«حرب السيدتين».. تقسم الحزب الاشتراكي الفرنسي

عمدة باريس يدعو للتصويت لأوبري ورويال تلعب ورقة الشعبية

TT

يتهيأ محازبو الحزب الاشتراكي الفرنسي للعودة مجددا الى صناديق الاقتراع يوم الخميس القادم للفصل بين المتنافسين على زعامته بعد أن أخفق المؤتمر الخامس والسبعون في بلورة أكثرية وتبني خط سياسي واضح له. والمتنافسون ثلاثة هم: سيغولين رويال، المرشحة الرئاسية السابقة ومارتين أوبري وهي وزيرة سابقة وابنة جاك ديلور، رئيس المفوضية الأوروبية السابق وبونوا هامون وهو نائب في البرلمان الأوروبي ومستشار سابق لأوبري.

وأجمعت الطبقة السياسية على تنوعها والصحافة الفرنسية على وصف مؤتمر ريمس بـ«الكارثة». وقال عضو مجلس الشيوخ الاشتراكي جان لوك ميلونشون الذي ترك الحزب لتأسيسي حزب يساري إن الاشتراكيين «يعيشون حالة حرب أهلية» بينما قالت أمينة عام الحزب الشيوعي ماري جورج بوفيه إن الحزب المذكور «يعاني من أزمة خطيرة إذ لا برنامج سياسيا له». واعترف أمين الحزب المنتهية ولايته فرنسوا هولند أن الحزب «لم يفرز أكثرية» مضيفا أنه «يمر في أوقات صعبة».

وبطبيعة الحال، استغل اليمين الحاكم وهو المستفيد الأول من انقسام الاشتراكيين المناسبة فقالت وزيرة الاقتصاد كريستين لاغارد إن «مشهد الحزب الاشتراكي محزن» فيما شدد زميلها وزير العمل كزافيه برتراند على «أزمة الثقة» القائمة بين الاشتراكيين والمجتمع الفرنسي. أما الناطق باسم حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية «حزب الرئيس ساركوزي» فقد عاب على الاشتراكيين فقدانهم لـ«مشروع» وطني لفرنسا ما يعني ضمنا أنهم يسعون وراء السلطة ليس إلا.

وبانتظار يوم الخميس فقد بدأت الأمور تتوضح إذ دعا برتراند دولانويه، عمدة باريس وأحد المتنافسين على الزعامة قبل أن ينسحب أول من أمس من السباق، انصاره الى التصويت لصالح أوبري، وهي عمدة مدينة ليل الشمالية. وعمليا فإن المنافسة ستكون بين سيغولين ومارتين إذ ان تيار هامون الذي يتموضع على يسار الحزب، حل رابعا في المنافسة وليس من المقدر أن يحدث المفاجأة. ولأول مرة في تاريخ الحزب الاشتراكي الذي أنتج قادة تاريخيين أمثال جان جوريس وليون بلوم وفرنسوا ميتران سيكون بإدارة إمرأة. والمنافسة الحقيقية ليست في الواقع على أمانة الحزب بقدر ما هي على رئاسة الجمهورية عام 2012. فأمين عام الحزب سيكون من غير شك الأوفر حظا منازلة في الرئيس ساركوزي في الانتخابات الرئاسية القادمة. وما بين سيغولين ومارتين هوة سحيقة إن لم يكن جدار. فالأولى كانت وزيرة دولة تابعة للثانية في حكومة ليونيل جوسبان. والأولى تلعب ورقة استطلاعات الرأي العام والتجديد والحداثة والانفتاح بما في ذلك على حزب الوسط والاستعداد للتحالف معه سياسيا وانتخابيا. أما الثانية فتريد حزبا متجذرا على يسار ومتحالف مع شركائه الطبيعيين في اليسار أي الشيوعيين والخضر كما تشدد على حزب «يواكب» الحركة الاحتجاجية والشعبية الفرنسية.

وبعد أن أعلن دولانويه عن دعمه لأوبري، فقد برز بوضوح أن جهاز الحزب وقادته التاريخيين يقفون الى جانب مارتين. إلا أن المرجح أن ينقسم تيار دولانويه بين محايد في «حرب السيدتين» وبين داعم لمارتين وآخر لسيغولين.

وفي أي حال، سيكون للمحازبين الاشتراكيين العودة للتصويت يوم الجمعة إذا لم يحصل أي من المتنافسين على أكثر من خمسين بالمائة من الأصوات في الدورة الأولى. وتحاشيا لهذا الاحتمال، فقد دعا فانسان بيان وهو المساعد الرئيسي لسيغولين رويال المحازبين الى إعطائها الأكثرية منذ الدورة الأولى. وسبق للمرشحة الرئاسية السابقة أن اعتمدت على المحازبين الذين تحظى بينهم بشعبية تفوق شعبية منافسيها، لتفرض نفسها مرشحة الحزب عام 2007. ويعتقد المتابعون لما حصل في مؤتمر ريمس أن استراتيجية رويال «نجحت» وأنها في وضع «يؤهلها» للإمساك بناصية الحزب. لكن المشكلة الحقيقية ستبرز في اليوم الثاني للانتخاب إذ هل ستحظى بالشرعية اللازمة التي ستؤهلها لقيادته؟ الجواب الأكيد موجود بالطبع بأيدي المحازبين.