وزير الإعلام السوري: دمشق مرتاحة لتحسن الأوضاع في لبنان.. وتدعم أي جهد لمصلحة العمل العربي المشترك

موسى: هناك رغبة سوريّة لاستمرار المباحثات مع إسرائيل في ظل الإدارة الأميركية الجديدة

وزير الاعلام السوري، محسن بلال، يتبادل الحديث مع وزير الاعلام اللبناني، طارق متري، خلال جلسة يوم امس لمؤتمر وزراء الاعلام العرب في دمشق (أ.ب)
TT

اختتم وزراء الإعلام والاتصالات العرب أعمالهم بإصدار بيان دمشق الذي تضمن عددا من خطوات التعاون العربى المشترك وآلية تنفيذ وفق فترات زمنية محددة وكان وزير الاعلام السوري، محسن بلال، قد استهل حديثه الافتتاحي للمؤتمر المشترك بتحديد مواقف سورية السياسية تجاه كل القضايا العربية فتحدث عن اهمية التضامن لمواجهة التحديات التي تواجهه المنطقة.

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى قد أعرب عن اعتزازه بالتكامل والتنسيق بين آليات العمل الجماعي العربي والذي يعد برهانا على جدوى منظومة العمل العربي المشترك الذي تجسده الجامعة العربية، وشاهدا على ما يمكن أن تقدمه لصالح الإنسان العربي في حاضره ومستقبله.

وأكد موسى أن مجلسي وزراء الاعلام والاتصالات العرب هما المعنيانِ مباشرة برسم سياسات العمل العربي المشترك في مجالي الإعلام والاتصالات وطرح الرؤى المستقبلية التي تكفل تواصل نموهما باعتبارهما الأوضح تقدما والأقرب على الأرض العربية من المعدلات العالمية في انتشارهما وضخامة بنياتهما.

واستعرض الأمين العام للجامعة العربية ما يواجهه الوطن العربي من مشاكل سياسية وأمنية كبرى تمس ذات بقائه واستقراره وتشكل هما مشتركا للجميع بدءا من القضية الفلسطينية بأبعادها السياسية والأمنية والإنسانية واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراض عربية وتصاعد سياسات الاستيطان والحصار مرورا بالأوضاع في العراق إلى أزمة دارفور وانتهاء بالاضطراب في الصومال علاوة على تداعيات الأزمات العالمية المتعاقبة مثل أزمة الغذاء وأسعاره والأزمة المالية التي تنذر بتفاقم حالة الفقر في مختلف أقاليم العالم بما فيها مناطق الوفرة الاقتصادية.

وأكد موسى أن التداخل والاندماج بين الإعلام والاتصالات صارا الظاهرة الأبرز في مطلع القرنِ الحادي والعشرين وتمثل البوابة الأرحب لتحسين نوعية الحياة على الأرض. وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى أن العالم يعيش وينتقل بسرعة من إعلام واتصالات «القرية العالمية» إلى إعلام واتصالات «الكون الرقمي» لافتا الى ان القرية العالمية آخذة فى التمدد والتوسع من عالم على الأرض إلى كون يتجاوز حدود المكان والزمن ليصل حجم المعرفة المتداولة عبر الوسائط الرقمية لأول مرة في التاريخ المعروف للانسان إلى 281 إجزا بايت في نهاية عام 2007 متفوقا بذلك على حجم المعرفة الإنسانية المتراكمة عبر الوسائل التقليدية على امتداد التاريخ المعروف للانسان.

