بين القصور والسجون.. ولد الشيخ يستأنف حياته الهادئة في مسقط رأسه

المنزل الذي يقيم فيه حاليا الرئيس الموريتاني المعزول سيدي ولد الشيخ في مسقط رأسه بقرية لمدن («الشرق الأوسط»)
TT

تنام قرية لمدن الصغيرة في عمق الصحراء على بعد 250 كيلومترا شمال شرقي العاصمة نواكشوط. إنها مسقط رأس الرئيس الموريتاني المعزول سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، حيث نشأ وتربى قبل ان ينتقل للدراسة في الجامعات السنغالية والفرنسية ثم يعود إلى نواكشوط ليشغل منصب وزير في أول حكومة موريتانية.

لم يعتد ولد الشيخ عبد الله على المقام طويلا في قرية لمدن، حيث تغيب أبسط مقومات الحياة هنا، فالرجل الذي شغل وظائف سامية في سبعينات القرن الماضي كان يفضل البقاء في العاصمة نواكشوط قبل أن ينتقل للعمل في الكويت والنيجر لفترات طويلة أخرى امتدت إلى سنة 2007 حين أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية الموريتانية التي حسمها لصالحه ويقال إنه حظي خلالها بدعم من كبار ضباط المؤسسة العسكرية.

واليوم يستأنف ولد الشيخ عبد الله حياته الهادئة في قريته الصغيرة بعد أن أخضعه الضباط المنقلبون عليه للإقامة الجبرية هنالك بعد أن ترددوا كثيرا اثر الإفراج عنه بعد احتجاز دام أكثر من 3 اشهر. وفيما غمرت الفرحة سكان لمدن بعودة ابنهم الذي غيبته القصور والسجون عن هذه القرية لفترة طويلة، فإن الرئيس المعزول ما يزال يعتبر نفسه سجينا ويقول إنه لا يتمتع بحريته كاملة، و«إنما حصل مجرد انتقال من معتقل إلى معتقل»، ويتطلع للعودة إلى القصر الرئاسي الذي أمضى فيه خمسة عشر شهرا فقط من حكم كان مفترضا ان يستمر خمس سنوات على الأقل. خصص الرئيس ساعات النهار الأولى من عودته للأقارب وسكان القرية والمهنئين القادمين من قريب. ومع تقدم عقارب الساعة باتجاه الظهيرة، كانت رائحة السياسة تغشى المكان، حيث توافد السياسيون من أنصار الرئيس إلى المكان، وتعالت الزغاريد والهتافات مرحبة بهم، وخطفت الكاميرات وعدسات المصورين سكون القرية وغرق الجميع في ثنايا الحدث. تجمع الصحافيون وممثلو وكالات الأنباء والفضائيات العربية والفرنسية أمام منزل الرئيس العائد لتوه من معتقله في نواكشوط ترقبا لردة فعل تشكل سبقا لإحدى وسائل الإعلام، وكان المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد ساعات من وصوله فرصة لاختبار مزاج الرئيس المثقل بالهموم. فهو مازال يتمسك بالرئاسة وينوي مقاضاة الضباط الذين أزاحوه من منصبه بالقوة فور عودته لتسلم مهامه. ومع قدوم ساعات المساء الأولى عادت الحياة في قرية لمدن إلى طبيعتها السابقة. فبعد يوم من السياسة كسر هدوء المدينة التي لم تشهد قبل زخما بهذا الحجم منذ أن وضع حجر اساسها على يد أحد أجداد الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله.