اليسار الفرنسي يحسم معركة القيادة التي ساهمت في تقوية ساركوزي

الرئيسة المقبلة للحزب الاشتراكي وزيرة سابقة وخريجة المدرسة الوطنية للإدارة

المرشحة لرئاسة الحزب الاشتراكي الفرنسي، سيغولين رويال، تدلي بصوتها في اختيار رئيس الحزب أمس (أ.ب)
TT

عاد الاشتراكيون مساء أمس مرة جديدة الى صناديق الاقتراع للفصل بين المتنافستين على منصب أمين عام الحزب الاشتراكي، المرشحة الرئاسية السابقة سيغولين رويال والوزيرة السابقة مارتين أوبري بعد فشل أي من المتنافسين الثلاثة (مع المرشح النائب الأوروبي بونوا هامون) في اجتياز عتبة الـ50 في المائة المطلوبة من الأصوات.

ومهما تكن هوية الفائز فان السكرتير الاول للحزب الاشتراكي الفرنسي (معارضة) سيكون امرأة خريجة المدرسة الوطنية للادارة ووزيرة سابقة. وهذه هي النقاط المشتركة بين المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية سيغولين رويال ورئيسة بلدية ليل مارتين اوبري.

ومنذ صباح هذا اليوم سيكون للحزب الاشتراكي أمين عام جديد يخلف الأمين العام السابق فرنسوا هولند الذي قضى في هذا المنصب 11 عاما. حتى بدء عملية الاقتراع الساعة الخامسة من بعد ظهر أمس، كان سوق المراهنات على أشده. فاقتراع اول من امس أفضى الى تصدر سيغولين رويال، 55 عاماً، حلبة السباق بحصولها على 42.51 في المائة من الأصوات، فيما حصلت مارتين أوبري، 56 عاماًَ، وهي ابنة رئيس المفوضية الأوروبية السابق جاك ديلور، على 34.70 في المائة من الأصوات. أما المرشح الثالث بونوا هامون فقد حصل على 22.79 في المائة من اصوات الناخبين من الحزب الاشتراكي.

وما يزيد الأمور تعقيدا أن المنطق الحسابي لا يتوافق دائما مع المنطق السياسي والانتخابي. وقد تبين بوضوح أن سيغولين رويال تواجه في الواقع تحالفا ضمنيا اصبح اخيراً ظاهريا ويقوم على تجميع كل القوى السياسية داخل الحزب لمنع رويال من الوصول الى الأمانة العامة. فالمرشح الرابع برتراند دولانويه، عمدة العاصمة باريس الذي انسحب من السباق قبل العملية الانتخابية كان دعا مناصريه، وهم يمثلون أكثر من 25 في المائة من الأصوات الاعضاء، الى التصويت لصالح أوبري. ودعا هامون بدوره امس الى انتخاب أوبري. ووفق المنطق الحسابي، يفترض أن تكون أوبري الفائزة في هذا الاختبار الذي أظهر بوضوح انقسامات الاشتراكيين وصراع قادتهم على السلطة. لكن أصوات دولانويه لم تصب كلها لصالح أوبري رغم دعوة عمدة باريس والدليل أن رويال نجحت في الحلول في الموقع الأول بفارق كبير أمام أوبري. وسعت رويال أمس الى «اجتذاب» أنصار هامون بتأكيدها أن مناصري هامون «يريدون التغيير» وأنها هي التي تمثله وليس أوبري المدعومة من قبل أركان الحزب.

وتعرضت رويال لهجمات داخل الحزب في الاشهر الاخيرة خصوصا، وحتى قبل ذلك منذ خاضت الانتخابات الرئاسية في 2007. وسيغولين تتمتع بشعبية في صفوف الناشطين لكنها مهمشة على صعيد قيادة الحزب. وستكون مهمة زعيمة الحزب المقبلة صعبة جدا وهي لملمة جراح المؤتمر العام للحزب في ريمس وتمكينه من مواجهة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2012.

ويبدو اليوم واضحا أن رويال نجحت في لعب ورقة الانتخاب المباشر من اعضاء الحزب الذين يزيد عددهم على 180 ألف عضو لتخطي أجهزة الحزب ولعبته التقليدية. والاكثر من ذلك، بدت قادرة على تجاوز الفيتو والتحالف الذي يجمع خصومها الذين تربط بينهم رغبة أكيدة في منعها من ترؤس الحزب الاشتراكي. ويتخوف هؤلاء ليس فقط من الخط السياسي لرويال التي تدعو الى التحالف انتخابيا وسياسيا مع تيار الوسط الذي يقوده فرنسوا بايرو، بل إن خوفهم الأكبر هو من تحويل الحزب الاشتراكي الى ماكينة انتخابية تسخرها رويال لحملتها الرئاسية المقبلة عام 2012 ما سيبعده عن الطبقة الشعبية وعن النقابات وعن القواعد الشعبية للاشتراكيين.

غير أن المستفيد الأكبر من تشرذم الاشتراكيين وحربهم الداخلية هو في الواقع اليمين الحاكم والرئيس ساركوزي بالدرجة الأولى. فانقسامات الاشتراكيين تحولهم عن الانتباه لسياسة الحكومة وتنحيهم عن دورهم المعارض. وساركوزي يرى أن رويال، كما أثبت ذلك عام 2007، خصم يسهل التغلب عليه لأنه غير قادر لشد مكونات اليسار الأخرى اليه ولأن الوسط لا يسير وراءه.