السودان: ملتزمون بإعلان وقف إطلاق النار في دارفور

لجنة برلمانية سودانية مكلفة تقصي الحقائق حول هجوم أم درمان توصي بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية

TT

نفى الجيش السوداني بشدة اتهامات من قبل مسيحيي دارفور بأنه قام بعمليات قصف جوي على ولاية شمال دارفور، وشدد على أنه أعلن وقف لإطلاق النار وهو ملتزم به، غير انه كشف عن انه اشتبك مع نهابين في الاقليم، من دون وقوع اية خسائر جراء الاشتباك، فيما وصف حديث الحركات المسلحة بالعمل على إجهاض الهدنة. ويتوقع مراقبون عسكريون انهيار الإعلان ما لم تعلن الحركات المسلحة قبولها به، على ان يستتبع بآلية مراقبة، في وقت انتقدت فيه الحكومة السودانية تصريحات ناطق اميركي حول صفقة طائرات من طراز ميغ الروسية بين الخرطوم وموسكو، وشددت على أحقيتها في التسليح، قبل ان تنفي بشدة ان تكون قد وقعت صفقة مع موسكو بشراء 12 طائرة من ذات الطراز، ووصفت الانباء في هذا الشأن بأنها «مغلوطة».

وقال وزير الدفاع السوداني الفريق عبد الرحيم محمد حسين، في تصريحات صحافية، ان قواته ملتزمة بإعلان وقف إطلاق النار، الذي أطلقه الرئيس عمر البشير الأربعاء الماضي في ختام «ملتقى اهل السودان» الخاص بتنفيذ مبادرته لحل الأزمة في دارفور سلميا، «الا في حالة الدفاع عن النفس». واكد حسين ان التزام الجيش بالإعلان يقتضي مقابلته بإعلان والتزام من قبل الحركات المسلحة في دارفور، ويجب ان تحدد مواقعها والتعريف بها، وقال إن الإعلان سيتبع باجراء حتى يتمثل في تحديد آلية لتنفيذ مراقبة وقف إطلاق النار، ونبه إلى ان الآلية في الوقت السابق كانت من صميم اختصاصات الاتحاد الافريقي، ولكن الوضع الراهن يقتضي تسمية آلية جديدة يتفق عليها ويوكل إليها أمر مراقبة ذلك الوقف.

من ناحية أخرى، قال الفريق حسين انه لم يوقع خلال زيارته إلى موسكو الأسبوع الماضي أية صفقة جديدة، واضاف ان حديثه الصحافي في موسكو لم يكن عن صفقة جديدة واهنة «حيث لا توجد في حقيقة الامر صفقة جديدة الآن»، ونفى الوزير بشدة انه قد وقع خلال الزيارة صفقة بـ 12 طائرة ميغ، ووصف الانباء التي نسبت اليه في هذا الخصوص بانها «مغلوطة»، وقال «تلك الانباء المغلوطة نقلها احد الصحافيين من مؤتمر صحافي عقدته وكالة نوفوستي الروسية في حضور مجموعة من الصحافيين من دول العالم المختلفة»، وقال ان الحديث جاء في سياق رده على سؤال حول صفقة سابقة لطائرات من طراز ميغ 29 جرى التوقيع عليها وانجازها بالكامل، بما في ذلك تسلم الطائرات في عهد وزير الدفاع السوداني السابق الفريق بكري حسن صالح. من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العميد الدكتور محمد عثمان الاغبش في تصريحات، ان الجيش ملتزم بالوقف الشامل لإطلاق النار في دارفور، إنفاذا لتوجيهات البشير، واضاف ان الجيش ملتزم بالاعلان الصادر في هذا الخصوص، رغم إعلان بعض الحركات المسلحة عدم التزامها. وكان قادة من 4 فصائل متمردة قد قالوا ان طائرات حكومية من طراز انتونوف قصفت الاراضي ما بين مستوطنات كوريبا وام محاريق بالقرب من طريق رئيسي في شمال دارفور على مدى ساعات صباح الجمعة الماضي، وقالت مصادر للأمم المتحدة انها تلقت نفس التقارير من متمردين ومدنيين في المنطقة.

إلى ذلك كشف مصدر برلماني لـ«الشرق الأوسط» عن أن لجنة برلمانية مكلفة بتقصي الحقائق حول هجوم حركة العدل والمساواة على مدينة أم درمان في مايو (أيار) الماضي، أوصت في جلسة ضرب عليها سياج من السرية ومنع منها جميع الإعلاميين بما فيها الإعلام الرسمي بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتحديث قدرات الجيش، خاصة في سلاحي الطيران والمدرعات، واعتماد موارد إضافية، لذلك ضمن موازنة عام 2009.

وقال المصدر إن وزير الدفاع السوداني الفريق اول عبد الرحيم محمد حسين أوضح أن وزارته لم تتسلم سوى 40% من ميزانية التسيير للعام الماضي، وأضاف أن رئيس اللجنة الفريق جلال تاور قد قال إن تدعيم إمكانات الأجهزة الأمنية يجب أن يكون توجهاً استراتيجياً ولم يستبعد تكرار أحداث مماثلة لغزو أم درمان. وأوضح تاور أنّ اللجنة المؤلفة من 26 عضواً يمثلون كل أحزاب المجلس عقدت اجتماعات مع الوزراء المعنيين والخبراء العسكريين وقادة الأجهزة الأمنية وسلطات الولايات ونائب والي الخرطوم وقائد منطقة أم درمان العسكرية، وتحصلت على معلومات أخضعتها للتحليل، وقال إن اللجنة أوصت بإعادة العلاقات مع تشاد وتسريع الوصول لحل أزمة دارفور بجانب إحداث التنمية في مناطق الفراغ في ولايات غرب وشمال وجنوب دارفور وشمال كردفان والولاية الشمالية.

وقال المصدر إن رئيس لجنة الدفاع والأمن بالبرلمان والذي ترأس لجنة تقصي الحقائق الفريق جلال تاور نفى امتلاك اللجنة أية معلومات عن دور ليبي في غزو أم درمان، وأجاز النواب تقرير اللجنة بالإجماع.

وتعهد وزيرا الدفاع والداخلية ـ حسب المصدر ـ أمام اللجنة بإنفاذ توصيات لجنة التقصي، وقال إنهما قد شرعا مسبقا في ذلك. ودعا تقرير اللجنة الى إعادة العسكريين السابقين بعد ان تبين أن معظم القتلى من الجنود المستجدين، وقال التقرير ان عدد قتلى القوات الحكومية فاق قتلى المهاجمين.