وأضاف أن التوقعات تشير الى أن نمو هذا الحجم من المعرفة المتداولة سيصل الى معدل عشرة أمثال في عام 2011 ليصل مسار الاعلام بقوالبه الجديدة لأول مرة ليتجاوز حجم المحتوى الذي ينتجه الأفراد وما تنتجه مؤسسات الإعلام عامة وخاصة حيث يبلغ المعدل العالمي لمساهمة أو مشاركة المستخدمين الأفراد في إنتاج المحتوى الاندماجي الرقمي 36 فى المائة ما يعني مباشرة أن أكثر من ثلث الموارد البشرية يتحول في كل مجتمع يجيد استثمار التقدم العلمي والتكنولوجي إلى مصنع بشري لإنتاج الخدمات وتطوير الأفكار وإثراء التفاعل المجتمعي البناء وصولا إلى تحسين نوعية الحياة. وأعرب عن تطلعه لان يتم من خلال الاندماج الحاصل والمتعاظم بين الإعلام والاتصالات في المستقبل المنظور تعزيز العمل الجماعي في المساحة المشتركة بين هذين المجالين. وأكد أهمية إتاحة السبل أمام كافة الشرائح المجتمعية وخاصة الفقيرة منها والأشد احتياجا للحصول على منافع اندماج الإعلام والاتصالات من أجهزة وخدمات بتكلفة منخفضة لتمتين النسيجِ المجتمعي والتمكين الاقتصادي للأفراد والأسر والمجتمعات وبما يعزز مقدرة الإنسان العربي على التفاعل الإيجابي في داخل مجتمعه والتواصل الواعي مع العالم. ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في كلمته أمام مجلسي وزراء الإعلام والاتصالات إلى ترسيخ البعد الاجتماعي والإنساني فيما سيتم وضعه من سياسات وخطط مشتركة. كما دعا إلى ضرورة طرح قضية الحفاظ على التراث الثقافي والمعرفي العربي ونقله «مرقمناً» إلى الأجيال القادمة صونا للهوية القومية واعتزازا بالانتماء لها وضمانا لتواصلها التاريخي.

وفي كلمته امام المؤتمر قال وزير الاعلام السوري، محسن بلال إن الاجتماع يأتي في سياق الحاجة الماسة للتكامل بين وزارات الاعلام والاتصالات على مستوى الوطن العربي نظرا للثورة المتعاظمة التي يشهدها قطاع الاتصالات وفى ابتكار وسائل جديدة لإيصال الرسالة الإعلامية بما يشكل تحديا أساسيا أمام الجميع.

وحذر بلال من أن التطور فى مجال الاتصالات يسير بسرعة غير مسبوقة تجعلنا عاجزين عن اللحاق به ما لم نوحد جهودنا ويتكامل عملنا من خلال تقوية التواصل والاستفادة من الخبرات المتبادلة بهدف الحفاظ على مقومات حضارتنا من قيم وعادات وتراث عربي. وأكد أن اجتماع دمشق ونتائجه يصب أخيرا في مصلحة العمل العربي المشترك والذي نأمل من الجميع دعمه وتعزيزه ليكون سندا لنا لمواجهة التحديات التي توجهنا.

وأشار إلى «أن أعداء الأمة يعملون على تفريقنا وزرع بذور الشقاق فيما بيننا معربا»، عن أسفه من أن المخاطر تتهددنا جميعا موضحا في هذا السياق أن الاحتلال يفرض شروطه على أشقائنا في العراق ويشرعن وجود الغاصب والغاشم على أرضهم باتفاقية تكافئ المحتل وتمنحه حقوقا ليس على حساب أصحاب الأرض بل وعلى حساب جيرانهم.

وأكد وزير الاعلام السوري فى هذا الصدد أن الشعب العراقي لا يمكن أن يتقبل ما يسيء إلى تاريخه واستقلاله وكرامته وما يؤذي أشقاءه في الدول المجاورة له.

