منظر الجهاديين: أعضاء «القاعدة» فروا متخفين في ثياب النساء .. والظواهري يعتبرهم «الطليعة المجاهدة للأمة» (الحلقة الرابعة)

د. فضل في كتاب حصلت «الشرق الأوسط» على حقوق نشره يرد على أفكار «القاعدة» في قتال العدو البعيد والتترس والتكفير والقتل بالجنسية

مجموعة من مقاتلي طالبان في أحد شوارح مدينة قندهار حيث تسعى باكستان لإثبات أنهم لا يجدون ملجأ آمنا في أراضيها (رويترز)
TT

نستكمل اليوم الجزء الثاني من نقد الدكتور فضل أو الشيخ عبد القادر بن عبد العزيز "منظر الجهاديين" لأركان فكر تنظيم القاعدة، وقد طرحنا في الحلقة السابقة ثلاثة أركان هي: قولهم إن أميركا واليهود هم سبب مصائب المسلمين، واعتراض الظواهري على الخيارات المشروعة للمسلمين مع أعدائهم، واعتراضه على أن للجهاد شروطًا وموانع، بدعة ((محلية الإمارة). أما الركن الرابع وبحسب كتاب الدكتور فضل ((مذكرة التعرية لكتاب التبرئة)) الذ حصلت «الشرق الأوسط» على حقوق نشره كحلقات فهو مبدأ ((البدء بقتال العدو البعيد قبل العدو القريب)). يرد الدكتور فضل على ذلك قائلاً:

اخترع الظواهري هذا المبدأ المصادم للقرآن والسنة كجزء من فقه التبرير لمساندة مشروع ابن لادن في محاربة أميركا. وقد أرادوا بذلك تجميع جهود كل الجماعات الإسلامية في مختلف دول العالم في مواجهة العدو البعيد (أميركا) وتقديم ذلك على مواجهة أي أعداء قريبين. وهذا الكلام مصادم لكلام الله ولسنة رسول الله ( بل هو تبديل لقواعد الدين، فقد قال الله تعالى: "يايها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار" (التوبة:123). وفي تفسيرها قال القرطبي رحمه الله (هو أنه سبحانه عرّفهم كيفية الجهاد، وأن الابتداء بالأقرب فالأقرب من العدو، ولهذا بدأ رسول الله ( بالعرب فلما فرغ قصد الروم وكانوا بالشام ) وقال ابن تيمية رحمه الله: (وكان ( يجاهد من يليه من الكفار من المشركين وأهل الكتاب، فمن جاهد من يليه من هؤلاء فقد اتبع السنة) من (مجموع الفتاوى) 21/317، فهذا ما دَلّ عليه الكتاب والسنة ولا تلتفت لمن خالفهما. إلا أن الظواهري ضرب بالكتاب والسنة عرض الحائط واخترع لهم نظرية (البدء بالعدو البعيد) لمجاراة هوى شيخه ابن لادن، وهذا معارضة وتبديل للشرع بالرأي، وفي مثل هذا قال ابن تيمية (والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرّم الحلال المجمع عليه، أو بدّل الشرع المجمع عليه، كان كافرًا مرتدًا باتفاق الفقهاء) من (مجموع الفتاوى) 3/267.

وعاش الظواهري ثلاثين سنة يدعو لقتال العدو القريب (الحكومة المصرية) إلى أن اكتشف عام 1998م أن الأهم هو قتال العدو البعيد، وذلك بعدما أفلس عمليًا في مصر وأفلس ماليًا، فالتحق بابن لادن في (الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد الصليبيين واليهود) في فبراير 1998م، مع العلم بأن أميركا لم تصطدم بجماعة الجهاد (جماعة الظواهري) قبل هذا التاريخ وإنما بعده، ومع ذلك فقد وضع هذه النظرية المناقضة للشرع مسارعة في هوى ابن لادن، فتسبب بها في دمار جماعته إذ أخذت أميركا تختطف أصحابه ـ ومنهم أخوه ـ من أقطار الأرض. ورغم هذه الخسائر الجسيمة التي تكبدتها جماعة الظواهري من أجل ابن لادن، فقد كان ابن لادن لا يثق بالظواهري، فلم يخبره بأحداث 11/9 قبل وقوعها.

