حزب «القضية العادلة» يضم أحزاب اليمين في تحالف وتساؤلات حول إمكانية استمراره

في إطار خطة الكرملين حول الاقتصار على أحزاب اليمين والوسط واليسار

TT

أثار تشكيل حزب «القضية العادلة» أو قضية اليمين حسب الترجمة الحرفية لكلمة «برافويه» التي تحتمل المعنيين (اليمين والعادل) جدلا واسعا في الأوساط السياسية الروسية بعد الإعلان عن حل الأحزاب الثلاثة «تحالف قوى اليمين» و«القوى المدنية» و«الحزب الديمقراطي» واتحادها في تنظيم واحد اختاروا له اسم «القضية العادلة». وفيما ارتبط حزب «تحالف قوى اليمين» في أذهان الغالبية الساحقة من ابناء الدولة الروسية بالكثير من الكوارث التي لحقت بروسيا خلال تسعينيات القرن الماضي وحكم الرئيس الأسبق بوريس يلتسين وبقرارات الخصخصة التي آلت بموجبها ثروات الوطن الى حفنة من اثرياء روسيا الجدد، يقول كثيرون إن الحزبين الآخرين «القوى المدنية» و«الحزب الديمقراطي» كانا من صناعة السلطة السياسية الحالية ولم يكن اي منهما يتمتع بأي جماهيرية تذكر في الشارع الروسي، وهما اللذان لم يستطيعا الحصول على أكثر من 1 ـ 2 في المائة من اصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية الماضية. واذا كان تشكيل الحزب الجديد يأتي في سياق مخطط سبق إن اعلنت عنه القيادة السياسية حول ضرورة التخلص من الاحزاب الصغيرة التي تجاوز عددها في السابق ما يزيد على الأربعين حزبا وجدوى الاقتصار على ثلاثة أحزاب كبرى تمثل اليمين والوسط واليسار، بعد نجاح السلطة في توحيد حزب «الوطن» وحزب «روسيا الموحدة» تحت راية «حزب الوحدة الروسية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء، فلاديمير بوتين، فقد بادر اثنان من الأحزاب القائمة الممثلة في البرلمان، وهما الحزب الشيوعي الروسي والحزب الليبرالي الديمقراطي المعروف باسم حزب جيرينوفسكي، بانتقاد ظهور الحزب الجديد الذي يقولون انه لن يصمد طويلا ولن يبقى لأكثر من دورة برلمانية واحدة في افضل الاحوال. ولعل مثل هذه التوقعات لم تكن لتغيب عن اذهان القائمين على شؤون «تحالف القوى اليمينية» الذين سارعوا الى الاعلان عن تشكيل ما يسمى بـ«حركة القوى اليمينية» بوصفها المرفأ الذي يمكن ان يعودوا اليه في حال فشل الحزب الجديد. وكان بوريس نيمتسوف، احد قادة تحالف القوى اليمينية وابرز أقطاب النظام السابق، قد سارع بالتحذير من مغبة حل الحزب، قائلا ان التنظيم الجديد لن يكون سوى ألعوبة في أيدي النظام الراهن. على ان هناك نيكيتا بيليخ، الزعيم السابق لتحالف القوى اليمينية، الذي قال إن هناك مستقبلا لهذا الحزب، لكنه سيكون مرتبطا بدوره كديكور للسلطة على حد قوله. وثمة شواهد كثيرة تقول ان الحياة السياسية في اطار التعددية الحزبية تجنح نحو تركيز السلطة في أيدي الحزب الحاكم وهو حزب «الوحدة الروسية» الذي يملك كل انواع الأغلبية، بما فيها الدستورية، في كل الأجهزة التشريعية الفيدرالية والإقليمية، بما يكفل للكرملين والحكومة التصديق على كل القرارات والقوانين اللازمة لهما. وليس اصدق على ذلك من مقولة احد قادة الحزب الحاكم الذي لم يجد ما يرد به على محاولة عدد من ممثلي المعارضة فتح باب النقاش في مجلس الدوما حول احد القوانين المطروحة سوى قوله إن «البرلمان ليس ساحة للمناقشة»، ولم يكمل ما كان مفاده ان «البرلمان من وجهة نظر الحزب الحاكم لم يعد سوى ساحة لتفصيل القوانين على مقاس من يطلبها» على حد تعبير غينادي زيوغانوف، زعيم الحزب الشيوعي الروسي الذي يظل يرفع لواء المعارضة للكرملين بما في ذلك ما طرحه مؤخرا من تعديلات دستورية استهدفت زيادة فترة صلاحيات الرئيس من أربع الى ست سنوات، ومجلس الدوما من أربع الى خمس سنوات. وقد اختار الحزب الجديد هيئته القيادية من رؤساء الاحزاب الثلاثة المنحلة، فيما اعلنت هذه الهيئة عن البدء في دراسة اللائحة وميثاق الحزب الذي سيتقدمون به الى وزارة العدل المعنية بالتصديق على تشكيل الأحزاب في روسيا.