ردود فعل متباينة حول كتاب للأزهر عن النقاب

علماء دين مصريون يعيدون الجدل حول كشف وجه المرأة

TT

أثار كتاب أصدرته وزارة الأوقاف المصرية، يعتبر النقاب عادة لا أصل لها في الشريعة الإسلامية، جدلا ساخنا بين علماء الأزهر. وجاء الكتاب الذي يحمل عنوان «النقاب عادة وليس عبادة» بالتوازي مع التوجه الرسمي لمنع النقاب داخل الهيئات الحكومية والمستشفيات والمدارس في مصر. ويتضمن الكتاب آراء وفتاوى لكل من الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق، والدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية.

أما عن رأي شيخ الأزهر الذي تضمنه الكتاب فقد اقتصر على تحديد مواصفات الزي الشرعي للمرأة المسلمة والذي يتمثل في الملابس المحتشمة التي لا تصف شيئا من جسد المرأة ولا تكشف منه سوى الوجه والكفين، مؤكدا أن «وجه المرأة ليس بعورة». أما وزير الأوقاف المصري فقد ذهب في رؤيته للنقاب، إلى أن النقاب يمثل حاجزا عن التواصل بين الناس، وقال «ذلك الحاجز أصبح ينتشر بسرعة بين النساء حتى في الأماكن التي لا يصح معها ارتداء النقاب كالمستشفيات والمدارس، لا سيما مدارس الفتيات، مما يؤصل لفكر متشدد في أذهان الفتيات»، معتبرا أن النقاب لا صلة له بالحرية الشخصية وإنما هو «ضد الطبيعة البشرية وضد مصلحة الوطن، بل إنه إساءة للدين بالغة وتشويه لتعاليمه». أما الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية فقد أكد، بحسب رأيه في الكتاب، أن النقاب «ليس بواجب»، وأن زي المرأة الشرعي له شروط معروفة، وهي ألا يصف مفاتن الجسد، ولا يشف، ويستر الجسم كله عدا الوجه والكفين، لافتا إلى أن المالكية أفتوا بأن النقاب مكروه بدليل حظره في الإحرام للحج.

من جهته أوضح الدكتور احمد عبد الرحيم السايح الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر أن النقاب في حقيقته هو عادة من العادات القديمة المتوارثة، مشيرا إلى أنه لم يرد في الإسلام ما ينص على النقاب أو على كونه عبادة من العبادات، مؤكدا أن القرآن والسنة ينفيان النقاب.

وقال د. السايح «لو كان للنقاب أصل إسلامي ما أمر الرجال بغض أبصارهن عند التقائهم بالنساء، ولو كانت المرأة من الواجب أن تنتقب، فعن أي شيء يأمر الرجال بغض أبصارهم، حيث تكون المرأة مغطاة ولم ير الرجال منها شيئا». وأضاف «من أهم الأدلة لعدم كون تغطية وجه المرأة واجباً من الواجبات الشرعية، قول الله تعالى: «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن». أما الشيخ محمود عاشور وكيل الازهر الاسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية فقال «إن الواجب شرعا على المرأة هو أن تستر جميع بدنها سوى الوجه والكفين فلها أن تظهرهما»، مؤكدا النقاب لا هو مفروض ولا مرفوض لعدم وجود دليل قاطع فيه، فيكون مستحبا ولا تمنع منه المرأة ولا تجبر عليه.

وعلى العكس من الآراء السابقة، يرى الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر بالقاهر والخبير بمجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة، أن النقاب مشروع بأمر من الله عز وجل كما جاء في الآية القرآنية: «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن»، مؤكدا أن هذا الأمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم عاما لنساء المؤمنين في جميع الأزمنة والأمكنة والمجتمعات بأن يغطين وجوههن.

ويتفق مع هذا الرأي الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي أكد أن النقاب فرض وليس عادة وأنه أمر شرعي لا يجوز لأحد التدخل فيه برفضه أو محاربته. وقال «مهما يقال على المنابر في شأن النقاب فان المصريات متدينات بطبعهن ويعلمن أن هذا الكلام عن رفض ارتدائهن للنقاب عبارة عن أوامر لا تغني ولا تسمن من جوع».