في قرار أثار جدلا.. البرلمان الإيراني يصادق بأغلبية ضئيلة على تعيين محصولي وزيرا للداخلية

الوزير الجديد مليونير من الحرس الثوري وصديق مقرب لأحمدي نجاد.. ونواب يقررون الطعن في القرار

محصولي يتحدث مع أحمدي نجاد خلال جلسة البرلمان أمس (أ.ف.ب)
TT

صادق البرلمان الايراني امس بفارق ضئيل على قرار الرئيس محمود احمدي نجاد تعيين احد مستشاريه المقربين وزيرا للداخلية بعد فضيحة الشهادات المزورة التي ادت الى حجب الثقة عن سلفه علي كردان. وحصل الوزير الجديد صادق محصولي على 138 صوتا، وهو العدد الادنى الضروري للمصادقة على تعيينه في هذا المنصب الاستراتيجي للانتخابات الرئاسية المقررة السنة المقبلة. وصوت 112 نائبا ضد التعيين فيما امتنع خمسة عن التصويت وسجلت 20 بطاقة بيضاء من اصل 275 نائبا حضروا الجلسة. ومباشرة بعد عملية التصويت اعلن نواب محافظون واصلاحيون انهم سيطعنون في مصداقيتها بمذكرة حجب ثقة. واعلن رئيس البرلمان علي لاريجاني ان «محصولي حصل على اكثر بقليل من الاغلبية فهو بالتالي وزير». لكن نائبا نافذا قال رافضا ذكر اسمه لرويترز ان «نتيجة بهذا الفارق المتدني سيئة جدا لوزير داخلية يلعب دورا هاما في الحكومة». من جانبه اعلن احمد توكلي احد قادة المحافظين في البرلمان ان «التصويت يدل على ان الرضا على (نشاط) الحكومة في ادنى مستوياته». ونشط محصولي (49 سنة) على غرار احمدي نجاد في صفوف الحرس الثوري الايراني الجيش العقائدي للنظام. يذكر ان وزارة الداخلية مكلفة بتنظيم الانتخابات لا سيما الرئاسية المقررة في يونيو 2009 والتي يتوقع ان يترشح اليها احمدي نجاد مجددا.

وبذلك يحل محصولي محل علي كردان الذي اقيل من مهامه في الرابع من نوفمبر بسبب مذكرة حجب الثقة بعد ان تبين انه كذب وزور شهادة جامعية قال انه حصل عليها في اوكسفورد. واثار ترشيح محصولي نقاشات حادة بين النواب الذين انتقد بعضهم مصدر ثرائه المعروف بانه هائل. غير ان احمدي نجاد دافع عنه امس امام النواب، مؤكدا انه «يعرفه منذ اكثر من ثلاثين سنة»، مشددا على «دوره الحاسم خلال الحرب» بين ايران والعراق (1980-1988). واتفق معه النائب المحافظ حسن فنائي، لكنه شدد على ان «النقطة الوحيدة هي ثروته». وتابع النائب «فليقل لنا شخصيا مصدر ثروته». ودعاه النائب المحافظ حشمة الله صلاحات بيشي الى سحب ترشيحه، معتبرا ان «الخطر يكمن في الجمع بين الثروة والنفوذ»، وقال «لا مشكلة في ان يكون المرء ثريا في المجتمع لكن ان يكون وزير داخلية هذه مشكلة». لكن نوابا محافظين اخرين مثل شهاب الدين صدر ابرزوا «وفاءه الى المرشد الاعلى» اية الله علي خامنئي الذي دعم ترشيحه. ونفى محصولي امام النواب امس ان يكون قد استفاد من الدولة في اعماله الخاصة وبانه نظم حملة الانتخابات التي ادت الى انتخاب احمدي نجاد عام 2005 وقال «ليس صحيحا انني كنت على رأس تلك الحملة». ويدل انتخاب محصولي بفارق ضئيل على الانقسامات العميقة التي يشهدها معسكر المحافظين الذي يتمتع نظريا باكثر من ثلثي المقاعد في البرلمان.

