أبو مرزوق لـ«الشرق الاوسط»: إذا أطلق عباس سراح المعتقلين وتجاوب مع مستلزمات الحوار نذهب فوراً إلى القاهرة

نائب رئيس المكتب السياسي لحماس يشرح أسباب تعليق حوار القاهرة في اللحظة الأخيرة

موسى ابو مرزوق
TT

كشف الدكتور موسى ابو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، عن الاسباب الكاملة لاعتذار حماس في اللحظات الاخيرة عن حضور مؤتمر المصالحة بالقاهرة. وأكد في حديث لـ«الشرق الاوسط» أجرته معه في دمشق أن الحركة مستعدة للعودة عن قرارها اذا تجاوب الرئيسُ عباس مع مستلزمات الحوار، مطالباً باحترام النظام الاساسي السياسي الفلسطيني القائم على شرعيتين التشريعي لحماس والرئاسي للسلطة والرئيس محمود عباس. وهنا نص الحوار:

* ما أسباب توقف الحوار الفلسطيني في القاهرة؟ ـ كان من الممكن أن يتم الإفراجُ عن المعتقلين من أبناء حماس بسجون السلطة، ويتمكن وفد الحركة من الخروج للمشاركة في الحوار، ومن الممكن ايضا ان تتم تسوية الوضع في قاعة الحوار، وينتهي الخلافُ، ولكن تشدد الاخ ابو مازن فيما يتعلق بالمعتقلين وزيادة وتيرة الاعتقال كلما اقتربنا من الاجتماع الشامل كل هذا شكل استفزازا حقيقيا لمشاعر الإخوان في الحركة وأبنائها في الضفة الغربية.

* لكن فتح أفرجت عن القائمة التي قمتم بتقديمها الى مصر، وتشمل 180 معتقلا، إذن ما هو سبب اعتذار حماس عن عدم استكمال الحوار؟ ـ لدينا 616 معتقلا في سجون السلطة، وهم من ابناء حماس، وهذا العدد قمنا بإحصائه حتى تاريخ 12 من الشهر الجاري.

* هل اذا تجاوب الرئيس عباس مع مطالبكم بالإفراج عن المعتقلين سوف يستأنف الحوار غداً؟ ـ أعتقد أنه لو أفرَجَ ابو مازن عن المعتقلين وأوقف إجراءاته الامنية وخرج وفدنا للحوار من الضفة سيبدأ الحوار فورا.

* هـل هـذا هـو السبب الـوحيد للاعتذار؟ ـ التقينا مع الوزير عمر سليمان في تاريخ الثامن من اكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتم الاتفاق على جملة من النقاط لتأمين المناخ الايجابي لنجاح الحوار؛ وهي تشكيل حكومة وفاق وطني واعادة بناء الاجهزة الامنية على قاعدة وطنية بالضفة وقطاع غزة، وذلك بدعم عربي فني ومالي. وفي موضوع منظمة التحرير الفلسطينية اتفقنا علي تشكيل لجنة لإعادة بناء المنظمة على ان تنهي عملها خلال شهرين من عقد اللقاء الوطني الشامل الذي تحضره كل الفصائل. وكان من المفترض ان يُعقد في القاهرة في الحادي عشر من الشهر الجاري. و عن الانتخابات الرئاسية والتشريعية، اتفق على مناقشة مواعيد الانتخابات في اطار اتفاق وطني شامل يضمن معالجة كافة الموضوعات الواردة كرزمة واحدة، وان ترعى القاهرة لقاءً ثنائياً بين حركتي فتح وحماس باعتبارهما طرفي الخلاف الذي نتج عنه انقسام سياسي فلسطيني بين الضفة وغزة. وحدد الاخوة المصريون يوم 25 من اكتوبر الماضي لإجراء اللقاء ولم يحدث، ان يتم التوافق مسبقا على الورقة المصرية قبل طرحها للحوار الشامل. وتم التأكيد من جانب وفد الحركة على ضرورة دعوة كافة الفصائل والقوى الفلسطينية من دون استثناء وبدون شروط مسبقة حتى يكون الحوار شاملا بحق. وبعد ذلك، تلقينا الورقة المصرية وكانت اهم ملاحظاتنا: ضرورة الفصل بين مقتضيات المصالحة وإنهاء الانقسام وبين موضوعات ادارة الصراع والمفاوضات مع اسرائيل. وان يكون الاتفاق رزمة واحدة والتنفيذ بشكل متزامن في كل من الضفة وغزة، وان تشمل الموضوعات تشكيل حكومة وفاق وطني واعادة هيكلة الاجهزة الامنية على اسس مهنية واعادة بناء المنظمة واجراء مصالحة عائلية وعشائرية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في رزمة واحدة يتفق عليها اولا، ولكن فوجئنا بابلاغ الاخوة المصريين لنا بالاعتذار عن عدم عقد اللقاء الثنائي بين حركتي فتح وحماس والاعتذار كذلك عن عدم ادخال اية تعديلات على ورقتهم المقترحة.

