمح إلى دعوة خالد مشعل للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يعقد يوم 26 الشهر الجاري في مقر الجامعة العربية لمناقشة الملف الفلسطيني، وأفاد بأنه لا يمكن إبقاء الموقف الفلسطيني متهرئاً. ولم يرد موسى على التقارير التي تتهم أصابع خارجية بتعطيل الحوار الفلسطيني، وإن كان قد أشار إلى اطلاعه على كافة التفاصيل ذات الشأن. وأكد أن عملية المصالحة التي ترعاها مصر لم تفشل ولا يمكن أن نستخدم تعبير «فشل عملية المصالحة»، وقال «هناك بعض الوقت، ولكن ليس متسعا من الوقت، يجب استثماره وتستثمره مصر بالفعل من أجل إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني».

وأشار موسى إلى أن الجامعة العربية سوف تتلقى تقريرا من مصر تقرر في ضوئه الإجراءات التي ستتخذ أو الوقت المطلوب، وأضاف «سنتوجه إليه جميعا من أجل نجاح الجهود المصرية في تحقيق المصالحة». وذكر أن الانقسام «يؤثر سلبياً على القضية الفلسطينية ومصيرها وهذا أمر لا نقبل به وأعتقد أن الأمر يحظى بإجماع عربي عليه». وردا على سؤال حول احتمال مشاركة الجامعة العربية في الوساطة، قال موسى «إن هناك تفويضا في هذا الموضوع لإدارة أمر الوساطة، وقد سارت الأمور بطريقة جيدة وجاء الكل وتفاهموا على إطار معين، أما بالنسبة لمصر فهي تقدر الجهود التي تقوم بها الأطراف الأخرى من خلال الاتصالات مع كافة الأطراف من أجل تحقيق المصالحة وتحدد ما إذا كان هذا الاتصال مطلوبا أم غير مطلوب».

وأضاف «عندما نستمع إلى المناقشات التي ستتم خلال اجتماع مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية يوم 26 الجاري سوف نبحث كل هذه الأمور وسوف نتخذ القرارات المناسبة لمعالجة هذا الأمر». وأوضح موسى أن اجتماع وزراء الخارجية العرب سيخصص فقط لبحث المسألة الفلسطينية من ناحيتي عملية السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية، أو المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية.

وحول ما يمكن أن تتخذه الجامعة العربية من سياسات إزاء الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، قال إن موضوع الحصار شيء مؤسف ويبين لنا أن السياسية الإسرائيلية تستفيد من الأوضاع الفلسطينية وكيف تستمر في إجراءاتها في الأراضي المحتلة والتي نحن جميعا محتجون عليها مثل باقي دول العالم، لذلك نحن جميعا مدعوون إلى عدم ترك الفلسطينيين في غزة فريسة للحصار تجويعا وفرضا للحياة القاسية هناك على الناس. وتعليقا على تقارير تفيد بعلاقة حماس مع أطراف إقليمية أخرى ومدى تأثير ذلك على المصالحة الفلسطينية، قال موسى «إن هناك تقارير كثيرة ومعلومات عديدة متضاربة ومتشابكة لكن ليست كل المعلومات التي نسمعها صحيحة». ودعا موسى كل الأطراف إلى مساعدة الفلسطينيين وعدم تعويق تقدمهم نحو وحدة الصف لأن كل من يريد أن ينقذ القضية الفلسطينيية عليه دعم وحدة الصف الفلسطيني، وكل من يريد تدمير القضية الفلسطينية عليه الايقاع بين الفلسطينيين. وأوضح أن الوقيعة لم تأت هكذا بالصدفة بل هناك عناصر كثيرة متراكمة سببتها، معربا عن اعتقاده بأن الفلسطينيين لن يقعوا في هذا الخطأ وسيضعون القضية الفلسطينية فوق كل اعتبار.

