مدعي «الجنائية الدولية» يطلب توقيف 3 من قادة المتمردين في دارفور بتهم ارتكاب جرائم حرب

الحركات المسلحة ترحب وتؤكد تعاونها.. والخرطوم ترد: لن نسلم أحدا حتى ولو كان من المتمردين

TT

في ثالث إجراء من نوعه، طالب مدعي المحكمة الجنائية الدولية امس، من قضاة المحكمة اصدار مذكرات توقيف بحق ثلاثة من قادة المجموعات المتمردة في دارفور، يشتبه في انهم مسؤولون عن هجوم اسفر عن مقتل 12 جنديا من قوة الاتحاد الافريقي في دارفور في 2007. واكدت حركات «العدل والمساواة»، و«تحرير السودان فصيل عبد الواحد محمد نور»، و«تحرير السودان فصيل الوحدة»، وهي أكبر الحركات المسلحة في دارفور، وقوفها الى جانب مطلب مدعي المحكمة، لويس مورينو اوكامبو، مؤكدة انها ستتعاون من اجل تحقيق العدالة لشعب دارفور، غير ان الحكومة السودانية جددت موقفها الرافض لتسليم اي سوداني الى لاهاي، حتى ولو كان من المسلحين المتمردين. وقالت ان خطوة أوكامبو جاءت بعد ضغوط من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي.. وانه أراد بها ان يبدو متوازنا «رغم انه غير كذلك».

وقال لويس اوكامبو في بيان أمس «لن اسمح بأن تمر مثل هذه الهجمات من دون عقاب». واضاف «هناك اسباب وجيهة تدفع الى الاعتقاد ان هؤلاء القادة المتمردين يتحملون مسؤولية ثلاث تهم مرتبطة بارتكاب جرائم حرب، هي القتل والهجمات الموجهة عمدا ضد اشخاص او ممتلكات تستخدم في اطار مهمة لحفظ السلام والنهب». وقتل 12 جنديا من قوة حفظ السلام الافريقية واصيب ثمانية في 29 سبتمبر (أيلول) 2007 في مواجهات مسلحة في مدينة حسكنيتة في دارفور خلال مواجهات مسلحة. واضاف مورينو اوكامبو انه سيرفع الى قضاة المحكمة الجنائية الدولية العناصر التي تدين قادة التمرد المعنيين، من دون ان يكشف اسماء هؤلاء. واوضح «انهم اعدوا الهجوم وقادوا قواتهم في العملية. وسيصدر قضاة المحكمة مذكرات التوقيف بعد ان يدرسوا الادلة التي يقدمها مكتب المدعي. ويعد هذا الطلب الثالث من نوعه بالنسبة للتحقيقات التي يجريها اوكامبو بشأن المجازر في دارفور، فقد أصدر في يوليو (تموز) الماضي مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، متهما اياه بارتكاب ابادة وجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور. لكن القضاة لم يتخذوا قرارهم بعد في هذا الشأن. كما اصدرت المحكمة نفسها في مايو (أيار) 2007 مذكرتي توقيف بحق وزير الشؤون الانسانية السوداني احمد هارون واحد قادة ميليشيات الجنجويد الموالية للحكومة علي كوشيب بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. والمحكمة الجنائية الدولية التي تعمل منذ يوليو 2002 في لاهاي، هي المحكمة الوحيدة الدائمة المكلفة محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والابادة.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة ان الاسماء المطلوبة، هم قادة ميدانيون للحركات المتمردة، بعضهم انشق من الحركات الرئيسية، واوردت بعض الاسماء، غير ان حركات التمرد فضلت عدم الدخول في تفاصيل قائمة المدعي العام للمحكمة الجنائية، واكتفت بتأكيداتها أنها ستتعاون مع لاهاي لإيمانها التام بأن المحكمة الجنائية الدولية هي الوسيلة الرادعة لكل من ارتكب جرائم ابادة في دارفور.

وقال الدكتور شريف حرير، القيادي في حركة تحرير السودان، فصيل الوحدة لـ«الشرق الأوسط» ان موقف حركته ثابت، وهو التعاون مع المحكمة الجنائية، من اجل تثبيت حقوق دارفور. واضاف «اذا تم توجيه اتهام لأي من قادة الحركة، فإننا سنقدمه الى لاهاي ليذهب ويثبت برأته بنفسه»، نافياً علمه بأي من الاسماء التي تم ترشيحها من قبل حركته، وتابع «كل حركات دارفور اكدت موقفها بالتعاون مع المحكمة دعونا ننتظر ان يعلن المدعي العام اسماء المتهمين».