* اذن أسباب مقاطعة حوار القاهرة تراكمت..؟ ـ بالفعل وعندما تجمعت لدينا مجموعة من الوقائع والمؤشرات التي تدلل على ان الحوار بحسب الترتيبات الجارية لن يؤدي الى مصالحة حقيقية طلبنا موعداً من الإخوة في مصر. وأبدينا ملاحظاتنا على ممارسات حكومة رام الله وبشاعة ممارسات اجهزة السلطة في الضفة الغربية من اعتقالات وتعذيب ومصادرة اموال واغلاق مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وسلم الوفد قوائم وملفات حول هذه الممارسات التي تجاوزت ما يفعلهُ الاحتلالُ بحق ابناء شعبنا. وأوضحنا للاخوة في مصر بأنه من العبث ان نتخيل انطلاق الحوار او امكانية نجاحه في ظل هذا المناخ المروِّع في الضفة الغربية. وطالبنا الاخوة بمصر التدخل مع رئيس السلطة لوقف هذه الحملة الشرسة.

* وماذا عن ملاحظاتكم بشأن ترتيبات الحوار؟ ـ تم ابلاغنا بتعديل الورقة التي ستعرض أثناء لقاء الحوار الشامل. وتم إبلاغنا بأن مجريات الحوار ستبدأ بحفل افتتاح في قاعة بمبنى المخابرات المصرية تتضمن منصة يجلس عليها الوزير عمر سليمان ووزراء خارجية مصر والأردن وسورية ولبنان والسعودية وامين عام الجامعة لعربية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ويجلس أمام المنصة ممثلو القوى والفصائل المدعوة للحوار. وسيكون لكل واحد من الجالسين على المنصة كلمة تبدأ بالوزير سليمان وتنتهي برئيس السلطة الفلسطينية، ثم يغادر الجمع وينتقل بقية قادة الفصائل الى قاعة اخرى للتوقيع على ما يفترض انه اتفق عليه في لقاءات جانبية بين الفصائل قبل يوم الافتتاح من تشكيل لجانٍ وتحديدِ مهامِها والبيان الذي سيصدر عن اللقاء، ولكننا اكدنا في اللقاء مع الوزير سليمان على ضرورة ان تكون ترتيبات اللقاء بما يحقق التكافؤ بين فتح وحماس باعتبار ان المصالحة الحقيقية المطلوبة هي بينهما، ولكن الإخوة في مصر أصروا على ذات الترتيبات، وعليه ابلغناهم ان الحوار ما زال مفتقرا الى جملة متطلبات اساسية وضرورية وهي ليست شروطا وانما حق طبيعي واساسي للحوار وتتمثل في: اتخاذ اجراءات ملموسة لوقف الحملة المتواصلة في الضفة الغربية والوقف الفوري للاجراءات القمعية التي تقوم بها حكومة رام الله ضد حماس وفصائل المقاومة والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين لدى اجهزة امن حكومة رام الله والعمل على ضمان مشاركة وفد حماس بالضفة في حوار القاهرة وحضور الرئيس محمود عباس في كل جلسات الحوار باعتباره طرفاً أساسياً في الخلاف والانقسام دون ان يتناقض ذلك مع موقعه كرئيس، وان تضع اجراءات الحوار وترتيباته بشكل متكافئ، وان يكون الراعي المصري على مسافة واحدة حتى لا يبدو مشهد الحوار وكأن رئيس السلطة جاء ليصالح آخرين، وليس لعقد مصالحة بين فتح وحماس في اطار اللقاء الوطني الشامل. واستمر النقاش مع الإخوة في مصر حول هذه الموضوعات الى ان ابلغونا رسمياً منتصف ليلة السبت الثامن من الشهر الجاري الاجابة عن مطالبنا على النحو التالي: الرئيس عباس ابلغ مصر بان الحملة في الضفة الغربية قانونية وليس هناك معتقلون سياسيون لديه. ولا يوجد مجال لتعديلات في ترتيبات اللقاءات. كذلك، سعى الرئيس عباس الى تجريم المقاومة وسلاحها، واعتبارها خارجة على القانون ثم وضع شروطا سياسية على الحوار تقضي بإلزام الاطراف الانصياع الى شروط الرباعية الدولية عبر حديثه عن التزامات منظمة التحرير، وهو بذلك يريد لنا ان ننضم الى المنظمة بشروطه، وهي الاعتراف بإسرائيل ونبذ الإرهاب والابتعاد عن المقاومة والتسوية هي الطريق الوحيد مع اسرائيل. وبناءً على ذلك اتخذت حركة حماس قرارا بالاعتذار عن عدم المشاركة كما اتخذت ثلاثة فصائل نفس القرار وهي الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة ـ حركة الجهاد الاسلامي ـ طلائع حرب التحرير الشعبية ـ قوات الصاعقة.

