نائب خادم الحرمين يسلم جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه

السعودية تدعو لعقد قمة مائية عالمية.. لمجابهة خطر جفاف محتمل

TT

سلم الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب خادم الحرمين الشريفين، الفائزين بجائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه في دورتها الثالثة (2006/ 2008) بمركز الملك فهد الثقافي في الرياض أمس، بحضور الأمير وليام ألكسندر، ولي عهد مملكة هولندا أمير ولاية أورانج ورئيس الهيئة الاستشارية لأمين عام الأمم المتحدة لشؤون المياه والصرف الصحي، والأمير خالد بن سلطان، رئيس مجلس جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه.

وظفر بجائزة المسابقة المختصة بالبحث العلمي في مجالات المياه والصرف الصحي عدد من الباحثين الغربيين والآسيويين، إضافة إلى جائزة قدمت للمؤسسة العامة لتحلية المياه في السعودية، بينما حجبت الجائزة الخاصة بفرع الإبداع.

وقال الأمير خالد بن سلطان، في كلمته خلال الحفل، إنه مضى 6 سنوات منذ إعلان جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه، شهدت خلالها صراعات سياسية ومشكلات اقتصادية وأزمات مالية وكوارث طبيعية لم تسلم من أي منها دولة واحدة، مضيفاً «ونبهنا وقتها لأخطار مائية تحيط بنا من كل حدب وصوب من ندرة وتلوث وجفافا وتصحر وصراع وفجوات مائية بين العرض والطب، وكنا نأمل أن تحمل السنوات التالية ما يبشر بانفراج لتلك الأزمة وبما يعين على تنفيذ الخطط الطموحة في النمو والتنمية».

وأوضح الأمير خالد بن سلطان أن المشكلة استفحلت والأخطار ازدادت ما بين هدر وإسراف وتلوث واستنزاف، وشعوب أضحت تحت خط الفقر المائي، ودول بات تصنيفها ضمن حزام الجفاف الشديد، وهي أخطار أغلبها من صنع الإنسان، مرحباً بالأمير وليم الكسندر الذي وصفه بـ«الشخص الذي لم يبخل بوقته وجهده في سبيل تخفيف المعاناة المائية في بلده وفي العالم أجمع».

وأشار إلى أن الخبراء يتحدثون من خلال أربعة مصطلحات اختزلوا فيها الأزمة المائية، وهي الإدارة المائية المتكاملة، والثقافة المائية، والوعي المائي، والسلوك المائي، معتبراً إياها بأنها تصف المشكلة والحل في آن واحد.

ولفت رئيس الجائزة النظر إلى أن ما تتعرض له البيئة ومصادرها من مشكلات وصعوبات ناجمة عن سوء تنفيذ أو إدارة تلك المصطلحات، مؤكدا أن الإدارة المائية المتكاملة ينبغي أن تشتمل على حسن إدارة الموارد المائية المتاحة كافة وإدارة الطلب على المياه بمشاركة القطاعات جميعها مع وضع سياسات واستراتيجيات وخطط جامعة في ظل أطر تشريعية وقانونية شاملة مع تطوير المؤسسات المائية والبيئية تطويرا علميا وتقنيا.

وبين الأمير خالد بن سلطان أن هذه الإدارة «هي حجر الأساس وهي بداية كل بديل ونهاية كل حل وأنها يجب أن ترتقي لتكون إدارة معرفية متكاملة».

وأضاف «وأنا أؤكد أن الإدارة المائية المتكاملة ينبغي أن تشتمل على حسن إدارة الموارد المائية المتاحة كافة وإدارة الطلب على المياه بمشاركة القطاعات جميعها مع وضع سياسات واستراتيجيات وخطط جامعة في ظل أطر تشريعية وقانونية شاملة مع تطوير المؤسسات المائية والبيئية، تطويرا علميا وتقنيا، وأن هذه الإدارة هي حجر الأساس وهي بداية كل بديل ونهاية كل حل وأنها يجب أن ترتقي لتكون إدارة معرفية متكاملة».

ورأى أن الوعي المائي والثقافة المائية والسلوك المائي من الضرورات بوصف الإنسان هو المستهلك وهو المسرف وهو المرشد وهو المبدع وهو الباحث وهو المقرر وهو من سيتولى الإدارة المعرفية المتكاملة للمياه.

وقال «تعلمون أن منظمة الشفافية الدولية تصدر تقارير سنوية، وقد أصدرت تقريرها هذا العام في شأن الفساد المائي، وأهم ما جاء فيه أن بدء تغير المناخ وازدياد الطلب على الموارد المائية في جميع أنحاء العالم، جعلا من مكافحة الفساد في قطاع المياه أمرا ملحا اليوم أكثر من أي وقت مضى، فمن دون المزيد من الإجراءات والسياسات لإيقاف أي تدهور في هذا القطاع سيكون هناك الكثير من الآثار السلبية في التنمية الاقتصادية والبشرية وتدمير للنظم البيئية الحيوية، إلى جانب ما قد تسببه من تأجيج للتوتر الاجتماعي ونشوب النزاعات في هذه الموارد الأساسية».

