وزير الإعلام السوري لـ«الشرق الأوسط» : علاقتنا مع إيران وتركيا سلاح لخدمة قضية فلسطين

محسن بلال: تعثر لم الشمل العربي ليس مشكلة سورية.. ابحثوا في أي عاصمة أخرى غير دمشق

محسن بلال
TT

نفى وزير الاعلام السوري محسن بلال ان تكون دمشق استبدلت علاقاتها مع القاهرة والرياض بإيران وتركيا، موضحا في حوار مع «الشرق الأوسط» بدمشق «أنه كانت هناك ظروف»، ومع ذلك فإن الرئيس السوري بشار الأسد بوصفه رئيسا للقمة العربية يعتزم زيارة كل العواصم العربية بلا استثناء. واستبعد بلال أن تفك سورية ارتباطها مع ايران وحزب الله اللبناني مقابل السلام مع اسرائيل، وقال: لم يطلب احد من اميركا فك ارتباطها مع اسرائيل، موضحا ان علاقات دمشق مع طهران وأنقرة «سلاح» لخدمة القضية الفلسطينية. كما قال: إن تعثر لم الشمل العربي ليس مشكلة سورية، وان من مصلحة دمشق وجود لبنان آمن ومستقر وموحد. غير أنه اوضح ان هناك في لبنان من لا يحبون سورية، موضحا: «هناك بعض اللبنانيين لا يحبون سورية.. ماذا نفعل؟ لا احد يفرض الحب على احد وهذا نعتبره جزءا من الديمقراطية». وهنا نص الحوار:

* كيف يمكن استعادة التضامن العربي الذي أسندته قمة دمشق إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية؟ ـ سورية اليوم هي رئيس القمة العربية والرئيس بشار الاسد اختار ان يكون شعار القمة رقم عشرين التي انعقدت في دمشق (التضامن العربي والعمل العربي المشترك). وهذا يعنى ان سورية تؤمن بهذا وتعمل من اجله، والرئيس بشار الاسد بصفته رئيسا للقمة العربية، يعتزم زيارة كل العواصم العربية بلا استثناء.

* متى سيقوم بهذه الجولة؟

ـ قريبا جدا.. وقد بدأ من قبل زيارات لعواصم عربية ويحاول استكمال برنامجه ولن ينقطع عن العواصم العربية، واحدة تلو الاخرى. أما في حال ان هناك بعض العواصم ليس لديها الاستعداد.. ماذا نفعل؟ لكن ما نود التأكيد عليه هو ان رغبتنا وارادتنا والتوجه لسورية وللرئيس بشار الاسد هو زيارة كل العواصم العربية.

* كل ما تحدثت عنه له مؤشراته، لكن حتى الان لم نر ما يشير الى لم الشمل العربي او حتى وحدة الموقف العربي في كثير من القضايا؟ ـ ليست مشكلة سورية.. وأبحثي عن السبب في أي عاصمة اخرى غير دمشق، لان دمشق وفية لما خطته ووفية لمقررات القمة العربية وتعمل برحابة صدر رئيسة للقمة العربية. وقد شاركت كل العواصم العربية في القمة ولم يتخلف احد، وان كان التمثيل على مستويات مختلفة، وهذا امر سيادي لا نتدخل فيه. ان دمشق ليست مقاطعة لأحد ولا لبلد أو لأي عاصمة ولا لنظام ونحن صدرنا واسع وقلبنا كبير.

