مسلسل أزمات أحمدي نجاد: رجال دين يهاجمون مستشاره بعد اتهامه بإهانة القرآن

بعد إشرافه على حفل حملت فيه 12 فتاة المصحف على طبق وهن يرقصن على أنغام الموسيقى

TT

تواصلت أزمات الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الداخلية، فبعد نحو 10 أيام من سحب البرلمان الثقة عن وزير الداخلية المقرب من الرئيس الإيراني علي كاردان بعدما اعترف بأن شهادة الدكتوراه الفخرية التي قال إنه حصل عليها من جامعة «اكسفورد» البريطانية مزورة، موضحا أنه حصل عليها عبر وسيط إيراني لا يستطيع العثور عليه، يواجه أحمدي نجاد مشكلة جديدة بعد الانتقادات التي تعرض لها نائبه لشؤون السياحة اسفنديار رحيم مشائي منذ أيام بـ«إهانة القرآن» من جانب شخصيات دينية ومحافظين يطالبون باستقالته.

وسبق ان تعرض مشائي، وهو أيضا تربطه صلة نسب بالرئيس الإيراني، ابنته متزوجة من ابن أحمدي نجاد، لانتقادات شديدة لتصريحه بإن ايران «صديق للشعب الاسرائيلي» في أغسطس (آب) الماضي. وطالب العديد من النواب والشخصيات الدينية آنذاك باستقالة مشائي، وتدخل المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي في 19 سبتمبر (أيلول) ليضع حدا لهذه الهجمات، منتقدا في الوقت نفسه تصريحاته، فيما عمد أحمدي نجاد الى اصطحاب مشائي معه في جولاته الخارجية لإظهار دعمه له. وقالت الصحف الإيرانية، أمس، إن الأزمة بدأت أثناء حفل أقيم في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) حول الاستثمارات الاجنبية في قطاع السياحة حملت خلاله اثنتا عشرة فتاة كن يرتدين اللباس التقليدي نسخة من المصحف على طبق وهن يرقصن على موسيقى. وفي ايران يبدأ اي حفل رسمي بتلاوة آيات من القرآن، لكن ما صدم الحاضرين هو حمل الفتيات المصحف وهن يرقصن على موسيقى دينية. ودان الحفل مسؤولان دينيان كبيران هما آية الله لطف الله الصافي كلبايكاني وآية الله ناصر مكارم شيرازي وكلاهما من أبرز آيات الله في قم، ومن المقربين من المرشد الاعلى لإيران آية الله علي خامنئي. وقال آية الله كلبايكاني الاربعاء «ان إهانة القرآن أمر غير مقبول»، معتبرا أن مشائي «غير جدير لشغل هذا المنصب». ولتهدئة الأمور قدم مساعد مشائي منظم الحفل مهدي جهانغيري أول من امس استقالته رغم تأكيده «ان حمل القرآن على طبق هو من ضمن تقاليد شعوب غرب ايران». لكن يبدو ان هذه الاستقالة لم تكن كافية بحسب الصحف الإيرانية التي نقلت عن النائبة المحافظة عن طهران لاله افتخاري رئيسة الكتلة البرلمانية «القرآن والعائلة»، طلبها من احمدي نجاد طرد مشائي، وهو ما ذكرته ايضا وكالة الأنباء (فارس).

كذلك نددت جمعية البازار الاسلامية (مقربة من المحافظين) ورئيس حزب الائتلاف الاسلامي (محافظ) محمد نابي حبيبي في رسالتين منفصلتين بـ«إهانة القرآن». وقال حبيبي في خطاب الى الرئيس الإيراني «انتهاك حرمة القرآن في وجود صاحب السعادة نائبك وتحت ادارته.. سبب أسفا عميقا لكل مسلم». والجبهة هي حزب محافظ دعمت أحمدي نجاد في السابق، لكنها أصبحت تنتقد سياساته بشكل متزايد الى جانب بعض الأحزاب الأخرى في المعسكر المحافظ. كما دانت المجموعة البرلمانية لرجال الدين «هذا العمل الاستفزازي» وطالبت الرئيس بـ«اتخاذ تدابير بحق المسؤولين عنه لمنع تكرار مثل هذه الأعمال»، بحسب وكالة «الينا» العمالية للانباء. وعبر كريم منصوري المكلف تلاوة آيات القرآن خلال الحفل وهو واحد من اشهر المقرئين، عن صدمته بحسب صحيفة «كيهان» المحافظة. وقال «عندما رأيت هذا المشهد المشين.. ارتجف كل جسمي»، مؤكدا انه اختصر قراءته تعبيرا عن احتجاجه.

ويأتي هذا الهجوم الجديد على أحد المقربين من أحمدي نجاد قبل سبعة اشهر من الانتخابات الرئاسية وفي وقت تتكاثر فيه الانتقادات لعمل الرئيس وبخاصة في أوساط المحافظين. ومن المتوقع أن يترشح أحمدي نجاد لإعادة انتخابه في يونيو(حزيران). لكن الانتقادات بسبب ادارته للاقتصاد تتصاعد ويواجه برلمانا اكثر عداء. وقال محلل سياسي إن خلاف «الرقص» يقدم ذخيرة لمنتقدي الرئيس. وأضاف، رافضا الكشف عن اسمه، في تصريحات لرويترز، أمس، «يبدو الأمر مثل إعطاء أولئك المستائين من أحمدي نجاد قطعة أخرى في هذه الأحجية مقطوعة الصور لتجميعها ضده». وأوضح المحلل أن القضية ستفيد على الأخص السياسيين الموالين للإصلاح الذين يحاول بعضهم إقناع الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي بالترشح في يونيو. وكان لأحمدي نجاد وهو اول رئيس من خارج رجال الدين منذ نحو ربع قرن علاقات شائكة برجال الدين؛ ففي مطلع رئاسته اضطر لتغيير قرار يسمح للنساء بدخول ملاعب كرة القدم بعد انتقاد رجال الدين. وذكرت وكالة أنباء الطلبة الايرانية إن مجموعة من رجال الدين وهم مشرعون في البرلمان طالبت الرئيس في بيان بأن «يتعامل بشكل قانوني مع المسؤولين عن هذا الفعل» الذي يشمل القرآن، وذلك في خطوة تعزز الضغوط عليه.