مسيحيون عائدون للموصل: العوز المادي وراء رجوعنا.. وليس استتباب الأمن

أحدهم يشكو: يسيطر علينا الذعر ليلا.. وأسلحتنا صادروها

تلميذات في مدرسة بمدينة الموصل أمس (ا.ب)
TT

عاد عماد حنا وأفراد عائلته الى الموصل بعدما فروا منها مع آلاف من المسيحيين الآخرين إثر موجة اغتيالات استهدفت مجموعتهم، غير ان عودتهم كانت بدافع قصور مادي وليس بسبب تحسن ظروفهم الأمنية.

وقال عماد حنا وهو جالس في صالون منزله بحي السكر وبوادر القلق تظهر عليه «يلزمنا 125 دولارا لاستئجار منزل لمدة شهر»، مضيفا «لم يعد بوسعنا البقاء في قرقوش (بلدة مسيحية شمال الموصل)، فعدنا قبل أسبوع لكننا خائفون جدا».

وما زاد من هلع مسيحيي الموصل مقتل شقيقتين مسيحيتين الأسبوع الماضي في حي مجاور. وقتل المهاجمون الأربعة الشقيقتين بالرصاص في منزلهما وجرحوا والدتهما ثم لغموا باب المنزل قبل فرارهم مما ادى الى اصابة الشرطيين الذين وصلوا الى المكان صباح اليوم التالي.

وقال حنا البالغ من العمر 52 عاما، وهو يمسك بيد ابنته الصغرى «يسيطر علينا الذعر، وعلى الأخص في الليل»، موضحا «كانت لدينا قطعتا سلاح في المنزل، لكن البيشمركة (الميليشيات الكردية) صادروها العام الماضي»، وتابع ان «معظم الجيران الذين رحلوا لا يريدون العودة بعد. بعضهم يأتي للعمل في الموصل خلال النهار، لكنهم يعودون الى قرقوش مساء. ان الميسورين سينتظرون مزيدا من الوقت. وحدهم الفقراء امثالنا لا خيار أمامهم».

وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد تعرض المسيحيون في الموصل لحملة تخويف منهجية لم يعرف مدبروها، فقتل 12 منهم وتعرض عدد من المنازل للقصف او التفجير وألقيت رسائل تهديد يرافقها اطلاق نار وبثت سيارات تهديدات عبر مكبرات الصوت.

ودعا مجلس أساقفة محافظة نينوى وعاصمتها الموصل رعاياه رسميا منذ 31 اكتوبر (تشرين الاول) الى العودة، وقد عادت 700 عائلة منذ ذلك الحين، بحسب الأسقفية. ويدعو الاساقفة الى ترميم «وحدة العراق للجميع، ويجدر ان يبقى المسيحيون فيه كالخميرة في الخبز».

وردد الأب جورج بسمان الرسالة في فناء منزله المقابل لكنيسة القديس افرام التي تحرسها شاحنتان صغيرتان تابعتان للشرطة ومجهزتان برشاشات. وقال بصوت هادئ «ينبغي تجنب حركة نزوح نهائية بأي ثمن. المسيحيون هنا في ديارهم. الموصل مهد مسيحيي الشرق والتعايش مع اشقائنا المسلمين لطالما كان جيدا. يجب ان يتواصل ذلك وإلا يكون الارهابيون انتصروا».

وقتل خمسون مسيحيا في الموصل منذ 2003، بينهم أسقف المدينة وكاهنان، كما خطف مائة آخرون وأطلق سراحهم لقاء فدية، وسلكت آلاف العائلات طريق المنفى بلا عودة.

ويعرض الضابط في الجيش العراقي شاكر علي في مكتبه في الثكنة القريبة لائحة دونها على دفتر مدرسي بعائلات مسيحية عادت اخيرا. ويقول «عادت 34 عائلة في الأيام الـ12 الاخيرة وينتظر عودة عائلات اخرى. سوف نقابل (العائلات) لتسجيلها والترحيب بها. ونسير دوريات منتظمة ليل نهار في الأحياء التي تسكنها».

وتقف آلية هامفي عسكرية في عرض الرصيف على مقربة من منزل آل حنا. ويقول عماد معلقا «وجودهم هنا جيد. نريدهم ان يبقوا على الدوام لأنهم إذا غادروا بعد فترة، فقد يحصل أي شيء».