والحاصل أن الظواهري ناقض الشرع ودمر جماعته بنظرية (البدء بالعدو البعيد) فجاءه العدو البعيد (أميركا) إلى باب بيته في أفغانستان، وهذه من المواضع التي يصير فيها الجهاد فرض عين ولا يشترط له شرط كما ذكر الظواهري في كتابه، والعدو واضح وكفره لا شك فيه ولا شبهة، فماذا فعل الشيخ المجاهد الظواهري، هل جاهد؟ لا، لقد فر هاربًا لا يلوي على أحدٍ حرصًا على سلامته الشخصية، حتى هرب عن زوجته وأولاده وتركهم للأميركان يقتلونهم، وكذلك فرّ أعضاء القاعدة من مواجهة أميركا، والله يا معشر المسلمين لقد هربوا من أفغانستان إلى باكستان متخفين في ثياب النساء، لأن حرس الحدود كانوا يعتقلون العرب الهاربين ويبيعونهم لأميركا إلا أنهم كانوا لا يفتشون النساء، فخرج من هؤلاء في ثياب النساء حتى قال أحدهم (ما من معركة دخلتها في أفغانستان إلا خرجت منها وأنا رجل، إلا هذه المرة خرجت وأنا امرأة بعد الاحتلال الأميركي لأفغانستان). وبالرغم من هذه المخازي فإن الظواهري لا يستحي ويصف نفسه وأصحابه بأنهم (الطليعة المجاهدة للأمة) وأنهم (رمز المقاومة الشعبية للحملة الصليبية الصهيونية على الأمة المسلمة) صفحة 74 و199 من كتابه (التبرئة)، وكذلك ابن لادن كان لا يهمه إلا سلامته الشخصية. هربوا وتركوا مهمة جهاد الأميركان للأفغان خاصة طالبان الذين دفعوا ثمن (نظرية العدو البعيد) قتلاً ودمارًا واسعًا لأفغانستان جزاءً لهم على كرم ضيافتهم لابن لادن وأصحابه.

أما الركن الخامس فهو بدعة (التكفير والقتل بالجنسية)، وضمن خطته في القتل بالجملة كرر ابن لادن وبعض أتباعه أنهم سيقتلون الأميركان بدون تفرقة بين مدنيين وعسكريين. وجاء الظواهري ليضع التبرير الفقهي لذلك في كتابه (التبرئة) في صفحات 145 إلى 154 حيث قرر أن الجنسية ليست مجرد تعريف كما ذكرته في (الوثيقة) وإنما جنسية الدول الكافرة دليل انتماء وولاء ورضا بالدخول تحت طاعة قوانين الكفار اختيارًا، وقرر الظواهري أن المسلم المتجنس في هذه الدول إن لم يكن كافرًا فهو قريب من الكفر (صـ154) ونقل أن التجنس في بلاد الكفر هو ردة (صـ149). ومما اعتمد عليه الظواهري في إصدار حكمه هذا: مقدمة فاسدة، وهي أن المواطن في بلاد الكفر لا بد أن يخدم في جيشها وهذا يجعله كافرًا إذا قاتل المسلمين، وهذا الحكم فاسد لأن مقدمته فاسدة (والمبني على الفاسد فاسد)، فبعض هذه البلاد ليس لها جيش أصلاً مثل سويسرا، وبعضها التجنيد فيها ليس إجباريًا ومنها أميركا نفسها اليوم، وبهذا تعلم أنه ليس كل مواطن في بلاد الكفر مقاتلاً افتراضيًا للمسلمين كما زعم.

