قتيل و9 جرحى في اشتباك بين الجيش ومسلحين في طرابلس.. ونائبان يرفضان «الافتراء على الأهالي»

الجيش أطلق النار على سيارة مشبوهة ومسلحون هاجموا احدى نقاطه

جنود لبنانيون يفتشون سيارات عابرة بالقرب من حاجز لهم في مدينة طرابلس أمس (أ.ب)
TT

قتل شخص وأصيب 9 آخرون في طرابلس بشمال لبنان في اشكال حصل امس وتخلله تبادل لاطلاق النار بين الجيش اللبناني ومسلحين حاولوا الاعتداء على احد حواجزه في منطقة التبانة حيث كانت دارت اشتباكات مذهبية منذ اشهر ادت الى قيام خط تماس بين منطقة التبانة ذات الغالبية الاسلامية السنية ومنطقة جبل محسن ذات الغالبية العلوية.

فقد توتر الوضع الأمني صباح أمس في منطقة التبانة اثر قيام الجيش بملاحقة احد المطلوبين فحاول عدد من معارفه استغلال الوضع حيث قاموا باحراق اطارات سيارات وقطع بعض الطرق. وما لبث الجيش ان عالج الموقف بحزم واعاد الامور الى نصابها اثر سقوط قتيل وتسعة جرحى.

وفي التفاصيل انه اثناء قيام وحدات من الجيش بعملية دهم لاحد الابنية في منطقة التبانة لالقاء القبض على المدعو شادي عيسى المطلوب بمذكرات توقيف عدة، صودف مرور ثلاثة شبان في المنطقة هم يوسف محمد العلي ومحمد احمد عكاري وعمر عبد الفتاح الهباري في سيارة «رينو ـ 18» كانت تسير بطريقة مشبوهة، فطلب الجيش من سائقها التوقف فلم يمتثل وانطلق بها بطريقة متعرجة، ما ادى الى اصطدامها بأحد الحواجز العائدة للجيش الذي اضطر لاطلاق النار فاصيب ركاب السيارة بجروح. وقد استغل بعض الشبان القريبين من عيسى الوضع فنزلوا الى الشارع وعمدوا الى احراق السيارة واشعلوا عددا من الاطارات المطاطية ومستوعبات النفايات وقطعوا بعض الطرق المحيطة بمكان الحادث وسط اطلاق نار استهدف بعض عناصر الجيش الذي رد بالمثل فجرح محمد سليم الحلوة (ابو دعاس) وولده زكريا، 9 سنوات، من الذين كانوا يشاركون في اعمال الشغب. فيما قتل مصادفة الشاب احمد الزعبي الذي كان متوجها الى مركز عمله خارج طرابلس. كما جرحت امرأة تدعى عواطف الافيوني. وترددت معلومات لم تؤكد رسميا عن جرح ثلاثة عناصر من الجيش الذي وسع على الفور رقعة انتشاره وعمل على ضبط الوضع واعادته الى طبيعته، فيما تمكن عيسى من الفرار.

واصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بيانا عن الحادث جاء فيه: «أثناء قيام قوى الجيش بمهمة امنية في احد احياء طرابلس، حاولت احدى السيارات اجتياح احد الحواجز العسكرية من دون الامتثال لعناصره. وقد تم توقيف ثلاثة اشخاص كانوا داخل السيارة بعد اصابة احدهم بجروح. وعلى الاثر اقدم بعض المخلين بالامن على التجمهر واحراق السيارة المذكورة، اضافة الى احراق كمية من الدواليب واطلاق النار على احد حواجز الجيش، الذي رد عناصره بالمثل، ما ادى الى اصابة المدعو احمد الزعبي اصابة ادت الى وفاته، كما اصيب آخرون بجروح مختلفة». وأشار البيان الى ان قوى الجيش «تقوم بتسيير الدوريات واقامة الحواجز. وقد اعادت الوضع الى طبيعته». وإذ أكدت قيادة الجيش حرصها على امن المواطنين، شددت على انها «لن تتهاون مع العابثين بالامن والاستقرار».