واستطرد الأمير خالد بن سلطان قائلا «على الرغم من اعتراض بعض الدول على تقرير المنظمة، إلا أنني أؤيد ما يرد في مثل هذه التقارير حتى لو كانت المبالغة أو التشهير إحدى سماتها لأنها تفتح العيون على مواطن ضعف مطلوب علاجها».

ودعا مساعد وزير الدفاع والطيران المفتش العام للشؤون العسكرية القائمين على شؤون المياه في الدول كافة، للإطلاع على التقرير ودراسة تحليلاته ودروسه الأربعة المستفادة وتوصياته بالإصلاح وتحليل إحصائياته المخيفة ليدركوا الخطر ويصلحوا الفساد.

وأعرب عن آمل الجميع في أن يكون جهد الجائزة من خلال أبحاثها رائدا في الوصول إلى استخدام تقنيات جديدة تعمل على تطوير مصادر المياه والمحافظة عليها ويكون معينا على وضع سياسات مائية تخدم التنمية في ظل ندرة المياه التي يعانيها العالم مبرزا الارتباط الوثيق بين الأمن المائي والتنمية المستدامة وضرورة وضع الاستراتيجيات والخطط الوطنية والإقليمية والدولية لمواجهة هذه المشكلة.

وقال «بعد هذه النظرة الرمادية إلى المشكلة المائية، يبقى الأمل دوما، فلا يأس من رحمة الله، ما دام يرعانا رجل نذر نفسه لفعل الخير وخدمة العلم وتشجيع البحث رجل حباه الله بابتسامة تبشر بالتفاؤل وتشيع الطمأنينة في من حوله، أحبه الناس وأطلقوا عليه أسمى الصفات وأنبل الأسماء، أنشطته في مجال المياه يدركها القاصي والداني، يرعى مركزا لأبحاثها، وإنشأ لها جائزة عالمية».

وأضاف «يدعم مشروعا لحصد مياه الأمطار والسيول وخزنها، ويدعم الأنشطة المائية محليا وعربيا ودوليا، إنه سلطان الخير، وسلطان المروءة، ورجل البيئة الأول، إنه والدي الذي أقف له حبا واحتراما وأخفض له جناح الذل من الرحمة، متعه الله بالصحة والعافية وحفظه من كل شر وسوء».

وشدد الأمير خالد بن سلطان على وجود الأمل «ما دام الله قد حبانا بقيادة رشيدة على رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تقيم المشاريع الرائدة لتحلية المياه وبناء السدود الضخمة وإنشاء شبكات المياه والصرف الصحي وتنمية موارد المياه والحفاظ عليها واستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة والري فالحمد لله على اصطفائه وندعوه أن يحفظه ويوفقه ويسدد خطاه».

وأكد أن الأمل واقعا من خلال «وجود علماء وباحثين، مفكرين ومبدعين، العلم سبيلهم والبحث طريقهم وحل المشاكل المائية غايتهم، هؤلاء العلماء هم من نحتفي بهم اليوم معلنين فوزهم بجائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه في دورتها الثالثة».

من جهة أخرى دعت السعودية أمس، إلى عقد قمة مائية عالمية، على غرار قمة الـ20 الاقتصادية التي اختتمت أعمالها مؤخرا في واشنطن، وشارك فيها زعماء 20 دولة حول العالم، وذلك بغرض التعامل مع العجز المائي الذي ينبئ بكارثة جفاف محتملة.

وجاءت هذه الدعوة في الوقت الذي تشهد فيه العاصمة الرياض هذه الأيام 3 مناسبات مائية بالغة الأهمية، حيث سلم نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير سلطان بن عبد العزيز ليل أمس، جوائز على الفائزين بأبحاث جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية لأبحاث المياه، فيما تم افتتاح المنتدى العربي الأول للمياه، والمؤتمر الدولي للموارد المالية والبيئة الجافة في دورته الثالثة.

ويعقد على هامش تلك التجمعات، عدة اجتماعات للمجموعة العربية ومجموعة أميركا الجنوبية، حول مشكلة التصحر، في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات المشاركين في تلك التجمعات، بضرورة اتخاذ إجراءات جماعية عالمية لإيجاد حل لمشكلة ندرة المياه.

ونبه الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية، وأحد المهتمين بقضية «الأمن المائي»، إلى أن الأزمة المائية لا تقل خطرا عن الأزمة المالية. وقال «لا شك أن معالجة الأزمة المائية تحتاج إلى تكاتف كل الدول، غنيها وفقيرها، وتعاونها على الوصول إلى حلول ناجعة، من دونها سيصبح العالم خرابا ودمارا. إنني أدعو إلى قمة مائية، على غرار القمة المالية».

