مسؤولون لـ«الشرق الأوسط»: الخاطفون سيطروا على الناقلة السعودية بـ«آر بي جي».. ومساع لدى «القبائل» للتدخل

سعود الفيصل: ملاك السفينة يبحثون الفدية * السفير السعودي في نيروبي لـ«الشرق الأوسط»: وسطّنا زعماء صوماليين

TT

أعلن وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل أن مالكي ناقلة النفط السعودية الضخمة «سيريوس ستار» يفاوضون للافراج عنها بعد ان احتجزها قراصنة صوماليون قبل ايام. ويأتي ذلك فيما قالت مصادر سعودية مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» ان الخاطفين سيطروا على السفينة بواسطة اسلحة من بينها صواريخ «ار بي جي» المحمولة على الكتف والمقاومة للدروع، موضحين في الوقت نفسه ان فريقا سعوديا يتابع ملابسات الحادث وجهود اطلاق سراح الناقلة وحمولتها والطاقم. كما كشفوا ان هناك مساعي لاقناع قبائل صومالية بالتدخل لتسريع الاطلاق. وحول المفاوضات لاطلاق السفينة، قال الامير سعود الفيصل ردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي في روما امس: «أعلم أن مالكي ناقلة النفط يفاوضون. نحن لا نحب التفاوض مع الارهابيين او مع خاطفي الرهائن. الا ان مالكي ناقلة النفط هم من يقرر في النهاية بشأن ما يحدث هناك». واضاف سعود الفيصل «ما اعرفه هو اننا سننضم» الى قوة مكافحة القرصنة و«سنسعى للقضاء على هذا الخطر المحدق بالتجارة الدولية». ويأتي ذلك فيما قالت مصادر مسؤولة إن السفارة السعودية في نيروبي تجري اتصالات مع مسؤولين حكوميين من أجل الدفع بزعماء القبائل والعشائر لحل الأزمة واطلاق الناقلة السعودية، في الوقت الذي أفاد فيه مصدر سعودي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن الخاطفين سيطروا على الناقلة تحت تهديد أسلحة ثقيلة، من بينها قذائف الـ«آر بي جي» المضادة للدروع. من ناحيته، أكد الأمير خالد بن سعود بن خالد وكيل وزارة الخارجية السعودية لـ«الشرق الأوسط» أن وزارته تقوم بدورها في هذه القضية، وذلك بتوجيهات من القيادة السياسية، وبمتابعة من وزير الخارجية. وقال الأمير خالد، الذي يعمل ضمن فريق خصص لمتابعة مستجدات عملية خطف الناقلة، أن شركة «أرامكو» وشركة التأمين، اتخذوا إجراءات متبعة في مثل هذا الموضوع. لكنه فضل عدم الإفصاح عن مزيد من التفاصيل حول طبيعة الإجراءات التي تم اتخاذها. غير أنه أكد في المقابل، بأن هناك اهتماما حكوميا كبيرا من القيادة السياسية السعودية بهذا الموضوع. وقال «وزارة الخارجية تقوم بدورها مع الجهات الأخرى المعنية. هذا هو الوضع الآن».

من جهته، قال السفير نبيل خلف عاشور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى كينيا، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مقر عمله في نيروبي، أنه لم تحدد حتى الآن (ظهر أمس) هوية الخاطفين للناقلة الحقيقية، مبيناً أنه لا توجد أي اتصالات مباشرة بين الخاطفين والسفارة.

وأضاف «هناك عدة اتصالات تجري بين السفارة وكل من دولة رئيس الوزراء الصومالي، والنائب الأول، والسفير الصومالي لدى كينيا، وكذلك رئيس الوزراء الصومالي الأسبق حسن أبشر، والرئيس عدي موسى رئيس جمهورية بلاد بونت، وذلك للتوسط لدى زعماء القبائل والعشائر للتدخل والإفراج عن الناقلة السعودية».

وأشار السفير السعودي إلى أن كافة الاتصالات الجارية مع المسؤولين والقادة الصوماليين تتم بمتابعة من الدكتور نزار مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، وكذلك الأمير خالد بن سعود وكيل وزارة الخارجية. وأكد السفير عاشور أن كل الاتصالات الجارية تهدف إلى استعادة السفينة وطاقمها بشكل سلمي، آملا أن تثمر هذه الاتصالات بعودتهم في أقرب وقت ممكن.

وكانت السعودية قد أبدت، على لسان وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل غضبها إزاء عمليات القرصنة التي باتت احد مؤرقات الاستقرار في الممرات المائية. ويقوم سعود الفيصل هذه الأيام بجولة أوروبية، تشمل بريطانيا وإيطاليا والنرويج.

وتفيد المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، بأن تنسيق المواقف مع الاتحاد الأوروبي حيال التصدي لعمليات القرصنة، سيكون في صلب المباحثات التي سيجري سعود الفيصل في البلدان التي يقوم بزيارتها.

