انتخابات الجامعات في لبنان.. «سياسية بامتياز»

الزعماء يعتبرون نتائجها مؤشرا للاستحقاق النيابي

TT

يشهد لبنان، كل عام، انتخابات نيابية مصغرة مسرحها الجامعات اللبنانية وأدواتها الطلاب. وكل سنة «يحشد» الزعماء السياسيون طاقاتهم وأموالهم للفوز في هذا الاستحقاق. بعد ذلك تصبح نتائج الانتخابات مادة دسمة للتداول السياسي، فيتفرد كل فريق بقراءة نتائجها ويعتبر نفسه الفائز بغض النظر عن النتائج الرسمية، كما حصل العام الماضي في عدد من الجامعات، عندما أعلن كل فريق فوزه على الآخر. الطلاب، من جهتهم، يغوصون في هذه اللعبة السياسية. يتصرفون كزعمائهم فيُضَمِِنون حملاتهم الانتخابية وعودا بالعمل لتأمين التقدم الأكاديمي، لكنهم ما أن يفوزوا حتى يتوجهوا إلى الزعماء السياسيين ويهدوهم الفوز بدل أن يعملوا لتحقيق ما وعدوا به. هذه السنة جرت الانتخابات في معظم الجامعات اللبنانية كسابقاتها ولكن بحماسة زائدة ونتائج جديدة. في الجامعة اليسوعية جاءت النتائج متقاربة بين فريقي «14 آذار» و «8 آذار»، مع أفضلية مقاعد لـ«التيار الوطني الحر»، الذي فاز في كلية إدارة الأعمال بفضل أصوات «حركة أمل» و«حزب الله»، في حين تفوقت «القوات اللبنانية» في الكلية ذاتها بمائة صوت مسيحي على «التيار الوطني الحر»، الذي كانت غالبية أصواته شيعية الانتماء. إلا أن القوات دعمت حملتها بسخاء. حتى أن البرنامج الانتخابي الذي وزع في حرم الجامعة كان مغلفا بالجلد الطبيعي.

أما في الجامعة اللبنانية الأميركية، بفرعيها في جبيل وبيروت، فقد فازت اللائحة المدعومة من قوى «14 آذار» بغالبية مقاعد الفرعين. أيضا كانت الأصوات التي صبت لمصلحة «التيار الوطني الحر» وإن لم تضمن له الفوز، تعود إلى غير المسيحيين. وفور نجاح طلاب «14 آذار» استقبلهم رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» سمير جعجع، وأكدا على أهمية توحيد الصفوف للفوز بالأكثرية النيابية في الانتخابات المرتقبة. تعليق الانتخابات كان الإجراء الأسلم في الأعوام الماضية، وذلك تجنبا للصدام بين الطلاب في حرم الجامعة، كما حصل في جامعة سيدة اللويزة. فقد تم تعليق الانتخابات منذ عام 2005، وذلك على خلفية حصول عراك بين طلاب ينتمون إلى «القوات اللبنانية» وآخرين من «التيار الوطني الحر»، تطور إلى اشتباك مسلح. إلا أن الطلاب تعهدوا باحترام قوانين الجامعة والمحافظة على الهدوء، لذا قررت الإدارة التراجع عن قرار التعليق هذه السنة فحصلت الانتخابات وفازت اللائحة المدعومة من قوى «14آذار» عموما و«القوات اللبنانية» تحديدا التي حصدت 26 فائزا مقابل أربعة للتيار، وذلك بعدما كانت نتائج عام 2005 لمصلحته. وقد أدت خسارة التيار إلى تدخل شخصي من قبل رئيسه النائب ميشال عون الذي برر الخسارة في هذه الانتخابات بالتزوير، واتهم إدارة الجامعة بتعديل القانون الانتخابي لمصلحة القوات اللبنانية، مما أدى إلى رد من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لتظهر أهمية هذه الانتخابات وانعكاسها على السياسيين.

الجامعة اللبنانية تجنبت هذه السنة تفجير الصراع السياسي من منطلق طالبي، فقد أخرجها رئيسها الدكتور زهير شكر من اللعبة وحرم طلابها من الانتخابات، وتحديدا بعد حوادث فرع الجامعة في الفنار (شمال بيروت) الذي انتهى بسقوط جرحى محسوبين على «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». الطلاب غالبيتهم اعتبروا قرار شكر غير منصف. وعبروا عن استيائهم منه، ذلك لأن الانتخابات حق طبيعي في كافة الجامعات، كما يقول عباس بدر الدين المسؤول عن طلاب «حركة أمل» في جامعة القديس يوسف. ويضيف «لبنان يشهد احتقانا سياسيا مزمناً. وهذا الواقع لا يصح أن يشكل ذريعة لأي رئيس جامعة في لبنان لإلغاء الانتخابات فيها. ونحن في حركة أمل أكبر المتضررين من هذا القرار، فقد حصدنا العام الماضي 66% من مقاعد الجامعة اللبنانية. وبالتالي نحن نشكل القوة الأكبر هناك. ونحن نتمسك بإجرائها لأنها تعكس بشكل أو بآخر النتائج التي يمكن أن تكون عليها الانتخابات النيابية المقبلة». ويعتبر عباس أن هدف حركة «أمل» من الوصول إلى التمثيل الطالبي في جامعة ذات أكثرية مسيحية «هو إثبات الوجود والاندماج مع المجتمع المسيحي الذي لم يكن يتقبلنا في الماضي. أما هدفنا الثاني فكان دعم التيار الوطني الحر، لأننا لم نكن نريد مقعدا إضافيا من هنا وهناك. هدفنا هو تسهيل عمل التيار ومساعدته للفوز في الشارع المسيحي».