قيادة الجيش اللبناني تنظم عرضا عسكريا.. وسليمان يؤكد أن الاستقلال لا يكتمل إلا بالإصلاح

في احتفال حلقت فيه طائرتا «هوكر هنتر» حربيتان

رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال سليمان ووزير الدفاع الياس المر في سيارة عسكرية يستعرضان وحدات مشاركة (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

بعد انقطاع سنتين، أقيم أمس في بيروت عرض عسكري لمناسبة الذكرى الخامسة والستين لاستقلال لبنان، في احتفال وطني استضافته ساحة الشهداء وترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، وعدد كبير من المسؤولين وكبار رجال الدين والدبلوماسيين والإعلاميين. وبعدما أطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة ترحيبا، افتتح العرض العسكري بتحليق طائرتين نفاثتين من نوع «هوكر هنتر» بعد عودة هذه الطائرات البريطانية القديمة إلى التحليق اثر خضوعها لعمليات إعادة تأهيل، علما أن الجيش اللبناني حصل عليها عام 1959، إضافة إلى تشكيل من الطوافات العسكرية التي حملت الأعلام اللبنانية وعلم الجيش فوق مكان الاحتفال، ثم أعطى قائد العرض العميد الركن ميلاد طنوس الأمر ببدء العرض الذي شاركت فيه وحدات من مختلف ألوية الجيش وأفواجه وأخرى من قوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة والجمارك. وأطلقت في سماء الاحتفال بالونات تحمل ألوانا حمراء وبيضاء وخضراء ترمز إلى ألوان العلم اللبناني وعلم الجيش، وأطلقت السفن في عرض البحر أيضا أبواقها. واختتم الاحتفال بمغادرة علم الجيش وتوجه رئيس الجمهورية إلى قصر بعبدا حيث تلقى إلى جانب بري والسنيورة التهاني طوال النهار. وسجل في هذا الإطار غياب رئيس الجمهورية السابق إميل لحود وكتلة نواب «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) عن القصر.

وكان سليمان قد وجه مساء الجمعة رسالة الاستقلال خلال استقباله في القصر الجمهوري وفدا موحدا من طلبة الجامعات اللبنانية، أكد فيها أن «الوطن لا يبنى، والاستقلال لا ينجز، إلا بالتضحيات»، داعيا إلى أن تكون تضحيات اللبنانيين اليوم «من أجل إعادة بناء الدولة الجامعة، القادرة والعادلة، بعيدا عن التجاذبات والمحسوبيات». ولفت إلى أن العمل خلال الأشهر الستة المنصرمة تركز «على تحديد الأولويات، ورسم رؤية تحمي الاستقلال، وعلى تغليب لغة الحوار والتوافق، وإحياء عمل المؤسسات»، مشيرا إلى أن ما تحقق خلال هذه الفترة، «أرسى مناخا عاما من التوافق والتوازن على مختلف المستويات». واعتبر أن استقلال الوطن «لا يكتمل إلا باستقلال القضاء، وبقيام دولة الحق والمؤسسات الشفافة والعادلة التي تحارب الفساد وتسعى للإصلاح وتتيح تكافؤ الفرص، وتساهم تاليا في تعزيز الحرية الفردية والانتماء الوطني والإدراك الفعلي لمعاني الاستقلال». وشدد على واجب الدولة والقوى الحية في البلاد «إيلاء أهمية خاصة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والتربوية والصحية التي تشغل يوميا حيّزا واسعا من وقت الشعب وجهده ومدخراته». ودعا الشعب اللبناني، وعلى رأسه فريق الشباب إلى مساءلة المسؤولين ومحاسبتهم، مشيرا إلى أن اللبنانيين يعيشون «في نظام ديمقراطي يسمح بإجراء المساءلة والمحاسبة».

من جهته، وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان رسالة تهنئة إلى اللبنانيين، معتبرا أن «فرحة عيد الاستقلال لا تكتمل إلا بتحرير كامل الأراضي اللبنانية واندحار الاحتلال عن مزارع شبعا»، سائلا الله أن «يزيد لبنان منعة ووحدة وتقدما ورقيا ليظل صخرة صلبة تتحطم على جوانبها مؤامرات الأعداء ومكائدهم».

