بعد عام من المفاوضات.. الحكومة العراقية تقر الاتفاقية الأمنية مع واشنطن

صوت عليها 27 عضوا في مجلس الوزراء بينهم المالكي.. ووزيرة امتنعت

TT

أقر مجلس الوزراء العراقي في جلسته الاستثنائية التي عقدت صباح أمس الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن التي تنظم مستقبل الوجود العسكري في العراق، والتي سيصوت عليها البرلمان العراقي في 24 من الشهر الحالي.

وقال رائد جهاد فهمي وزير العلوم والتكنولوجيا العراقي ان «الاتفاقية اقرت من قبل 27 وزيرا من أصل 28 كانوا في الاجتماع، وهو اكثر من الغالبية المطلوبة».

وتضم الحكومة العراقية 36 وزيرا بالإضافة الى رئيس الوزراء نوري المالكي ونائبيه. وامتنعت وزيرة المرأة نوال السامرائي عن جبهة التوافق العراقية عن التصويت. وأكد علي الدباغ، الناطق باسم الحكومة العراقية، في مؤتمر صحافي بعد الجلسة، اقرار الحكومة للاتفاقية قائلا «انتهت عملية المفاوضات مع الجانب الاميركي وبموافقة مجلس الوزراء.. وستنتقل الاتفاقية الى مجلس النواب (أمس)». وأكد ان «الاتفاقية حظيت بموافقة 27 من الحضور».

وشدد الدباغ على ان الاتفاقية وضعت «تاريخا محددا ونهائيا في الثلاثين من يونيو (حزيران) 2009 (للانسحاب من المدن) واكتمال الانسحاب للقوات في 31 ديسمبر (كانون الاول) 2011».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن وزير العلوم والتكنولوجيا، قوله ان «الاتفاقية ليست مثالية، لكنها الافضل مقارنة بجميع البدائل الاخرى»؛ في إشارة لما تضمنته مسودات سابقة للاتفاقية.

ونبه الدباغ الى انه في الاول من يناير (كانون الثاني) 2009 سيعود الفضاء (المجال الجوي العراقي) الى العراق، كما سيستعيد العراق سيطرته على الترددات الجوية، مضيفا «بالنسبة لتفتيش البيوت واقتحامها (..) لا يمكن للقوات الاميركية القيام بذلك، إلا بأمر قضائي عراقي وبالتنسيق مع القوات العراقية»، مؤكدا أن العراق «سيتسلم جميع المواقع السيادية (المعسكرات) مطلع 2009»، مشددا على ان «جميع الشحنات الواردة للعراق سوف تتعرض لتفتيش الجانب العراقي، اذا ما رأى ذلك ضروريا».

وأشار الدباغ الى ان «هناك موقفا إيجابيا من قبل الكتل الكبيرة (والجميع) أبدوا موقفا ايجابيا، باعتبارها افضل الممكن كونها تنهي وتنظم الوجود العسكري، والانسحاب للقوات». وتابع الدباغ «بموافقة مجلس الوزراء انتهى التفاوض وتنتقل المسودة الى مجلس النواب وهو الذي يقر الاتفاقية او يرفضها (...) لهم صلاحية تشريعية ودستورية في ذلك».

وأشار الدباغ الى ان البرلمان العراقي ومجلس رئاسة الجمهورية سيحددان الطريقة التي سيتم بها حسم التصويت على الاتفاقية الامنية في البرلمان. كما اعلن الدباغ عن ان العراق سيتحرك فور التوقيع على الاتفاقية الامنية والطلب من مجلس الأمن بإلغاء الفصل السابع الذي يحكم وجود القوات المتعددة الجنسيات، وإلغاء الأمر رقم 17 الذي اصدره الحاكم الاميركي السابق بول بريمر.

وبالنسبة الى حماية اموال العراق، قال الدباغ إن هناك «بندا واضحا ينص على استمرار الحماية الاميركية للأموال العراق التي تأتي من تصدير النفط وتودع في صندوق التنمية، ومنع أي ادعاءات مالية أو أي محاكم من إقامة الحجوزات عليها»، حسبما اوردته الوكالة المستقلة للانباء (اصوات العراق).