* كيف تفسر ما يتردد بأن دمشق استبدلت تحالفها مع القاهرة والرياض بإيران وتركيا؟

ـ هذه اجتهادات إعلامية.. وأعطني نصا يدل على ذلك. كيف لدمشق قلب العروبة النابض ان تستبدل عاصمة بعاصمة؟ هذا لا يصح لان موقفنا الاستراتيجي: الأمة العربية ـ امة واحدة من المحيط الاطلنطي الى الخليج العربي. والرئيس السوري دائما يشدد على هذا. أما مع الاصدقاء الأتراك فالعلاقة فيها روابط تاريخية وثقافية ونحن نحرص على علاقات جيدة مع كل الدول. ولكن للعرب خصوصيتهم في قلب دمشق فهم اسرتها العربية داخل بيت العرب. وهل الذي يتحدث عن التحالف يريد الحرب بين ايران وسورية ام علاقة ود واحترام وتعاون؟ وأيهما أفضل؟ وكذلك هل يريد الآخر لنا حربا مع تركيا أم علاقات طيبة ونحن الذين نطلب صداقة مع الاتحاد الاوروبي؟ لماذا لا يكون لنا علاقات صداقة مع جيراننا ونتقاسم معهم عدة وشائج؟ وكذلك مع ايران واعتقد مصر. الأمة العربية كلها أمة مسالمة تريد حسن الجوار والعلاقات الطيبة مع كل دول العالم والتي نعتبرها من أهم أسلحتنا لدعم القضية المركزية والاساسية للعرب، القضية الفلسطينية، والتي يحتاج حلها الى كسب صداقات ومساندات اقليمية ودولية، وهذا ما تفعله سورية، وهي اليوم علاقاتها طيبة مع الجيران الأتراك والايرانيين والآن بدأت اوروبا تعود الى سورية بعدما ابتعدت عنها في السابق. وبالامس قام وزير خارجية بريطانيا بزيارة لسورية واعلن ان سورية شريك مهم في المنطقة.

* عندما اعتذرت حماس عن استكمال حوار القاهرة تردد وعلى لسان نايف حواتمة أن قوى إقليمية ساهمت فى تحريض حماس على ذلك، وهناك من اتهم سورية صراحة بذلك، ما هو ردكم على ذلك؟

ـ لا أعلق على ما قاله نايف حواتمة، لأن موقف سورية واضح تماما في هذا الشأن. ونحن مع وحدة الشعب الفلسطيني ومع نزع الاشواك والعراقيل التي تعرقل وحدة الصف الفلسطيني.

فالمسألة خطيرة جدا. ويكفي مصائب الشعب الفلسطيني مع اسرائيل التي تسجن اكثر من 11 الف شاب فلسطيني وشابة. واليوم الفلسطينيون كل طرف يسجن افراد الطرف الآخر.. هل هذا معقول؟ إن سورية تحث كل الفرقاء في فلسطين، وخاصة فريقي فتح وحماس على الوحدة. وسورية لا تعطي اوامر للفلسطينين وانما هي تتحدث الى الاشقاء الفلسطينيين بكل روح اخوية وقومية.

* هل تتوقعون نجاح المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل مع بداية العام المقبل؟

ـ المشكلة في اسرائيل. أما نحن فجادون للتوصل بعد الخمس جولات لحل وبإنجاز الارضية المشتركة، وتحديد خط الرابع من حزيران 1967 والذي نعتبره نقطة وخط يجب ان تنسحب اسرائيل اليه. وعندها نتوصل الى حل خلال المباحثات غير المباشرة، عندها سننتقل الى المباحثات المباشرة برعاية الادارة الاميركية الجديدة وكذلك الاتحاد الاوروبي الذي نرى انه سيكون له دور كبير، وكذلك روسيا التي تستضيف مؤتمر موسكو، وايضا تركيا. نحن ندعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وحق اللاجئين في العودة الى ديارهم. وستستضيف دمشق يومي 23 و24 الشهر الجاري مؤتمرا دوليا ضخما يشارك فيه شخصيات واحزاب وبرلمانيون دوليون وكل من يؤمن بحق تقرير مصير الشعوب وميثاق الامم المتحدة لإنهاء الاستعمار والاحتلال والاستيطان.