إن كلام الظواهري يقضي بتكفير مئات الملايين من المسلمين في بلاد كثيرة مثل الهند والصين وروسيا وأوروبا والأميركتين وأثيوبيا وكينيا وأمثالها، وهذه بلاد كفر تجري فيها قوانين الكفر على المسلمين، ولا يمكن القطع بأن جميع المسلمين راضون بهذه القوانين، خاصة مع تعذر الهجرة إلى دار الإسلام في هذا الزمان، (وما دخله الاحتمال سقط به الاستدلال)، إلا أن الظواهري ذهب إلى التكفير بالمحتملات وبلازم المذهب، فوضع مقدمات قانونية بنى عليها أحكام فقهية كفر بها جميع المسلمين هؤلاء، وقد ذكرت في البند العاشر بالوثيقة أنه لا يجوز التكفير بالمحتملات أو بلازم المذهب إلا بعد التبيّن، فمن أين له هذا؟

إن الله سبحانه قد قال ما يُبطل كلام الظواهري وأصحابه، وهو أنه قد يوجد مسلمون في دار الكفر ـ ولا تسمى دار كفر إلا بجريان أحكام الكفر عليها، انظر في هذا (شرح السير الكبير) ج5 - وهم مع ذلك مسلمون رغم إقامتهم بدار الكفر وجريان أحكامها عليهم: وذلك في قوله تعالى: ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم ان تطؤهم فتصيبكم منهم معرة" (الفتح:25)، ولكن الظواهري وشيخه لا يبالون بالمعرة ولا بالعار في ذلك، وقال تعالى: إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا" (النساء:98). وكل هؤلاء مسلمون بدار الكفر، ولكن هذا عند الله سبحانه، أما عند الظواهري فهم كفار لأن الجنسية ليست لمجرد التعريف والانتساب، بل هي دليل ولاء وانتماء وبالتالي فهي دليل إيمان أو كفر أو قريب من الكفر!!.

أنه لو افترضنا أن بلدًا أهله كلهم كفار، فليس كل كافر يجب أو يجوز قتله، وقد ذكرت في البند السابع من الوثيقة من لا يجوز قتله منهم والأدلة على ذلك، وقال محمد ابن الحسن الشيباني رحمه الله (ولا ينبغي أن يُقتل النساء من أهل الحرب ولا الصبيان ولا المجانين ولا الشيخ الفاني، لقوله تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم" (البقرة:190)، وهؤلاء لا يقاتلون) من (السير الكبير). وهناك أصناف أخرى لا يجوز قتلها بنص الحديث كالعسيف وهو الأجير، يدخل في ذلك العمال والفلاحون والموظفون مع النساء والأطفال وهؤلاء هم أغلب سكان هذه البلاد، فكيف يجوز قتلهم بالجملة مع النهي الصريح عنه؟