واعتبر ان «الاستقلال هدف وطني ثمين يحتم علينا ان نصونه ونحافظ عليه بإمكاناتنا ليبقى لبنان حرا أبيا مستقلا ذا سيادة نعتز بها ونفخر، وأفضل حماية للاستقلال تكون بتحصين وحدتنا الوطنية وتآلف القلوب وتراص الصفوف، وعلى المواطن في لبنان ان يبذل الهمة والإرادة والتضحيات الكبيرة ليظل الوطن مصانا عزيزا أبيا». وأكد ان «لبنان أمانة في أعناق اللبنانيين تحتم عليهم ان يحفظوه بحفظ استقلاله ومنعته وصون سيادته وحدوده، وعلى اللبنانيين ان يحافظوا على جيش وطنهم ومقاومته التي رفعت رأس لبنان والأمة العربية عاليا، وعليهم ان يحفظوا منعة الوطن بحفظ جيشه ومقاومته وتحصين وحدته الوطنية التي شكلت احد أهم مصادر القوة للبنان باعتبارها حصن لبنان، فهي الوسيلة الفضلى للحفاظ على استقلاله واستقراره». ورأت وزيرة التربية والتعليم العالي، بهية الحريري، خلال الاجتماع الدوري للجنة اللبنانية ـ الفلسطينية للحوار والتنمية ان «عيد الاستقلال ليس مجرد ذكرى إنما مناسبة لنجري مراجعة لمفهوم الاستقلال والحرية والسيادة وتكوّن الدولة». وأكدت «أهمية ممانعة كل محاولة للعب بورقة المخيمات الفلسطينية، وكل المتربصين للانقضاض على الاستقرار في لبنان باستدامة القلق ضمن المخيمات لا يزالون موجودين»، وقالت: «ان الوجود الفلسطيني في لبنان له حقوق في التعليم والصحة والعمل وحفظ الكرامة، وأي مقاربة للواقع الحالي لا بد أن تؤخذ بجذور وأساس المشكلة والوضع المأساوي الذي تعيشه المخيمات، لا ان تؤخذ بشكل سطحي. ومخيم عين الحلوة مثل أي منطقة مكتظة فيها كل العناوين، لكن في النهاية غالبية الذين يعيشون في عين الحلوة هم أناس مدنيون شرفاء لديهم حقوق وعليهم واجبات، والأهم أنهم جميعا يطلبون أن تكون الدولة اللبنانية هي الملاذ الأساسي لهم». وقال عضو كتلة المستقبل، النائب سمير الجسر، إن «واجبنا الوطني هو المحافظة على استقلال بلدنا وسيادته وذلك بالاتحاد في ما بيننا، بحيث لا نسمح لأي قوى أن تؤثر على سيادة لبنان واستقلاله وحريته». وشدد على أن «استقلال البلد لا يكون فقط بإخراج أي قوة عسكرية منه، انما الاستقلال الحقيقي هو بعدم السماح لأي نفوذ سياسي خارجي بالتأثير والتدخل في وطننا». ولفت الى «أن الاهتمام الدولي بلبنان، خصوصا من خلال الزيارات المتكررة للمسؤولين الأوروبيين والأميركيين والعرب، لا يكفي، اذا لم نهتم نحن ببلدنا واذا لم نحافظ عليه». وعلق على «حادثة باب التبانة الأخيرة التي وقعت صباح الجمعة بقوله: «يجدر بالقوى الأمنية والعسكرية أن تكون تحت القانون على غرار الشعب. والقضاء العسكري قد تحرك ونحن بانتظار التحقيق ولا نقبل أن يكون أحد فوق القانون على الإطلاق». وأشار الى «أهمية حديقة الملك فهد التي تم افتتاحها اخيرا في طرابلس، التي تقع على مساحة 18000 متر مربع، بتبرع من النائب سعد الحريري، لناحية إضفاء المزيد من الجمال على المدينة، بحيث تشكل متنفسا لأهاليها». وكرر أسفه «للكلام والافتراءات والأكاذيب التي تحاك ضد «تيار المستقبل» وإلصاق التهم به حول دعمه لتنظيم فتح الإسلام»، مذكرا بأن «أهالي طرابلس ومناصري تيار المستقبل وقفوا بجانب الدولة والجيش والقوى الأمنية في محاربة هذا التنظيم في معارك مخيم نهر البارد»، وشدد على أن «كل هذه الإفتراءات مردودة الى أصحابها، والهدف منها واضح للجميع وهو الخوف من نتائج الانتخابات النيابية المقبلة لما يشكله الشمال عموما وطرابلس خصوصا من ثقل في الميزان السياسي». وأعرب عن «الحزن للهجوم الذي يشنه البعض على المملكة العربية السعودية التي لها أفضال كبيرة على لبنان وسائر العالم العربي»، مذكّراً بأن «المملكة فتحت قلبها وذراعيها لجميع اللبنانيين خلال حرب السنتين والحرب الأهلية ووفرت لهم فرص العمل ووقفت بجانب لبنان في المحافل الدولية، في مؤتمر الرياض الذي تم بمساهمتها، والذي أوقف حرب السنتين، وكذلك مؤتمر الطائف الذي أوقف الحرب اللبنانية نهائيا. وكان للسعودية اليد الطولى في دعم كل المشاريع الإعمارية»، لافتا الى أنه «من المعيب أن نتنكر لكل هذا الدعم الذي قدمته المملكة».