* هل دعت لهذا المؤتمر الفصائل الفلسطينية أم دمشق؟

ـ لقد دعا له شخصيات من «مؤسسة القدس» ومن العالم. ودمشق هي المضيفة. وهناك شخصيات عربية من كل الدول مشاركة في اللجنة التحضيرية.

* هل تقبل سورية إتمام عملية السلام مع إسرائيل وتحرير الجولان مقابل فك الارتباط مع إيران وحزب الله؟ ـ نحن لا نشترط على أحد حتى ننجز السلام، أن يفك صداقاته وارتباطاته مع أحد. إسرائيل مربوطة بحبل سري مع اميركا ونحن لم نشترط عليهم قطع هذا الحبل. ونقول إن صداقاتنا هي جزء من سيادتنا، ولا أحد يطلب منا فك الصداقة مع احد، وصداقاتنا هي خياراتنا ومرتبطة بمصالح بلادنا. إن السلام يبنى بلا شروط ووفق متطلبات السلام. والعالم يعرف هذه المتطلبات وهي استعادة الجولان كاملة وإقامة السلام العادل والشامل في المنطقة.

* ما هو ردكم على تقرير مدير وكالة الطاقة الذرية حول موقع الكبر السوري ووجود منشآت تشبه منشأة نووية؟

ـ هذه اسطوانة ملها العالم وسئم منها.. وإن كان لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذرة من الصحة فهذه الذرات أو الجزيئات مؤكد أنها بقايا من القذائف والقنابل التي قذفت بها الطائرات الاسرائيلية المعتدية على الاراضي السورية.

* ماذا فعلت سورية لضمان عدم تكرار الاعتداء الأميركي على أراضيها؟

ـ رسالتنا وصلت للجميع عبر احتجاج شعبي سوري خرج للشارع عن بكرة ابيه رافضا لهذه السياسة العدوانية الرعناء التي تقوم بها هذه الادارة الراحلة. والرد السوري كان ردا محليا وطنيا واقليميا ودوليا، واخطرنا مجلس الامن الدولي بهذه الانتهاكات التي يرفضها ويدينها ميثاق الأمم المتحدة. وقمنا بتعرية السياسة الاميركية البوشية الحمقاء المعتدية التي تضرب هنا وهناك وتعتدي على الشعوب وسيادتها وبلا نتيجة. وانظروا كيف فشلوا في افغانستان والعراق ولبنان وفي كل مكان.

* كيف ترون تداعيات العدوان الاميركي على سورية على علاقاتكم مع العراق؟

ـ نحن مع العراق ندعم سيادته واستقلاله ووحدته ارضا وشعبا ودولة. ومع وحدة ولم شمل كل مكونات الشعب العراقي. وندعم كذلك العملية السلمية في العراق والمصالحة الوطنية في العراق، ونطلب منها ان تكون الدولة الشقيقة والصديقة والجار الذي لن يكون منصة لعدوان ينطلق منها لأي دولة من دول الجوار. ونحن مع العراق. كم تألمنا وكم نتألم لما يمر به ونتمنى ونطلب ونرغب أن ترحل القوات المحتلة كاملة.

* ألا ترى أن الاتفاقية الامنية تؤدي الى انهاء الاحتلال، خاصة أن اهل العراق اطلقوا عليها: اتفاقية سحب القوات؟ ـ هل أنت راغبة في هذه الاتفاقية؟

* هي قد تحقق تدريجيا إنهاء الاحتلال حتى الرحيل في عام 2011؟ ـ رؤيتنا واضحة.. المحتل لا يجب ان يأخذ أي مكافأة على احتلاله، بل على العكس لا بد ان يدفع الثمن. والحل هو بالجلاء التام. وآلية الجلاء يحددها الشعب العراقي والحكومة والبرلمان العراقي والجدول الزمني. أما أن يبقى للاحتلال حصانة ولجنوده وللشركات الأمنية فهذا لا يوجد في أي مكان في العالم. وكذلك الا يكون للاحتلال قواعد تهدد ليس فقط الشعب العراقي وانما دول الجوار.. هذا لا يعقل.