وقد طالب النائبان سمير الجسر (تيار المستقبل) ومحمد عبد اللطيف كبارة (التكتل الطرابلسي) بفتح تحقيق في ملابسات الحادث. وهما التقيا اهالي التبانة خلال جولة لهما في المنطقة للمساهمة في اعادة الاستقرار والهدوء اليها. وقال الجسر: «تابعنا المسألة مع الاهالي والقوى الامنية. وسجلنا امرا اساسيا هو ان كل الاهالي اجمعوا على عدم تجاوز القانون. فمن غير المقبول ان يكون هناك اي ظلم او افتراء على الاهالي. فالجميع تحت القانون، الناس والقوى الأمنية»، مضيفا: «ما حصل أمر مخجل. ولا نستطيع ان نكون الا بجانب الناس. ولن نسكت على هذا الامر. وسوف نتابعه بالاجراءات الصحيحة عبر فتح تحقيق يكشف الامور على حقيقتها. ومن كان مسؤولا عن الحادث، سواء من المدنيين او العسكريين، يجب ان يحاسب». من جهته، قال كبارة: «أهالي التبانة يلتزمون القانون. ولا يريدون أي تجاوز له. ولكن يجب ان تكون هناك عدالة في تطبيق القانون. فكما يطبق القانون في كل المناطق اللبنانية، يجب ان يطبق في هذه المنطقة الوطنية التي دافعت عن كرامة المدينة واهلها خلال المعارك السابقة. فما حصل اليوم (امس) غير مقبول اطلاقا. ونحن نطالب بلجنة تحقيق قضائية حيادية». وعقد مختار محلة التبانة محمد الزعبي مؤتمرا صحافيا بإسم عائلة آل الزعبي، طالب خلاله الرؤساء اللبنانيين الثلاثة بـ «التدخل والمساعدة من أجل تأليف لجنة قضائية لمحاكمة العناصر التي أطلقت الرصاص في اتجاه المواطنين». وقال أحمد المرج، عضو المجلس البلدي عن منطقة التبانة لـ«الشرق الأوسط» انه تولى شخصياً المفاوضات مع المطلوب عيسى لتسليم نفسه لكنه طلب مهلة للتفكير، وغير واضح بعد ما إذا كان سيسلم نفسه أم لا. وقال الشيخ مازن شحود إمام مسجد حربة في باب التبانة لـ«الشرق الأوسط» أمس «إن القضية خطيرة، وليست حادثة معزولة أو فردية. والمشكلة ليست في تسليم المطلوبين، وإنما في سلوك الجنود وإطلاقهم النار على السكان، من دون إنذار وهو ما لا نراه يمارس في مناطق أخرى». ويضيف الشيخ: «تكررت عمليات إطلاق النار على الناس في الفترة الأخيرة من دون روية أو تمهل. وهذا تماماً ما حدث اليوم (أمس). فقد كان الجيش في المنطقة لمداهمة منزل المطلوب شادي عيسى حين مرت سيارة فيها ثلاثة شبان لم تتوقف وتمتثل لاوامر الجنود، فتم إطلاق النار عليها على الفور وجرح من بداخلها. وبدأ الجنود بدوس من في السيارة وشتمهم، وهرع الناس غاضبين واشتبكوا مع الجيش. وكردة فعل هناك من ذهب ليقطع الطريق الرئيسية، وهنا ايضاً اطلق الجيش النار على الفور وأوقع قتيلا». ويشرح الشيخ مازن: «لقد اتصلنا بمختلف السياسيين، ووضعناهم أمام مسؤولياتهم. هل يعقل ان تطلق النيران على الناس لمجرد انهم قطعوا الطريق؟ وهل هذه اول طريق تقطع في لبنان؟». ويعلق عضو المجلس البلدي أحمد المرج معتبراً أن هناك أمرا من اثنين «إما ان ثمة من يريد ان يورط الجيش مع أهالي باب التبانة ليوقع به، او ان هناك اليوم من يريد للجيش ولو بأي ثمن ان يدخل منطقة باب التبانة».