وخطف القراصنة ناقلة النفط السعودية في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في المحيط الهندي وقادوها الى مرفأ «هرارديري» احد معاقلهم على مسافة 300 كلم شمال مقديشو حيث رست اول من امس. وخطف «سيريوس ستار» البالغ طولها 330 مترا والمحملة بـ300 الف طن من النفط تقارب قيمتها مائة مليون دولار، هو اكبر عملية قرصنة جرت حتى الان قبالة سواحل الصومال.

من جهتها، اعتذرت شركة «فيلا» العالمية المالكة للناقلة السعودية عن التعليق على اتصالات بينها وبين القراصنة المختطفين للسفينة. وشدد ماهر سابور المتحدث الإعلامي باسم الشركة في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مقر الشركة في دبي، على حرصهم ـ أي الشركة ـ على سلامة طاقمها. وعند سؤاله بشكل مباشر إذا ما كان طلبت من الشركة أي فدية للإفراج عن السفينة، اكتفى بالقول «لا تعليق».

من ناحيته، قال المتحدث باسم الاسطول الخامس الاميركي لـ«الشرق الأوسط» ان الأسطول الخامس يتلقى على مدار الساعة تقارير دورية تطمئنهم على سلامة المحتجزين على سطح الناقلة السعودية. وأكد المتحدث باسم الاسطول الخامس ان الناقلة السعودية راسية بمفردها قرابة السواحل الصومالية التي خلت تماما من وجود أية سفن دولية أخرى: «الأمر الذي يشكل صعوبة كبرى في مكافحتهم لو لم تتضافر الجهود الدولية كونهم متمرسون جدا في استخدام السلاح كما أن لديهم قدرات تكتيكية عالية فبمجرد استيلائهم على السفينة، يصبح من الصعب جدا مقاومتهم لأن لديهم رهائن»، بحسب ما قال. الى ذلك، دمرت سفينة حربية هندية سفينة للقراصنة في خليج عدن وخطف مسلحون من الصومال سفنا أخرى بالرغم من وجود قوة بحرية دولية كبيرة قبالة الصومال. وقالت البحرية الهندية ان احدى سفنها الحربية دمرت سفينة للقراصنة في خليج عدن في معركة قصيرة وقعت في ساعة متأخرة اول من امس. وأضافت «اندلعت النيران في السفينة وسمعت أصوات انفجارات ربما يكون سببها انفجار الذخيرة التي كانت موجودة في السفينة». وتابعت أن زورقين سريعين لاذا بالفرار بسرعة. وذكر مكتب الملاحة الدولي أن قراصنة من الصومال خطفوا سفينة صيد تايلاندية وعلى متنها طاقم من 16 شخصا. وحدث ذلك بعد خطف سفينة ترفع علم هونغ كونغ تحمل شحنة قمح لايران. وقال برنامج مساعدة ملاحي شرق افريقيا ان سفينة يونانية لنقل البضائع خطفت أيضا الا أن وزارة التجارة البحرية اليونانية قالت لرويترز في أثينا انه لم ترد تقارير تفيد بوقوع مثل هذا الحادث.

ولان القراصنة مسلحون بشكل جيد بقنابل وأسلحة آلية وقاذفات صواريخ تبقى معظم السفن الاجنبية بعيدا عن أي مواجهة مباشرة بمجرد خطف السفن خشية تعرض الرهائن للخطر. وفي معظم الحالات يحاول ملاك السفن المخطوفة التفاوض على دفع فدية. وقال الكومودور بالبحرية الملكية البريطانية كيث وينستانلي نائب قائد قوات البحرية المشتركة في الشرق الاوسط ان القوات المشتركة لا يمكن أن تكون في كل مكان. وتابع «اذا قمنا بدوريات في خليج عدن يذهبون (القراصنة) لمقديشو. اذا ذهبنا الى مقديشو يذهبون الى خليج عدن». وقال أندرو موانجورا منسق برنامج مساعدة ملاحي شرق افريقيا لرويترز في مومباسا «القراصنة يرسلون رسالة الى العالم مفادها.. يمكننا أن نفعل ما نريد ونفكر فيما لا يمكن أن يفكر فيه أحد ونقوم بما هو غير متوقع». ومن المعتقد أن مسلحين صوماليين يحتجزون نحو 12 سفينة في منطقة ايل وأكثر من 200 رهينة. ومن بين هذه السفن سفينة أوكرانية تحمل 33 دبابة وأسلحة أخرى. فيما قالت وسائل الاعلام الصينية امس ان سفينة شحن من هونغ كونغ خطفت في سبتمبر (أيلول) قد أفرج عنها وأن جميع أفراد طاقمها البالغ عددهم 25 بخير.