* التعديل الجديد على الاتفاقية أنهى كل هذه الهواجس كما ذكر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي؟ ـ خلاص.. وهل ستكون الاتفاقية بدون قواعد او حصانة لجنود للاحتلال ومع وضع جدول زمني لسحب القوات بالكامل؟ اذا كان الامر كذلك، فنحن لا نريد اكثر هذا. وازيد نحن مع ان ينقطع أثر الاحتلال والمحتلين وأن يبقى العراق الموحد والحر والمستقل. ولكنني أسأل اذا المحتل أقر في الاتفاقية بالانسحاب لماذا يطالب بالحصانة ولماذا لا يأخذوا الحصانة لجنودهم في بلدهم ولماذا يأخذون لجنودهم الحصانة في بلاد العالم والعراق ليست بلدهم.

* أعضاء الحكومة العراقية يدافعون عن الاتفاقية ويقولون إن المحتل دخل الى العراق بمباركة عربية فلمَ الاعتراض على الاتفاقية الامنية؟ ـ هذا حديث المحتل والذي أتى بأجندته رغما عن مجلس الأمن. وأتساءل: من الذي صوت مع المحتل لغزو العراق؟ والاجابة واضحة ثلاثة أصوات فقط وهي (الولايات المتحدة ـ وبريطانيا ـ وإسبانيا) هذه هي الاصوات التي حصلوا عليها لغزو العراق. والعرب لا علاقة لهم بهذه القصة.

* إلى أين وصلت علاقاتكم مع لبنان؟ ـ لبنان هو الشقيق التوأم لسورية، ونحن مع مساعدة لبنان بكل الاتجاهات، اي لبنان الآمن والمستقر والموحد والمستقل، نعتبره سندا لسورية بينما لبنان المريض والممزق والمشتت وغير المستقر يكون مشكلة لسورية.

* هل من برامج جديدة لتسريع خطوات التطبيع بين لبنان وسورية؟ ـ الأخوة اللبنانيون في زيارات لم تنقطع لسورية. وفخامة الرئيس ميشال سليمان كان في زيارة تاريخية لسورية واستقبل استقبالا حافلا ورائعا يليق به. ثم توالت زيارات أخرى لوزراء الداخلية والثقافة والاعلام. وبالنسبة لنا تربطنا بالاشقاء في لبنان رابطة قربى أسرية. ونحن نحبهم وهم يحبوننا. هناك بعض اللبنانيين لا يحبون سورية.. ماذا نفعل؟ لا أحد يفرض الحب على أحد وهذا نعتبره جزء من الديمقراطية.

* ماذا تتوقع سورية من الإدارة الأميركية الجديدة؟ ـ نحن نأمل ونسأل الله أن تكون ادارة اوباما صادقة مع افعالها والتغيير. اذا استطاعت هذه الادارة أن تفي بالشعار الذي رفعته، واعتماد خط جديد في احترام الدول وسيادتها وارادة شعوبها وانهاء الاحتلال والنظر الى المنطقة بجدية واحترام بدلا من النظرة الفوقية ونظرة الاحتلال، نتوقع ان يكون التعاون افضل بين دول العالم واميركا.

* هل تريد سياسة أميركية جديدة كما الاتحاد الأوروبي معكم اليوم؟ ـ اليوم الاتحاد الاوروبى يأتي حاجا الى دمشق وعلى سبيل المثال شهد الجميع نتائج زيارات (وزراء خارجية ايطاليا واسبانيا والرئيس الفرنسي باعتباره رئيسا للاتحاد الاوروبي ـ وزير خارجية بريطانيا والدنمارك والنمسا). وكل من يأتي الى الشام هو الذي يربح، لأن الشام لم تقترف ذنبا بحق أحد والآخرون هم الذين اقترفوا ذنوبا معنا ونحن نغفر لهم لأننا بلد متسامح.