خلال لقائهما في القدس: أولمرت يعد بإطلاق سراح 250 أسيرا وأبو مازن يعد بسلطة واحدة وقانون واحد في الضفة الغربية

حماس تهاجم الرئيس الفلسطيني وتتهمه ومصر بالمشاركة في تحضير مرحلة جديدة لتصفيتها

TT

أسفر لقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت أمس، عن سلسلة وعود وإجراءات من الطرفين باتجاه تحسين أوضاع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي مقدمتها وعد اسرائيلي بإطلاق سراح 250 أسيرا فلسطينيا جديدا وتخفيف الحواجز العسكرية، ووعد فلسطيني بفرض واقع سلطة القانون في الضفة الغربية. ولكن حركة حماس وغيرها من التنظيمات الاسلامية هاجمت عباس على هذا اللقاء واعتبرته «مشاركة في التحضير لمرحلة تصفية حماس».

وكان أولمرت استقبل أبو مازن في مقره الرسمي في القدس، بحرارة. وحرص على رفع العلم الفلسطيني الى جانب علم اسرائيل، وتعامل معه كرئيس دولة ضيف. وعقد لقاء بين طاقمي المفاوضات برئاسة أولمرت وأبو مازن، ثم خرج الرئيسان الى غرفة جانبية لعقد لقاء ثنائي بأربع عيون، لمدة 40 دقيقة، فيما تولى قيادة المفاوضات الباقية رئيسا الوفدين الرسميين، أحمد قريع (أبو العلاء) وتسيبي ليفني.

وحسب مصادر فلسطينية واسرائيلية متقاطعة، فإن الرئيسين تباحثا في ثلاثة مواضيع أساسية، هي: الأول، الأوضاع في الضفة الغربية، حيث قال أبو مازن ان السلطة الفلسطينية تحقق نجاحات كبيرة في بناء سلطة القانون في كل الأماكن التي انسحبت منها اسرائيل، فانخفضت الى حد كبير فوضى السلاح والمليشيات ومخالفات القوانين الجنائية والجزائية وحتى قوانين السير. وقال ابو مازن انه وحكومته يسعيان بكل قوتهما الى بناء قاعدة سليمة لدولة سليمة يعيش فيها المواطن الفلسطيني بأمان. ووافقه أولمرت على ذلك مشيدا بشكل خاص بالاجراءات الأمنية الصارمة للشرطة الفلسطينية وغيرها من أجهزة الأمن. ولكن أبو مازن طالب أولمرت بالافراج عن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ووقف موجة الاستيطان وإلغاء الحواجز العسكرية ووقف العمليات الحربية المتمثلة بالاعتقالات. وأشاد أبو مازن بالجهود الأخيرة للشرطة الاسرائيلية في اعتقال المستوطنين المعتدين على الفلسطينيين. ولكنه أشار الى ان هذا لا يكفي. وطرح أبو مازن مجددا مطلبه الدائم باطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وعدم انتظار صفقة مع «حماس»، مؤكدا على ضرورة اطلاق سراح الأسرى المرضى والقدامى والنساء والأطفال. هنا أبلغه أولمرت انه قرر إطلاق سراح 250 أسيرا عشية عيد الأضحى.

الثاني، الوضع في قطاع غزة، حيث اتهم أبو مازن اسرائيل بالمبادرة الى خرق التهدئة وتنفيذ عمليات اغتيال جماعية بحق الفلسطينيين. وقال أبو مازن انه وغالبية الشعب الفلسطيني لا يؤيدان اطلاق الصواريخ السخيفة على البلدات الاسرائيلية، ولكن من بدأ بالتوتر هو الجيش الاسرائيلي. وطالب أولمرت بالعودة الى التهدئة حتى يتاح للفصائل الفلسطينية أن تتوصل الى اتفاق داخلي لاعادة الأوضاع الى سابق عهدها لقبل سنتين، وسيادة سلطة القانون في القطاع أيضا. ولكن أولمرت رفض توجه أبو مازن في هذه القضية ودافع عن العمليات الاسرائيلية قائلا: ان «حماس» تستعد لخطف جنود اسرائيليين واسرائيل لن تسمح بذلك، بل لن تنتظر حماس حتى تعمل. وتصر على اجهاض كل عملية تقوم بها.

الثالث، ويتعلق بمحادثات السلام، في ضوء انتقال اسرائيل الى مرحلة انتخابات واحتمال انتقال السلطة الفلسطينية أيضا الى مرحلة انتخابية، وقد اتفقا على الاستمرار فيها بغض النظر عن المعارضة في بلديهما. واتفقا على لقاء آخر بينهما في الشهر المقبل، بعد عودة أولمرت من الولايات المتحدة. وتطرقا الى خطة حزب الليكود، التي أعلنها بنيامين نتنياهو، تحت غلاف «السلام الاقتصادي». وقال أبو مازن ان هذه الخطة جاءت لإجهاض ما تحقق حتى الآن من مسيرة السلام. وقال انه سيكون على نتنياهو إذا فاز برئاسة الحكومة ان يفتش عن شريك فلسطيني آخر غيره ليقبل بهذا الطرح الفج. وأضاف: لن يجد نتنياهو فلسطينيا واحدا ينغر في مشروعه التآمري هذا.

من جهة ثانية، هاجمت كل من «حماس» و«الجهاد الاسلامي»، لقاء عباس أولمرت. وجددت حركة الجهاد الإسلامي على لسان القيادي فيها خضر حبيب، موقفها الرافض للقاءات الدورية بين الرئيس عباس وأولمرت، مسغربة «إصرار الرئيس عباس على عقد مثل هذه اللقاءات مع أولمرت الذي يوغل في تعذيب شعبنا». وطالب حبيب بضرورة وجود موقف حاسم من اللقاءات التي وصفها بالعبثية، مشيراً إلى أن دولة الاحتلال تستخدمها في تجميل وجهها القبيح أمام العالم. اما حركة حماس، فاعتبرت، ان لقاء عباس باولمرت «مهزلة» وتحد لكل مشاعر الشعب الفلسطيني الذي يعاني الويلات من الاحتلال في كل مكان على أرض فلسطين. وقالت حماس: «إن هذه اللقاءات هي بمثابة التحضير لمرحلة جديدة يخطط لها عباس وأولمرت وبالإشراف الأمريكي لتصفية المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حماس لتمرير مشاريع خطيرة خطط لها مسبقاً لصالح المحتل وعلى أنقاض حقوق وثوابت الشعب وعلى رأسها حق مقاومة الاحتلال».

وأضافت حماس في بيان لها «واضح أن هذه اللقاءات تأتي للتغطية على جرائم الاحتلال وتجميل وجهه بعد كل جريمة يرتكبها، وبشاعة جرائمه في غزة جراء القتل اليومي والحصار».