وأكد يحيى بولاد الناطق باسم حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، تعاون حركته غير المحدود بتسليم اي فرد من حركته، حتى وان طال رئيس الحركة نفسه. وقال ان الموقف المبدئي لحركته هو التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها الوسيلة الرادعة لتحقيق العدالة لشعب دارفور، وهي أحد مطالبهم. وقال انه لا يستطيع التكهن بأسماء المطلوبين. وتابع «نحن سنتعاون مع المحكمة وما تم اعلانه جرس انذار لتقديم متهمين اخرين في الجرائم التي ارتكبت قبل اشهر في معسكر كلمة للنازحين وراح ضحيته المئات». وقال أحمد حسين الناطق باسم حركة العدل والمساواة لـ«الشرق الأوسط» ان حركته كررت اكثر من مرة أن تعاونها مع لاهاي باعتبارها الجهة المختصة لتحقيق العدالة، وهو من اول مطالب حركته. وقال «نحن الجهة التي دعت الى تدخل المحكمة الجنائية منذ عام 2004 في مؤتمر صحافي معروف في لندن»، لكنه رفض الخوض في تفاصيل اعلان اوكامبو لقائمة المتهمين.

من جهته قال الناطق باسم الخارجية السودانية على الصادق لـ«الشرق الأوسط» ان قرار اوكامبو «لا يعني شيئا» للحكومة. وأضاف: موقفنا ثابت وهو اننا لن نسلم أي مواطن سوداني سواء من الحكومة او المعارضين او ممن يحملون السلاح لمحاكته في الخارج». وقال ان الخطوة التي اتخذها اكامبو جاءت نتيجة للضغوط التي مارستها عليه الجامعة العربية والاتحاد الافريقي ومجموعة دول عدم الانحياز وغيرها من الدولة والمجموعات الدولية، «برفضها وتعرية قراره الذي اتخذه في السابق ضد الرئيس البشير». وابدى الناطق باسم الخارجية ملاحظة بقوله، ان «المدعي اوكامبو لم يعلن هذه المرة اسماء المدعى عليهم.. واكتفى بذكر عددهم، في حين انه أعلن في السابق اسماء الجانب الحكومي بدون تردد»، واضاف «هذا يؤكد ان الأمر كله ضغوط دفعته الى اتخاذ الخطوة الأخيرة، حتى يظهر بمظهر المدعي المتوازن مع انه ليس متوازنا».

الى ذلك اعلن الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني العميد محمد عثمان الاغبش، في بيان ان قوات الجيش السوداني دحرت هجوما شنته حركة تحرير السودان فصيل (الوحدة) في منطقة «الحلف» بشمال دارفور، وكبدت القوات المهاجمة خسائر في الارواح بلغت 30 قتيلاً، وعددا من الجرحى جار حصرهم، ودمرت ست سيارات ذات الدفع الرباعي. واستولت على سيارتين هما في حالة جيدة، وان قواته قتل منها عنصر واحد وجرح اثنان. وقال البيان ان هجوم حركة تحرير السودان فصيل الوحدة امس، كان يقوده صالح جربو، مشيراً إلى ان الهجوم يأتي بعد اعلان الرئيس عمر البشير وقف اطلاق النار في دارفور، ويهدف لإجبار القوات الحكومية على الرد على هجوم الحركات التي وصفها بالمتفلتة لاحراج الجيش والحكومة. وتطرق البيان الى عدد من الهجمات قامت بها حركة تحرير السودان في الفترة الاخيرة في مناطق بجنوب دارفور احداها في منطقة بابنوسة لمجموعة من المتمردين، ادعت انها تود تسليم نفسها، وطالبت بتفاوض لكنها قامت بقتل فريق التفاوض الذي ذهب اليها وبينهم ضابط. واكد البيان ان الجيش السوداني سيرد بقوة على من سماهم البيان بقطاع الطرق والمتفلتين، حفاظاً على ممتلكات المواطنين، وان الطيران العسكري سيواصل استطلاعاته بحثاً عن «مخابئ المجرمين». وتابع «ان وقف اطلاق النار لا يشمل الدفاع عن النفس، وتعقب قطاع الطرق».