* إذن حماس تريد الحوار وفق شروطها؟ ـ حماس لم تضع اي شروط وانما طلبت حوارا جادا ينهي حالة الانقسام، ولدينا قرار لن نحيد عنه حول الوحدة الوطنية ورفض الانقسام لأنه يضر بكلٍ من حماس وفتح والسلطة والقضية.

* ألا تعتقد ان اسباب تجميدكم للحوار شكلية؟ ـ نحن نخشى على ضياع القضية بهذه الاجراءات، والتي تعني شيئاً واحداً وهي ان اجراءات ابو مازن شرعية دون النظر الى النظام الاساسي للسياسة الفلسطينية المبني على شرعيتين؛ وهما النظام التشريعي المتمثل في حماس وفق انتخابات شهد العالم بنزاهتها، والنظام الرئاسي للسلطة الفلسطينية، والتي نعترف برئيسها، وسبق ان دعوناه الى ممارسة مهامه في غزة، ولكنه يرفض الدخول اليها نظرا للمشاكل التي يعاني منها القطاع. واستطاعت حماس ادارة قطاع غزة بشكل متوازن. وكان ابو مازن يراهن على فشلنا او اجتياح اسرائيلي لنا او نجاح مفاوضاته مع أولمرت والتي باءت كلها بالفشل. لا يمكن لحماس ان تعطي لأبو مازن شرعية واحدة يذهب بها الى الادارة الاميركية الجديدة.

* بماذا ترد عما اعلنه الوزير سليمان بتحميل حركة حماس مسؤولية تعليق الحوار وإعطاء التعليمات الى الفصائل الاخرى بالاعتذار؟ ـ القرار اتخذ في مؤسسات الحركة، والجميع يعلم ان هذه الفصائل تتبنى خط المقاومة وتنطلق من موقف تشاوري حر مع الحركة في المواقف السياسية.

* وماذا عما تردد بشأن تدخلات اقليمية في قرار الحركة بعد الذهاب الى المصالحة في القاهرة؟ ـ هل نعاقب انفسنا حتى نرد على تسريبات غير صحيحة، خاصة ان الجميع يعلم ان قرار الحركة مستقل. وسبق ان خرجت ملاحظات مصرية في هذا السياق، منها العلاقة بين الحركة وإخوان مصر والتدخل الايراني في قرار الحركة والمقاومة، وان الشرعية الوحيدة لأ بومازن. وأوضحنا لمصر موقفنا بأنه لا تدخل لايران في الشأن الفلسطيني، وحماس ابعد التنظيمات استقلالية في قرارها، وسبق أن وقعنا مصالحات في مكة ومصر، ولم نوقعها في طهران او دمشق، وسبق ان قبلنا التهدئة بوساطة مصرية على الرغم من رفض حركات المقاومة لها كما اوضحنا لمصر اننا ندخل البيوت من ابوابها الرسمية، واننا لم نأت بانقلاب وانما عبر انتخابات. أما موضوع المقاومة، فهو بالنسبة لنا استراتيجية لا تضر بأمن مصر بل بالعكس هي تخدم مصر على المستوى الاستراتيجي، ولكننا نشهد من وقت لآخر تحريضاً في خطابات ابو مازن بانتهاك اهل غزة لحدود مصر وسيادتها عندما يذهب اهلنا في غزة لقضاء حاجياتهم نتيجة الحصار، في الوقت الذي اكد فيه الرئيس حسني مبارك مراراً لأهل غزة ان مصر مفتوحة لهم.

