العاهل الأردني يلتقي سرا أولمرت وباراك ويطالبهما بعدم اجتياح غزة

الملك عبد الله وأبو مازن حذرا إسرائيل من اتخاذ إجراءات أحادية

TT

في لقاء سري تم على عجل في عمان، حاول العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اقناع كل من رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت ووزير دفاعه، ايهود باراك، بالامتناع عن اجتياح قطاع غزة والعمل على تهدئة التوتر هناك.

وحسب مصادر اسرائيلية مقربة من الحكومة فإن الملك عبد الله اتصل مع أولمرت وباراك ودعاهما الى مأدبة عشاء في قصره مساء الثلاثاء. وطلب الابقاء على اللقاء سريا. وأعرب خلال اللقاء عن قلقه الشديد من خطر التصعيد الحربي في المنطقة وآثاره على الأوضاع السياسية والأمنية. ووفقا لما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن الملك عبد الله ذكر من بين أسباب قلقه، خطر أن يؤدي الاجتياح في قطاع غزة الى ثورة فلسطينية عارمة في كل مكان. وذكرهما بأن حوالي 60% من سكان الأردن هم فلسطينيون وان بلده قد يكون أكثر المتضررين من رد فعل فلسطيني غاضب على الاجتياح.

ورفض أولمرت وباراك التعهد بالامتناع عن الاجتياح وأكدا ان القرار بيد «حماس» وليس بيد اسرائيل وان الجيش الاسرائيلي يلاحظ تحركات من جانب «حماس» لاختطاف جندي اسرائيلي آخر وتنفيذ عمليات تفجير داخل اسرائيل وقصف البلدات الاسرائيلية بصواريخ أكثر تطورا، وهذا غير مقبول عليهما. وأكد أولمرت وباراك انهما يريدان الحفاظ على التهدئة وكانا يأملان أن تفتح صفحة جديدة في العلاقات في المنطقة خصوصا بعد تنفيذ صفقة تبادل أسرى يعود من خلالها الجندي الأسير، جلعاد شليط، الى أهله. ويعود بالمقابل مئات الأسرى الفلسطينيين الى أهاليهم. ولكن «حماس» – أضافا – فهمت اللعبة بشكل خاطيء وحسبت ان اسرائيل تنطلق من نقطة ضعف وراحت تمارس عملية ابتزاز وتستغل الوضع لتثبيت حكمها في القطاع والانطلاق الى المزيد من العمليات العدائية. وقال المسؤولان الاسرائيليان انه في حالة اصرار «حماس» على نهجها، فإن الانفجار سيقع لا محالة لكن اسرائيل مستعدة لمنح «حماس» فرصة لتفادي الصدام وهي تعرف بالضبط ما عليها أن تعمل من أجل ذلك.يذكر ان العديد من الوزراء والسياسيين في الائتلاف الحاكم والمعارضة الاسرائيلية يطلقون تصريحات عنيفة ضد «حماس» ويطالبون بعملية اجتياح كبيرة للقضاء على البنى التحتية للمليشيات العسكرية التابعة لحركة «حماس» وغيرها من مطلقي الصواريخ وحتى تصفية حكم «حماس» في قطاع غزة. فقال نائب رئيس الوزراء، حايم رامون، ان التهدئة كانت خطأ استراتيجيا ويجب التخلص منها في أسرع وقت. وقال وزير التجارة والصناعة من حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، ايلي يشاي، انه يجب تصفية كل حي فلسطيني تطلق منه الصواريخ. وقالت وزيرة الخارجية، تسيبي لفني، المرشحة لرئاسة الحكومة، انه لا «يعقل أن يعاني سكان اسرائيل من الصواريخ الفلسطينية والفلسطينيون يعيشون كما لو ان شيئا لم يحدث».

وفي الوقت نفسه بدأت منذ يوم أمس نشاطات جماهيرية في البلدات التي تتعرض للقصف الفلسطيني، أشكلون وسدروت والقرى المحيطة، في حملة احتجاج واسعة ضد سياسة الحكومة بدعوى ان هذه السياسة لم تحل مشكلتهم الأمنية. ورفعت في مظاهرات أمس شعارات تطالب بإعادة احتلال قطاع غزة و«القضاء على كل شيء يتحرك هناك». وراح عدد من الجنرالات السابقين، الذين انضموا الى الحركات اليمينية المتطرفة، يتشدقون بامكانية القضاء على «الارهاب الفلسطيني». وقال الجنرال ايفي ايتام، النائب عن حزب الاتحاد اليميني، ان الجيش يمتلك القدرات للقضاء على حماس وحكمها لعدة أجيال قادمة. فسئل: كيف؟ فأجاب: ببساطة تدخل وتهدم كل شيء، فإما يتحرك الجمهور الفلسطيني ليدافع عن مصالحه ويسقط «حماس» أو ندوس «حماس» بدباباتنا وندوس معه كل من يقف معها.

وقد اعتبر قادة في الجيش هذه التصريحات «نوعا من العربدة التي تتجاوز حدود النقاش الديمقراطي لتصل الى حد ممارسة ضغوط على الجيش لكي يندفع نحو الحرب من دون دراسة موضوعية». وأضاف هؤلاء، حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ان بعض السياسيين يستغلون الوضع القائم بهدف الربح السياسي عشية الانتخابات العامة للكنيست (التي ستجري في العاشر من فبراير القادم). وحذروا من مغبة ذلك على مصالح اسرائيل الأمنية وقالوا ان الجيش يجب أن يبقى بعيدا عن الحسابات السياسية. ويتخذ قراراته وفقا للحسابات المهنية.

من جانب آخر، حذر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس امس من مغبة الإجراءات الأحادية التي تقوم بها إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأكدا أن تضييق الخناق على الفلسطينيين وزيادة معاناتهم لن يؤديا إلا إلى زيادة التوتر. وشدد الزعيمان خلال لقاء عقداه في العقبة على ضرورة اتخاذ إسرائيل خطوات فورية لوقف معاناة الشعب الفلسطيني، وطالبا بفتح معابر غزة والسماح بدخول المساعدات للقطاع.