ويخضع العراق للبند السابع للامم المتحدة والذي فرض عليه بعد دخول قواته الى الكويت عام 1990، حيث يسمح هذا البند باستخدام القوة ضده كونه «يهدد الامن الدولي»، اضافة الى تجميد مبالغ كبيرة من ارصدته في البنوك العالمية لغرض دفع التعويضات منها للمتضررين من غزو الكويت.

من جهة اخرى، أكد الدباغ انه «سوف يتم تحويل ملف المعتقلين لدى القوات الاميركية الى الحكومة العراقية ليقول القضاء العراقي الكلمة الفصل، لكي يطلق من لم تثبت عليه أي إدانة جرمية، ويحاكم من ثبتت عليه الادلة».

وتضم السجون الاميركية في العراق نحو 16 ألف معتقل، وفقا للجيش الاميركي. ويرى المحللون ان موافقة المرجعية الشيعية المتمثلة بآية الله العظمى علي السيستاني في النجف، تشكل الدور الرئيس في دعم الاحزاب الشيعية للاتفاقية.

واستقبل السيستاني مساء أول من أمس، الشيخ خالد العطية والنائب البارز علي الاديب.

وقال العطية بعد لقاء السيستاني إن «المرجع اكد على ضرورة الالتزام بالثوابت الوطنية، وان يتحمل المسؤولون (العراقيون) مسؤولياتهم الوطنية وينزلوا الى الساحة بشكل فاعل».

من جانبه، قال الاديب ان «سماحة السيستاني قال: أنا مطمئن للدراسة الدقيقة التي يقوم بها المسؤولون العراقيون ومطمئن لحرصهم على المصالح الوطنية».

كما حذفت تعبيرات في الاتفاقية تشير الى أنها قد تبقي قواتها الى ما بعد تاريخ الانسحاب وأضافت التزاما بعدم شن هجمات من الاراضي العراقية على دول مجاورة.

وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إن هناك حلولا وسطا كانت مرضية بالنسبة للجانب العراقي، مضيفا أن هناك اتفاقا الآن يمكن الدفاع عنه، مشيرا الى أنه سينشر وسيوزع وستحصل كل الدول المجاورة على نسخة منه.

واستطاع العراق أن يحقق نجاحا كبيرا في تحسين الأوضاع الأمنية في عموم البلاد خلال العام الماضي، بمساندة قوات الصحوة بدعم من القوات الاميركية. لكن الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر المناهض للوجود الاميركي يعارض التوقيع على الاتفاقية مع «الاحتلال» ويعتبرها «مهينة».

وكانت المفاوضات بين بغداد وواشنطن قد انطلقت، منذ حوالي أحد عشر شهرا، قبل ان يتوصل الجانبان الى الشكل النهائي للاتفاقية الذي أقر أمس. ويفترض ان يحل هذا الاتفاق محل التفويض الذي منحته الأمم المتحدة للقوات الاميركية وينتهي في 31 ديسمبر (كانون الاول) ليشكل الاساس القانوني لوجود القوات الاميركية في العراق.

الى ذلك، قالت وزيرة المرأة، التي لم تصوت لصالح المسودة إن قرارها جاء بسبب عدم استجابة الحكومة للتعديلات التي قدمتها جبهة التوافق العراقية حول الاتفاقية. وأضافت نوال السامرائي لـ«الشرق الاوسط» انها لم تصوت على الاتفاقية «لثلاثة أسباب وهي النص الدستوري الذي يطلب تشريع قانون للاتفاقيات والمعاهدات ولا يوجد بعد مثل هذا القانون، والسبب الثاني هو عدم الاستجابة لمطالب جبهة التوافق (التي هي عضو مستقل فيها) ومنها الإفراج عن كل المعتقلين لدى القوات الاميركية، بينما أقرت الاتفاقية تحويلهم للجانب العراقي، أما السبب الثالث فهو ان الشعب العراقي هو وحده من يقرر توقيع الاتفاقية بعد عرضها للاستفتاء»، مضيفة ان «مجلس الوزراء لا يمثل كل الشعب»، وأعربت نوال السامرائي عن املها في أن «يكون ممثلو الشعب (البرلمان) على قدر من المسؤولية عندما يقرروا التصويت على الاتفاقية من عدمه».