* سبق لكم ان قبلتم بالتهدئة مع اسرائيل، ولكم في سجونها اكثر من 11 الف أسير لماذا لم تواصلوا الحوار مع فتح؟ ـ فتح قبلت التهدئة من قبلنا واستجبنا للتهدئة بناءً على طلبها عدة مرات واليوم الذي يطالب بالتهدئة واستمرارها هو ابو مازن، وهو الذي طلب بالامس العمل بها لأنها تخدمه في التفاوض، ونحن استجبنا لأنها تخدم اهل القطاع في قضاء حاجياتهم من الغذاء والدواء والكساء.

* ماذا كسبتم وماذا خسرتم بسبب تعليق الحوار؟ ـ لا أقول إن هناك مكاسبَ وانما نحن كنا نسعى لمكسب حقيقي للشعب الفلسطيني، لكن مرة اخرى عدم خروج المعتقلين وعدم الاستجابة لما اعتبرناه مستلزمات ضرورية في الحوار جعلا في القضية اقل الخسائر.

* هل ستُدْعَى حماس الى اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم 26 الشهر الجاري؟ ـ ربما ولا اريد ان اقول شيئاً، ولكن سوف نوضح موقفنا امام وزراء الخارجية العرب، وما تحدثنا به مع الامين العام في دمشق لن نعلنه. وقد استمع الامين العام للجامعة العربية لشرح تفصيلي حول وجهة نظر الحركة منذ تاريخ الرابع عشر من يونيو (حزيران) وحتى اليوم والى رؤية الحركة في معالجة كل القضايا المطروحة والى ملاحظات الحركة لعرضها على اي اجتماع عربي يبحث معالجة الانقسام الفلسطيني.

* هل اكدتم لمصر الالتزام بالتهدئة؟ ـ نحن اكدنا الالتزام بالتهدئة وبكل ما اتفقنا عليه في القاهرة لأن هناك موعدا محددا لها والتزامات متبادلة، إضافة إلى فتح معابر ووقفٍ العدوان، ولذلك نحن نقول إن التهدئة كما هي بشروطها والتزاماتها.

* متى تنتهي شكليات انقسام الشعب الفلسطيني؟ ولماذا لا ينضوي الجميع تحت لافتة فلسطين اولاً؟ ـ نتمنى ان نودع ظاهرة الانقسام والمسميات الى الأبد لأن الجميع ابناء فلسطين، ولكن في ظل فترة التحرر الوطني لا يمكن إلغاء الحالة الفصائلية. وكانت أوسلو سببا رئيسيا في تقسيم الشعب الفلسطيني والتسوية السياسية التي ذهبت اليها فتح مع اسرائيل والشعب الفلسطيني يجمع على المقاومة.

* كيف ترون تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت التي اعلن خلالها بأنه سيعمل على إنهاء عهد حماس؟ ـ كل من يراهن على انتهاء عهدنا يذهب مبكراً، وحماس باقية لأنها حركة تحرر وطني. وأرى ان أولمرت يجب ان يراهن على انتهاء عهده الذي بقي له فيه شهر واحد في السلطة. ويكفي ان اشير الى ان مفاوضاته مع رئيس السلطة التي لم ينجز خلالها حرفا واحدا مما وعد به حتى عندما حاولت الرباعية الدولية تسجيل وتدوين ما تم الاتفاق عليه رفضت اسرائيل، الأمر الذي يعني أنه لم يتم التوصل الى شيء.