المزارعون في مناطق التماس بغزة يوقفون استصلاح أراضيهم بعد انهيار التهدئة

يخشون أن يقوم الجيش الإسرائيلي بتجريفها مجددا

TT

عبثاً حاول محمد بليه، 21 عاماً، إقناع والده إسماعيل، 46 عاماً، بمواصلة زراعة الأشجار وغرس الأشتال في الأرض الزراعية التي تحيط بمنزل العائلة والتي قام الجيش الإسرائيلي بتجريفها قبل أكثر من ستة أشهر، قبيل تنفيذ اتفاق التهدئة الذي توصلت اليه اسرائيل والفصائل الفلسطينية برعاية مصرية. فمنذ شهر بدأ إسماعيل الذي يحترف الزراعة ونجله البكر محمد الطالب الجامعي في اعادة استصلاح أرض العائلة التي تقع في منطقة «قوز بو حمام»، التي تقع على التخوم الشرقية من مدينة دير البلح، وسط القطاع والقريبة من الخط الفاصل بين إسرائيل والقطاع، وشرعا بتشجيرها وغرس الأشتال فيها، بعد أن أعادا تركيب شبكة الري فيها على أمل أن تعود الأرض كما كانت قبل ستة أشهر. لكن إثر انهيار التهدئة واستئناف جيش الاحتلال مجدداً عمليات القصف والتوغل في مناطق التماس، قرر إسماعيل التوقف عن استثمار الجهد والمال والوقت في اعادة فلاحة أرضه خوفاً من أن يقوم جيش الاحتلال مجدداً باقتحام أرضه وتجريفها.

ولتبرير قراره قال اسماعيل لـ«الشرق الاوسط»: «لقد كانت هنا حديقة غناء، لقد زرعت فيها كل ما يخطر على البال من أشجار الفاكهة واللوزيات والخضار ونباتات الزينة، لقد كان هنا ثمرة عشر سنوات من العمل المتواصل، فجاءت جرافات الاحتلال لتحيلها الى أكوام من التراب والركام، بالإضافة الى تحطيم سيارتي الخاصة، وتدمير سور منزلي». القرار الذي اتخذه اسماعيل يعكس حالة الهلع التي أصابت الآلاف من الفلاحين الفلسطينيين الذين يقطنون مناطق التماس التي تقع بمحاذاة الحدود مع إسرائيل والذين كانوا عادة هدفاً للتوغلات التي يقوم بها جيش الاحتلال قبل سريان اتفاق التهدئة. فكثير من هؤلاء الفلاحين أوقفوا عمليات اعادة استصلاح أراضيهم المجرفة وجمدوا مشاريعهم الزراعية.

عدنان أبو حسين أحد المزارعين الذين يقطنون في قرية القرارة، التي تقع شمال خان يونس، جنوب القطاع يعمل في مجال تربية النحل، ويعتبر من أشهر مربي النحل، حيث كان يملك العشرات من خلايا النحل، ومثله مثل اسماعيل بليه، فقبل شهر من بدء العمل بالتهدئة قام جيش الاحتلال بتجريف مزرعة النحل الخاصة به، ليضيع معها استثمار كلفه عشرات الآلاف من الدولارات، وجهد بذله على مدى سنين، وهو الآن أوقف ما شرع به من اعادة تدشين مزرعة النحل من جديد. وعلى الرغم من أن الفلاحين قد استأنفوا فلاحة أراضيهم منذ أن شرع في تطبيق اتفاق التهدئة، لكنهم في الآونة الأخيرة يقومون بذلك في أقصى درجات الحذر.

خميس المنايسة، 35 عاماً، الذي يملك قطعة زراعية تتاخم الحدود قال لـ«الشرق الاوسط» أنه قرر عدم التوجه لمزرعته مبكراً كما كان يفعل من قبل، ويحرص على مغادرتها قبل حلول الظلام، خشية أن يتعرض لمكروه من قبل عناصر فرق الموت التابعة لجيش الاحتلال الذين تبين أنهم ينشطون بشكل سري في مناطق التماس في إطار حرصهم على استهداف المقاومين الفلسطينيين الذين يتحركون في هذه المناطق. ويذكر أن الكثير من العائلات الفلسطينية التي تقطن مناطق التماس قد إضطرت خلال العامين الماضيين الى ترك منازلها واستئجار شقق سكنية في المناطق الداخلية من القطاع بسبب حالات الهلع والرعب التي أصيب بها أولادها وأطفالها بتأثير الاجتياحات الإسرائيلية.