والركن السادس، بدعة جواز قتل من يدفع الضرائب للكفار، لأنه مقاتل بماله، وقد اصطدم ابن لادن وأتباعه بالنصوص المانعة من قتل الأصناف المذكورة أعلاه، وهم - كما ذكرت - أغلب سكان بلاد الكفر، ولما كان لا بد لهم من قتلهم بالجملة فاحتالوا على النصوص المانعة من قتلهم بحيلة أن دفع الضرائب مُقاتَلة. وأن كل هؤلاء يدفعون ضرائب لحكوماتهم الكافرة، ولما كانت قوانينهم تحدد جهات صرف الضرائب ومنها ميزانية الجيش، فكل من يدفع الضرائب لدولة تحارب المسلمين فهو مقاتل بماله للمسلمين ويجوز قتله. هذا ما قرره الظواهري في كتابه (التبرئة). إن قول الظواهري هذا يقضي بإباحة دماء مئات الملايين من المسلمين وأموالهم كالمسلمين في الهند لأنهم يدفعون الضرائب لحكومتهم وهي تقاتل من المسلمين في كشمير، وكالمسلمين في روسيا لأنها تقاتل المسلمين في الشيشان، وكذلك المسلمين في أوروبا وأميركا وأمثالها. وهذا من أسس مذهبهم في القتل بالجملة، وفساده يغني عن إفساده، وكما ترون فهذه ليست مجرد أخطاء فقهية بل تأسيس لمذهب إجرامي. ويكفي في إفساده قول عُمر بن الخطاب لجيوشه في غزوها لبلاد الفرس والروم: (اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب) رواه البيهقي في السنن الكبرى، هذا مع كون الفلاحين كانوا من كبار دافعي الضرائب لحكام الفرس والروم إذ كانوا يدفعون للدولة خراج الأرض وجزية الرؤوس، ومع ذلك لم يقتلهم الصحابة في فتوحاتهم إذا كانوا لا يقاتلونهم. وهذا من أوضح الأدلة على أن مجرد دفع الضرائب للدولة الكافرة المحاربة للمسلمين ليس مقاتلة ولا يبيح قتل دافعها، وهذا يبطل مذهب ابن لادن والظواهري في التوسع في القتل بهذه الحجة الباطلة. فعُمر بن الخطاب يقول لا تقتلوهم وابن لادن والظواهري يقولان اقتلوهم. ومن أركان فكرهم ضمن إزالة الموانع الشرعية المانعة من القتل بالجملة، مسألة (قتل الترس الكافر، وبها يجوز قتل المدنيين في بلاد الكفر)، ومسألة (قتل الترس المسلم، وبها يجوز قتل المسلمين المخالطين للكفار في أي مكان)، وقد أطلقت القاعدة جواز قتل الترس كافرًا كان أو مسلمًا (وهم من لا يجوز قتلهم المخالطون لمن يجوز قتله من الكفار)، وصرح بذلك ابن لادن بعد تفجيرات نيروبي ودار السلام في 1998م، وكرره الظواهري في كتابه (التبرئة). وقد شرحت مسألة التترس في البند الثامن من (الوثيقة)، وقد أساءوا الاحتجاج بها من أجل الإسراف في سفك الدماء.

وأما الركن التاسع، بدعة (إطلاق مبدأ المعاملة بالمثل بلا قيود من أجل التوسع في القتل)، وهذا من أركان مذهب (القاعدة) في القتل بالجملة، والمقصود أساسًا قتل الأميركان، وقد ذكرت في هذا الفصل أركان مذهبهم، وكيف أنهم: جعلوا محاربة أميركا أهم قضايا الأمة الإسلامية لأنها سبب مصائبهم. ثم حصل ابن لادن على فتاوى وتوقيعات من مشايخ باكستان وأفغانستان بذلك، ثم احتالوا على شروط الجهاد وموانعه بأن هذه حرب دفاعية ولو عبر المحيط. ثم احتالوا على إذن أميرهم (الملا محمد عُمر) ببدعة (محلية الإمارة). ثم ضربوا بالكتاب والسنة عرض الحائط وقرروا أن قتال العدو البعيد هو المقدم. ثم قرروا قتل أي أميركي لأنه راضٍ بأفعال حكومته (التكفير والقتل بالجنسية). وحتى لو لم يجز قتله بالجنسية سيقتلونه لأنه يدفع الضرائب وهذا قتال. وحتى لو لم يجز قتله بالجنسية والضرائب سيقتلونه بالتترس وإن كان مسلمًا. وحتى وإن لم يجز قتله بكل ما سبق سيقتلونه من باب المعاملة بالمثل.

