سورية: يجب إغلاق تحقيق وكالة الطاقة حول موقع «الكبر».. ولا تفتيش لمواقع أخرى

واشنطن: التقرير يعزز الشبهات في أن دمشق تنشئ مفاعلا نوويا في صحرائها الشرقية

TT

قال رئيس هيئة الطاقة النووية السورية، إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن موقع «الكبر» السوري لم يثبت شيئا، وان التحقيق يجب اغلاقه. وقال ابراهيم عثمان ان سورية ستلتزم باتفاق مكتوب مع مفتشين للامم المتحدة، سمح بزيارة واحدة لموقع الكبر جرت في يونيو (حزيران) الماضي، و«لن نسمح بزيارة أخرى»، وفقا لما نقل امس من فيينا، مقر وكالة الطاقة الذرية.

وأوضح عثمان ان الموقع النائي في الصحراء السورية، الذي قالت الولايات المتحدة انه كان مفاعلا نوويا سريا، ليس سوى منشأة عسكرية، وانه لا يحق لمسؤولي الامم المتحدة تفتيشه. واوضح عثمان للصحافيين امس، بحسب ما نقلت وكالة الانباء الفرنسية، «نحن نتحدث عن قواعد عسكرية، نحن نتحدث عن نشاطات عسكرية». وقال ان اي بلد اخر لا يسمح لاي شخص بزيارة موقع عسكري «لمجرد انه يود رؤيته». واكد ان السلطات العسكرية السورية هي التي تقرر ما اذا كانت تسمح لمفتشي الوكالة بدخول الموقع ام لا.

واضاف «انا اوضح فقط ان هذا موقع عسكري... ونحن في حالة حرب، نحن لا نزال في حالة حرب في الشرق الاوسط». وذكرت الوكالة في تقريرها، الذي تلى عملية تفتيش ميدانية في يونيو (حزيران)، انه ليس بامكانها تحديد طبيعة موقع الكبر، الذي دمره سلاح الجو الاسرائيلي في سبتمبر (ايلول) 2007. اما التقرير الذي أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية الاربعاء، فقال ان المجمع السوري الذي قصفته اسرائيل في سبتمبر من العام الماضي يحمل عدة ملامح تشبه ملامح مفاعل نووي، وإن مفتشي الامم المتحدة عثروا على اثار «مهمة» لليورانيوم في الموقع. لكن تقرير الوكالة قال ان النتائج التي تم التوصل اليها بعد زيارة المفتشين للموقع في يونيو ليست كافية لاستنتاج ان مفاعلا نوويا كان موجودا هناك. واضاف أن هناك حاجة الى مزيد من التحقيقات ومزيد من الشفافية من جانب سورية. ويأتي ذلك فيما قال السفير الاميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، امس «ان الشبهات بشأن سعي سورية لبناء مفاعل نووي سري تعززت بتقرير الوكالة». واوضح غريغوري شولت في بيان امس، ان تقرير الوكالة «يعزز» تحليل واشنطن القائل بان «سورية تبني سرا مفاعلا نوويا في الصحراء الشرقية» عند منطقة الكبر. وقال السفير الاميركي ان هذا التقرير «يناقض رسميا العديد من المزاعم السورية، ويكشف رفض سورية المتكرر الرد على اسئلة الوكالة». واضاف ان بلاده تدعم «بحزم» جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمتابعة التحقيق، ودعا سورية الى التعاون التام مع الوكالة. وسيتم بحث الملف النووي السوري، وايضا الايراني، خلال اجتماع الدول الـ35 الاعضاء في مجلس حكام الوكالة في فيينا في 27 نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال شولت «ان الوكالة الدولية في حاجة لفهم ما الذي كانت سورية تبنيه سرا، ثم دفنته تحت أمتار من الارض ومبنى جديد». واضاف «سورية ليست ايران ولا نسعى لتحويل سورية الى ايران. ولكن هذا يقتضي أن تتعاون سورية مع الوكالة الدولية». واستطرد قائلا: «نأمل ألا تتبع سورية أساليب الاعاقة وعدم المساعدة التي اتقنتها طهران، والتي تظل جلية للغاية في أحدث تقرير للوكالة». وجاء في تقرير اخر للوكالة ايضا أن ايران لا تزال تعرقل تحقيقا تجريه الوكالة في أبحاث لطهران يشتبه في أن لها صلة بانتاج قنبلة ذرية، وقال مسؤولون بالامم المتحدة ان جمودا يسود منذ سبتمبر (ايلول) الماضي، حيث لم يجر أي اتصال بين الجانبين.