وقال موسى «نحن حتى الآن لم نحمل هذا الطرف أو ذلك مسؤولية تعطيل الحوار، لكن المؤكد أننا لن نستمر في قبول هذا الوضع، كما يستحيل علينا أن نخلق عملية سلام موازية لعملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينيية وتكون هناك عملية سلام فلسطينية ـ فلسطينية.. يجب ألا نستمر في هذا الوضع وألا نقع في هذا الخطأ الخطير والكبير».

وردا على سؤال حول طلب حماس إجراء تحقيقات من أجل معرفة أسباب وملابسات ما حدث في غزة، قال موسى إن هناك بعثة تقصي حقائق وهناك تقرير حول هذا الموضوع.

وعما إذا كان هناك عقاب، قال موسى «إن وزراء الخارجية سيبحثون كافة هذه الموضوعات ولذا يجب إعطاء فرصة إضافية ويجب ألا نقف مكتوفي الأيدي إزاء هذا الانقسام لأنه إهدار للقضية الفلسطينية حيث لا يجب ألا نتعامل مع كيانيين فلسطينيين متضادين. لا بد أن نستمع إلى تقرير مصر وقد علمت بتفاصيله، ولكن يجب أن ننتظر الى أن يعلم الباقي بكافة هذه التفاصيل ونناقش ذلك».

وردا على سؤال عن تمسك حماس بالمقاومة بديلا عن المفاوضات لتحرير الأرض، قال موسى «إن كل مفردات هذا الموضوع ستكون محل نقاش، ونحن لا نريد أن نزايد عليهم، وفي نفس الوقت لا نتكلم عن شعارات. وبمنتهى البساطة أستطيع أن أقول أنه طالما الاحتلال قائما لا يمكن إلغاء مبدأ المقاومة، ولكن هناك عنصر يتدخل في الوسط في هذه الجملة وهى أن هناك عملية سلام ناجحة أو ليست ناجحة.. فعملية السلام تجعل الأمور في انتظار وعلى ما هي عليه من أجل إعطاء عملية السلام فرصة.. أما إذا ظهر لنا أو ثبت لنا أن عملية السلام تسير في دائرة مفرغة فإن هذا يجعل الذين تحت الاحتلال أن يغضبوا ويرفضوا هذا الكلام الاحتلال.. يجب ألا نقع في المطب وننتظر سنوات ولم نصل إلى شيء لكن في نفس الوقت يجب أن نعطى هذه الأمور فرصة خاصة في وجود هناك إدارة أمريكية جديدة. بعدما ظهر أن بعض الفلسطينيين وبعض المنظمات أصبحت تهتم بحالها أكثر من القضية هذا يجعل القضية تفقد أنصارا وداعمين وبالذات في العالم العربي، وأنا على اتصال مع حماس بنفس درجة اتصالي مع الفصائل الأخرى. وردا على سؤال حول استثناء القدس من مبادرة السلام العربية، قال موسى «إما كل المبادرة العربية من دون استثناء أو لا، ولا تعديل في المبادرة.. والجدية في موضوع مبادرة السلام العربية هو أن يصدر قرار من الحكومة الإسرائيلية بقبولها». وعن الدور المطلوب من سورية، في موضوع المصالحة، قال موسى «إن الموقف السوري مثله مثله باقي مواقف الدول العربية المهتمة بالوصول إلى حل فلسطيني سريع للانقسام. أعتقد أن عملية السلام متوقفة ويجب ألا ننتظر سنوات بل يجب أن يكون هناك موقف. سيكون هناك طرح على الإدارة الأميركية الجديدة. الجامعة العربية تعمل ما تستطيع في فلسطين ولبنان والسودان. وما يتحقق من نجاح يشترك فيه الإجماع العربي. موضوع لبنان حل عندما تحقق الاجتماع، واستثمرنا كافة الأنشطة والفعاليات في موضوع المتوسط لأن هناك إجماعا واستغلته الجامعة العربية تماما. عندما لا يكون هناك إجماع تكون المشكلة.