إن النبي ( يقول: (من استطاع أن لا يُحال بينه وبين الجنة بملء كفه من دمٍ أهراقه فليفعل) رواه البخاري، وهذا يوجب الاحتياط ولو في إراقة ملء كف من دمٍ بغير حق. أما ابن لادن والظواهري فيتوسعون في سفك الدماء بشتى الحيل والتبريرات المضادة للشريعة. وقال عبد الله بن عُمر (إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لها لمن أوقع نفسه فيها، سفك الدم الحرام بغير حِلّه) رواه البخاري، هذا كلام الصحابة أما ابن لادن والظواهري فيدفعون شباب المسلمين دفعًا في هذه الورطات، وبالجملة. أما استدلالهم بمبدأ المعاملة بالمثل على جواز قتل الكفار المحاربين بدون تمييز بين المدنيين والعسكريين، كما ذكر الظواهري في كتابه، فالرد على ذلك وبيان فساده: هو أنهم ينظرون إلى أدلة الشريعة نظر الأعور، فإن قاعدة (المعاملة بالمثل) لها تكملة ذكرتها وكررتها في (الوثيقة) وهي (المعاملة بالمثل إلا فيما لا يجوز شرعًا) ومما لا يجوز شرعًا قتل الكفار بلا تمييز، وأصل الفساد في استدلالهم: جهلهم بأصول الترجيح بين الأدلة الشرعية، فاستدلوا بالنصوص العامة وأهملوا النصوص الخاصة في نفس المسألة، فمن العام مما استدلوا به قوله تعالى: فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" (البقرة:194)، أما الخاص الذي أهملوه ولم يذكره فهو حديث (نهى رسول الله ( عن قتل النساء والصبيان) متفق عليه، والنهي عن قتل الأُجراء (العسيف) والفلاحين والرهبان وغيرهم، والخاص مقدم على العام وحاكم عليه حسب قواعد الترجيح كما قال ابن تيمية رحمه الله: (إذا تعارض العام والخاص ولم يُعلم التاريخ فلم يقل أحد من العلماء إنه ينسخه، بل إما أن يُقال الخاص هو المقدم كما هو المشهور في مذهب مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه، وإما أن يتوقف، بل لو عُلم أن العام بعد الخاص لكان الخاص مقدمًا) من (مجموع الفتاوى) 21/262. والخاص هنا هو النهي عن قتل من لا يجوز قتله من الكفار، وهذا مقدم على العام وهو رد العدوان بالمثل، فلو قتل الكفار نساء المسلمين وأطفالهم لا يحل للمسلمين قتل نسائهم وأطفالهم، ولهذا فإن الآية التي استدلوا بها لم يذكروها كاملة ولو أكملوها لكان في بقيتها الرد عليهم، فقد قال تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين" (البقرة:194)، فأتبع الله المعاملة بالمثل بما يقيدها وهو تقوى الله ومن تقواه ترك ما لا يحل، ولهذا كانت القاعدة هي (المعاملة بالمثل إلا فيما لا يجوز شرعًا). وبمثل هذا قال الشافعي رحمه الله (وقد يُغاظون ـ أي الكفار في الحرب ـ بما يحل فنفعله، وبما لا يحل فنتركه، فإن قال قائل: ومثل ما يُغاظون به فنتركه؟، قلنا: قتل نسائهم وأولادهم، فهو لو أدركونا وهم في أيدينا لم نقتلهم، وكذلك لو كان إلى جنبنا رهبان يغيظهم قتلهم لم نقتلهم) من كتاب (الأم)، فتحريم قتل هؤلاء من النهي الخاص المقدم على عموم المعاملة بالمثل. وقال محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله (وبغدرهم لا يُباح لنا أن نغدر بهم، بمنزلة ما لو قتلوا رهننا فإنه لا يحل لنا أن نقتل رهنهم) (السير الكبير).

فانظروا يا معشر المسلمين: ابن لادن والظواهري يحتجون بالكلام الموافق لهواهم ولو كان بخلاف الدليل الشرعي. وترك ابن لادن والظواهري الكتاب والسنة وكلام الأئمة الشافعي والشيباني لأنه بخلاف هواهم، فأصبح الترجيح لديهم بالهوى الذي جعلوه حاكمًا على الشرع. فما ليس له قيود في الشرع، قيدوه بهواهم، كبدعة (محلية الإمارة). وماله قيود في الشرع، حذفوا قيوده بهواهم، فأطلقوا (المعاملة بالمثل) .

* الحلقة الخامسة: لا ينبغي أن تتخذ جرائم «أميركا» مظلة لتمرير تحريف الدين تحتها