ودعا الأمير خالد بن سلطان، وهو الرئيس الفخري للمجلس العربي للمياه، دول العالم، لمواجهة ما أسماه «القرصنة المائية»، وردعها، والتي قال إنها «لا تقل بشاعة ـ إذا تركت وعاثت في الأرض فسادا ـ عن حكم بالإعدام على من لا ذنب له».

وأشار إلى وجود قلق وفزع عالميين، حول ما يتعرض له الماء من «ندرة وتلوث وسوء إدارة»، محذرا من مغبة ما وصفه بـ«الإرهاب المائي البيولوجي»، داعيا إلى أن يولي الخبراء هذا النوع من الإرهاب الأهمية القصوى. وقال إن «معظم الدول لم تنتبه لاحتمال أن يغير الإرهاب استراتيجيته، فيستهدف الموارد المائية، لنصحو يوما، على إرهاب مائي، يدمر محطات التحلية، أو يسمم الأنهار والأنابيب، والآبار والمياه الجوفية».

وأكد الأمير خالد بن سلطان، على الوضع الحرج الذي تشكله مشكلة الوقود الحيوي الذي تصنعه بعض الدول، والذي قال أنه نجم عن ممارسات زراعية مخطئة. ولفت إلى أن الوضع الحالي «يتطلب سياسات مائية جديدة»، مطالبا دول العالم بوضع حد للعبث بمقدرات الحياة بما في ذلك تحديدا أولويات لاستخدام المياه.

وحذر من أن المنطقة العربية لن تنجُو من ظاهرة الاحتباس الحراري. وقال إنها «ستعاني نقصا تدريجيا في مياه الأمطار، يناهز 20 في المائة خلال السنوات الخمسين المقبلة، إضافة إلى زيادة تكرار دورات الجفاف».

وشدد على أهمية أن تسارع الدول لوضع الإستراتيجيات وخطط العمل الواضحة، للتخفيف من الآثار السلبية لظاهرة الاحتباس الحراري، والتنسيق في ذلك مع الآليات الدولية.

وعكست أرقام أفصح عنها المهندس عبد الله الحصين وزير المياه السعودي، حجم مشكلة الجفاف والندرة في المياه التي تتهدد العالم. حيث قال أن نقص الموارد المائية يتمثل في انخفاض الكمية المتاحة للاستخدام الفردي بحوالي 60 في المائة، عما كان الحال عليه في العام 1950، وهو ما يعني أن استخدام العالم للمياه قد زاد 3 أضعاف خلال النصف الأخير من القرن الماضي، وذلك بعد أن زاد سكان العالم من 2.5 بليون إلى 6 بلايين نسمة.

ونبه الحصين من أن الكمية المتاحة للفرد، ستنخفض بنسبة 33 في المائة، خلال الـ40 سنة القادمة، بعد أن يرتفع عدد سكان العالم إلى 9 بلايين نسمة. وزاد بالتفسير قائلا «أي أنه خلال 100 عام فقط، انخفض وسينخفض المتاح للفرد بأكثر من 90 في المائة، عن مستواه 1950م أو بمعنى آخر لن يعود متاحا للفرد في عام 2050، إلا أقل من 10 في المائة، مما كان متاحا في عام 1950».

ومقابل هذه الأرقام، كشف الوزير الحصين، عن أن الطلب على المياه سيتضاعف كل 35 عاما. وقال «وإذا كان 40 في المائة، من المياه المطلوب توفيرها للزراعة سيأتي من مياه الري كما هو الحال الآن، وذلك لسد حاجة 2.4 بليون نسمة، من المتوقع إضافتهم لسكان العالم، فإن الحاجة ستكون لما يوازي 20 ضعفا لجريان نهر النيل أو 100 ضعف جريان نهر كلورادو وهو ما يظهر بجلاء حجم التحدي الذي يواجهه العالم».

وأوضح وزير المياه والكهرباء السعودي، بأن توزيع المياه بين مناطق العالم لا يتناسب إطلاقا مع الكثافة السكانية في تلك المناطق.

وأضاف «فبينما تستأثر الأميركيتان بحوالي 40 في المائة من مياه العالم، نجد أن سكانها هم 15 في المائة، مقابل أن آسيا تحوي 60 في المائة من السكان، ولا يتجاوز نصيبها 36 في المائة، وهو ما يعني أن نصيب الفرد في قارة آسيا أقل من ربع نصيب نظيره في الأميركيتين».

وأشار الحصين إلى أن فجوة المقارنة تزداد اتساعا، عندما تضيق الدائرة لتشمل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تحوي دولهما 6.4 في المائة من سكان العالم، في الوقت الذي لا تستأثر سوى بـ1.4 في المائة من المصادر المائية، وهو ما يعني أن نصيب سكان هذه المنطقة هو ربع متوسط المتاح لقارة آسيا على قلتهم مقارنة بالأميركيتين.

وأبان أن ثلاثة أرباع المتاح من المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تستأثر به أربع دول فقط هي (إيران، العراق، سوريا، وتركيا) إضافة إلى ذلك فإن 12 دولة من أكثر من 15 دولة في العالم شحا في المياه تقع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.