ويقول منتقدو محصولي انه لا يتمتع بالمؤهلات اللازمة لمنصب وزير الداخلية، كما أنه صديق مقرب من احمدي نجاد منذ ايام الدراسة الجامعية، وهذا لن يجعله محايدا خلال الانتخابات الرئاسية المقررة 14 يونيو (حزيران) 2009، اذ ان وزارة الداخلية عليها تنظيم الانتخابات والإشراف عليها، وكلما كان الوزير مستقلا أو محايدا، كان ذلك افضل لضمان نزاهة الانتخابات التي يعتقد بشكل شبه مؤكد، ان احمدي نجاد سيخوضها. وكان اسم محصولي قد اقترح في عام 2005 لشغل منصب وزير البترول، لكنه انسحب قبل تصويت البرلمان بيوم واحد بعد تعرضه لانتقادات شديدة من عدد من النواب الذين اتهموه بأنه لا يتمتع بأية خبرة في هذا المجال، وايضا وسط انتقادات بسبب الثروة الكبيرة التي يمتلكها. لكن بعد انسحاب محصولي، عينه أحمدي نجاد مستشارا له. وقد خدم محصولي، 49 عاما، مثل الرئيس احمدي نجاد في الحرس الثوري. كما كان نائبا لوزير الدفاع لشؤون التخطيط.

ويقول سياسيون قريبون من التيار الاصلاحي في إيران، ان محصولي كون ثروة طائلة يتمتع بها من علاقته وعمله في الحرس الثوري النافذ، والذي بات مسيطرا على الكثير من الموارد الاقتصادية في ايران، وانه لهذا وقف البرلمان عام 2005 ضد تعيينه في منصب وزير النفط، قائلين إنه يعمل مع «المافيا» في إيران، الا ان أحمدي نجاد واصل الدفاع عنه. فمثلا في إحدى خطبه في مدينة «قم» الإيرانية، قال أحمدي نجاد: «المرة الاولى التي قدمنا فيها اخانا في حزب الله لمكافحة الفساد في وزارة النفط، اتهموا هذا الأخ بالعلاقة مع المافيا في منشور دعائي».

كما اشارت الصحف الإيرانية مرارا الى علاقات محصولي مع الحرس الثوري والثروة الطائلة التي يلعب فيها، وشرائه أراض بسعر اقل كثيرا من الأسعار الطبيعية للسوق في محافظة اردبيل، حيث أقام عليها مشروعات استثمارية درت عليه عوائد كبيرة. واقر محصولي للبرلمان الإيراني عام 2005 عندما كان ينظر في سجله لشغل وزارة النفط، أنه خلال 10 سنوات كون ثروة تبلغ عدة مليارات من الدولارات من الاستثمار العقاري في إيران، الذي يشهد نموا غير مسبوق. وكان احمدي نجاد ومحصولي زميلين في الجامعة، وخدما معا خلال الحرب العراقية الايرانية، وكان محصولي قائدا لأحمدي نجاد في الجيش. وبعد ذلك خدما معا في الحرس الثوري، حيث شغل محصولي منصب رئيس الوحدة السادسة في الحرس، بينما شغل أحمدي نجاد منصب نائب رئيس المهندسين في الوحدة نفسها. وخلال الانتخابات البلدية عام 2003، نجح المحافظون في الفوز بعدد كاف من المقاعد في بلدية طهران كي يختاروا العمدة من بينهم، لكنهم عندما اختاروا احمدي نجاد، رفض وزير الداخلية في حكومة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، تعيين أحمدي نجاد في المنصب، الا أن محصولي نجح في اقناع زوج شقيقته علي أكبر ولاياتي، المستشار القوي للمرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي، بالتدخل كي يتم تعيين احمدي نجاد عمدة لطهران، على الرغم من اعتراض خاتمي، وهذا ما تم.