التحقيقات تحلّ آخر ألغاز «فتح الإسلام»

مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: التنظيم انتهى والباقي اعتقال أبرز مسؤوليه في مخيم عين الحلوة

TT

يوما بعد يوم تحقق الاجهزة القضائية والامنية اللبنانية انجازات مهمة تؤدي الى حل الالغاز والتعقيدات التي كانت تحيط بتنظيم «فتح الاسلام» وخلاياه الارهابية التي وزعت جرائمها من تفجيرات واختراقات امنية في معظم الاراضي اللبنانية على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وفي هذا السياق، اكدت مصادر قضائية وامنية لـ«الشرق الاوسط» ان الاجهزة الامنية اللبنانية «باتت في مرحلة تفكيك آخر حلقات هذا التنظيم» وان «المهمة الصعبة المتبقية تكمن في تنفيذ الآلية التي وضعت للقبض على مسؤول هذا التنظيم في لبنان عبد الرحمن محمد عوض، المعروف باسم ابومحمد عوض، المتحصن داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، بالتعاون مع القوى والفصائل الفلسطينية المؤثرة داخل هذا المخيم من دون اللجوء إلى القوة واراقة دماء ابرياء». لكنها اشارت الى «ان المهمة معقدة بعض الشيء، الا انه لا عودة عن قرار تسليم هذا الشخص إلى السلطة اللبنانية. وثمة محاولات حثيثة للقبض عليه حيا على رغم توافر معلومات تفيد انه اختفى منذ اكثر من اسبوع على اثر توقيف مساعده الايمن الملقب بابو الجراح وتسليمه للامن اللبناني، وان عوض و5 او6 من مرافقيه الذين يتولون حمايته، مزنرون باحزمة ناسفة ومستعدون لتفجير انفسهم في حال محاولة القبض عليهم».

ولفتت مصادر امنية مواكبة للملاحقات الى ان عوض هو «اخطر الارهابيين الموجودين في لبنان بعد التثبت رسميا من فرار شاكر العبسي من مخيم البداوي الى سورية بمساعدة لبنانيين وفلسطينيين موقوفين حاليا». وقالت: «ان اعتقال عوض يعتبر الصيد الاثمن لمعرفة المزيد من الحقائق عن نشاطات فتح الاسلام وتنظيم القاعدة في لبنان، وذلك بعد افادات موقوفين جزمت بأنه كان يتلقى دعما من داخل سورية. لكن هذه الافادات لم تحدد ما اذا كان هذا الدعم من المخابرات السورية او من تنظيمات ارهابية موجودة على الاراضي السورية وانه المسؤول عن التفجيرات التي استهدفت قوات اليونيفيل في صيف العام 2006». وابدت المصادر الامنية اللبنانية اعتقادها بان تنظيم «فتح الاسلام» تلقى ضربة قاضية من خلال توقيف شبكة عبد الغني جوهر اواخر الشهر الماضي التي كانت المسؤولة عن تفجير حافلات ومراكز الجيش في الشمال. ورأت ان هذا التنظيم «بات بحكم المنتهي وعاجزا عن القيام بأي نشاط ارهابي بعد اليوم، خصوصا ان الرأس المدبر لهذه التفجيرات عبد الغني جوهر الذي فرّ بثياب نومه لم يعد بمقدوره تنفيذ أي عمل مماثل بعد توقيف كل مساعديه وبعد توافر معلومات مستقاة من إفادات رفاق له اوقفوا اخيرا ترجح تمكنه من الفرار من لبنان برا الى سورية عبر معابر غير شرعية». وفي رأي المصادر الامنية اللبنانية ان الاعترافات التي بثها التلفزيون الرسمي السوري لاشخاص قيل انهم موقوفون من «فتح الاسلام» كانوا وراء التفجير الذي وقع في منطقة القزاز في دمشق في 27 ايلول (سبتمبر) الماضي، جاءت بعد حوالي اسبوع من توقيف شبكة جوهر، وتأكد المخابرات السورية ان هذا التنظيم انتهى ولم يعد بمقدوره التحرك، لأن معظم ناشطيه وقعوا في قبضة الامن اللبناني، فسارعت المخابرات السورية الى التنصل منه، اولا عبر تحميله مسؤولية تفجير دمشق وبث اعترافات لا يُعرف مدى جديتها، وثانيا عبر اتهام جهات لبنانية بتمويله لابعاد الشبهات عنها. واستبعدت المصادر ان يقبل النظام السوري بلجنة تقصي حقائق عربية او دولية للتحقيق في الملفات الارهابية وتحديدا ملف «فتح الاسلام» او بمثول الاشخاص الذين ادلوا بالاعترافات المتلفزة امام اي لجنة من هذا القبيل. وفي سياق متصل بما كشفته المصادر الامنية لـ«الشرق الأوسط» كان لافتا ما بثته محطة «نيو. تي. في» اللبنانية عن مضمون اتصالين تلقاهما المدير العام للامن الداخلي اللواء اشرف ريفي في 20 مايو (ايار) 2007 في اليوم الاول للمواجهات المسلحة بين القوى الامنية والجيش اللبناني من جهة وتنظيم «فتح الاسلام» في شارع المائتين في طرابلس، من المسؤول في التنظيم احمد مرعي (موقوف حاليا) وفيهما يفاوض ريفي بفك الحصار عن المسلحين والايحاء بوجود علاقة بين اللواء ريفي ومرعي.

وتعليقا على ما بثته المحطة المذكورة، اصدرت امس المديرية العامة لقوى الامن الداخلي بيانا اوضحت فيه ان هذين الاتصالين لم يكونا الوحيدين، بل جاءا من ضمن 18 اتصالا اجراها مرعي باللواء ريفي، وان 16 اتصالا كانت من داخل سورية، وكان ريفي يفاوض مرعي بان يسلّم المسلحون انفسهم للقوى الامنية مقابل تأمين محاكمة عادلة لهم، وان قبول المدير العام للامن الداخلي بتلقي هذه الاتصالات والمفاوضة على مدى اكثر من ساعتين كان لكسب الوقت وتمكين القوى الامنية والدفاع المدني من اجلاء المدنيين من نساء واطفال وشيوخ وابرياء من 4 ابنية كان يتحصّن فيها المسلحون. وعندما انجزت عمليات اجلاء المدنيين اعطيت الاوامر للقوى الامنية بالهجوم والقضاء على المسلحين الذين كان بعضهم اقدم على قتل 4 جنود جنوب طرابلس، فيما تولى آخرون ذبح ما يزيد على 20 جنديا لبنانيا كانوا نائمين في مركزهم عند المدخل الشرقي لمخيم نهر البارد. واكدت قوى الامن ان هذا كل ما حصل ولم تكن ثمة علاقة او مفاوضات بين اللواء ريفي ومرعي الذي لا يعرفه اطلاقا قبل ذلك الوقت.