من جهة اخرى، علمت «الشرق الاوسط» من مصادر مطلعة، ان دول اعضاء مجلس امناء الوكالة الدولية، منقسمة بشدة حول ما سيخرج به اجتماعها القادم يوم 27 الجاري، وان كان المجلس سيصدر قرارا يدين سورية أم سيكتفي بمجرد لفت نظر ومطالبة سورية بتعاون كامل مع الوكالة الدولية. وفيما افصحت مجموعة دول عدم الانحياز ومجموعة السبعة والسبعين، في بيان اصدرته يوم أمس، عن تأييدها للموقف السوري، وادانتها للهجوم الاسرائيلي على موقع الكبار، بدعوى انه موقع مفاعل نووي سري، تصر مجموعة من الدول الغربية على ان كل الدلائل والاشارات تؤكد ان سورية كانت تسعى لبناء مفاعل نووي بمنطقة دير الزور بصحرائها الشرقية، وان سورية عمدت لاخفاء ملامح ومعالم ذلك النشاط، مطالبين اياها بالتعاون المطلق مع الوكالة الدولية وتسليمها البقايا والركام مما خلفه الهجوم الاسرائيلي، بالاضافة للسماح للمفتشين الدوليين بزيارة المواقع الثلاثة، التي طلبت الوكالة السماح بزيارتها ولم تستجب سورية بعد. وشدد عدد من الدبلوماسيين الغربيين في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» على ضرورة ان تهتدي سورية بهدى ليبيا التي عملت على تفكيك برنامجها النووي، بدلا من السير في طريق ما وصفوه بـ«النهج الايراني»، الذي يرفض الامتثال لمطالب المجتمع الدولي، وقرارات مجلسي الامن وامناء الوكالة الدولية، ممن يطالبون ايران بوقف انشطتها النووية، خاصة تخصيب اليورانيوم.

وفي طهران رد علي اكبر هاشمي رفسنجاني على الاتهامات الغربية خلال خطبة صلاة الجمعة امس. وقال رفسنجاني، رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، في خطبة صلاة الجمعة، التي بثتها الاذاعة الحكومية ان الاتهامات الاميركية بأن ايران تحول برنامجها النووي لاغراض عسكرية لا تستند الى أي دليل. وقال رفسنجاني «لقد اعلنا كل شيء. والوكالة أقرت... اننا لم نحول شيئا». وأضاف «لكن الاميركيين أثاروا مزاعم بأننا لا نعلن كل شيء. وزعم من هذا النوع لا حدود له وأي شخص يمكنه توجيه مثل هذه الزعم لاي سبب. انهم لا يقدمون أي وثائق تدعم هذه الزعم». وتابع رفسنجاني «فيما يتعلق بالسيد البرادعي فهو كلما تحدث... يقول على سبيل المثال ان ايران لا تسمح لمفتشي الوكالة بتفتيش منشأة اراك للماء الثقيل»، مشيرا الى منشأة ايرانية نووية مثيرة للجدل. وتابع الرئيس السابق قائلا «هذا مثال اخر على محاولة استخدام أسلوب الاكراه معنا. نطالب الوكالة بان تحكم بحياد وعدل». وأضاف «لن نسمح باهدار حق محدد لامة ثائرة بريئة».