واضاف إن بلاده تحملت كثيرا من الأذى ومحاولة فرض العزلة عليها والتي باءت جميعها بالفشل لمواقفها الوطنية مؤكدا في الوقت ذاته حق سورية في تحرير أرضها من الاحتلال وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الارض مقابل السلام والذي ترغب به سورية وهو السلام العادل والشامل الذي تسعى إسرائيل إلى إفشال أية جهود لتحقيقه استنادا لتجارب إسرائيل السابقة بأنها ضد تحقيق السلام وأنها مستمرة في الاحتلال والقمع والتشريد وفرض سياسة الأمر الواقع والاستهانة بقرارات الشرعية الدولية. وأكد أن سورية تدعم كل جهد عربي بهدف توحيد الصفوف لمواجهة المخاطر وخاصة مع الفلسطينيين ومساندة سورية لأية مبادرة تقوى وحدتهم الوطنية وتوحد صفوفهم في وجه عدو غاصب.. داعيا الفلسطينيين إلى الحوار والتفاهم والحفاظ على الوحدة الوطنية. وفيما يتعلق بلبنان، قال بلال إن سورية أعلنت إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان وأنها مرتاحة لأي تحسن في الأوضاع اللبنانية لأنه سينعكس حتما على سورية مؤكدا بقوله «كما كنا نعمل دائما لخير لبنان وشعبه». وقد عقب رئيس المركز الوطني الاعلامي العراقي علي هادي محمد الموسوي على كلمة وزير الإعلام السوري، داعيا إلى احترام إرادة الشعب العراقي وأن الشعب حريص على إرادته أكثر من أي جهة أخرى مؤكدا أن الحكومة العراقية هي حكومة منتخبة بإرادة شعبية ومن الشعب العراقي. وقال «إننا جلسنا طويلا من خلال مفاوضات مرة وشاقة وصعبة حتى وصلنا إلى أفضل الحلول من خلال الاتفاقية الامنية والتي هي في صالح الشعب العراقي والمنطقة العربية والتي تنص على انسحاب القوات عام 2011».

من جهة أخرى، أوضح الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، قبل مغادرته دمشق ان الرئيس السوري بشار الأسد أبلغه ضرورة لم الشمل العربي ورأب الصدع. وأفاد بان العمل في هذا الاتجاه يسير ببطء، إلا انه أعرب عن تفاؤله بالتحرك نحو تفعيل المصالح العربية، وقال ان ملف العلاقات العربية ـ العربية لن يؤثر على القمة الاقتصادية بدليل ان مشروع الربط الكهربائي بين مصر وسورية والأردن ولبنان يسير بشكل جيد. وشدد موسى قائلا إن أمام القمة الاقتصادية فرصاً لإنجاز الكثير من الملفات التي تفتح ابواب العمل العربي المشترك. وتحدث موسى عن اهمية الحوار العربي ـ الايراني، وقال يجب ان يسبق الحوار العربي الغربي والعربي الاميركي، وان يتم وضع كل المخاوف على طاولة الحوار، وكذلك وضع ضمانات التعايش السلمي وحل المشاكل الفرعية والاستراتيجية. وردا عل سؤال حول مباحثاته مع المسؤولين السوريين، قال موسي إنها تناولت مجمل الاوضاع على الساحة العربية. وفيما يتعلق بالمباحثات السورية ـ الإسرائيلية، قال إن هناك رغبة سوريّة بالاستمرار في هذه المباحثات ولكن لا تزال في بداياتها والكثير يتوقف على الادارة الاميركية الجديدة، وربما يكون لديها فرصة لدعم وتشجيع هذه المباحثات وربما تأخذ خطا سياسيا مختلفا عن سابقاتها، لكن هذا الأمر لا نعلمه وإنما المباحثات قائمة. وحول العلاقات السورية ـ اللبنانية.. قال موسى إنها على الطريق السليم حتى وإن كان هناك بطء في الحركة. وأكد ضرورة المضي قدما في الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني وضرورة اتباع الدبلوماسية الهادئة لإنجاح هذا الحوار لأنه لا داعي للدخول في تفصيلات أو اتهامات متبادلة.

وقال موسى إن النقطة الأساسية هي «أننا لا نستطيع التعايش مع هذا الانقسام»، متسائلا «هل يتحمل البناء الفلسطيني هذا الانقسام والفراغ في ظل عملية سلام لم تحقق أيَّ نتيجة، وأنها مجرد اجتماعات هنا وهناك؟»، مجددا التأكيد على أن الجامعة العربية لا تقبل أن تكون هذه المباحثات إلى ما لا نهاية، ولذلك من الضروري أن يتم الانتهاء من ملف الخلافات الفلسطينية ـ الفلسطينية، وتستمر مصر في جهود الوساطة.