عائلة أوباما في كينيا لا تريد أن تستفيد من شهرته.. إلا أن اسمه فتح لها الأبواب الموصدة

منزل العائلة بات محجة للزوار.. وتنافس بين فروعها على ود الرئيس المنتخب

TT

يمثل أوباما بالنسبة لأربعمائة فرد في غرب كينيا بات بإمكانهم أن يقولوا، إن الرئيس القادم للولايات المتحدة «فرد من العائلة»، معنى جديداً تماما.

فقد شهدت مجموعة المنازل المتواضعة التي تقطن فيها العائلة توافد العديد من الزوار ما بين مراسلين وسياسيين محليين ومواطنين عاديين في كينيا، أتوا سعياً وراء الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة أو منح دراسية أو وظيفة أو بعض المال. وتحظى العجوز سارة أونيانجو، كبيرة العائلة وزوجة جد أوباما، بمعاملة المشاهير أينما حلت.

وتحاول الحكومة الكينية، التي نفت والد أوباما من قبل، التقرب من العائلة، فهناك طريق جديد يتم إنشاؤه، وتم توفير حراسة أمنية على مدار الأربع والعشرين ساعة وكذلك مد خطوط الكهرباء إلى المنطقة، وهو الأمر الذي يحدث لأول مرة في القرية، فقد زرعت أعمدة الإنارة، بعد ساعات من نتائج الانتخابات الأميركية، في الوقت الذي ينتظر فيه جيرانهم منذ سنوات الحصول عليها. وقال أوباما عم الرئيس المنتخب: «إن التعامل مع هذا الأمر مثل وظيفة بدوام كامل».

وتشتهر عائلة أوباما هنا في ناينجوما كوجيلو بأنها أغنى عائلة في المدينة التي يوجد فيها 2000 مزارع، دائما ما يمدون يد العون لجيرانهم، واتصلوا بالنخبة السياسية عندما ارتقى والد أوباما، الذي تخرج في جامعة هارفارد، منصباً حكومياً رفيعاً. لكن بالرغم من ارتقائهم لقمة السلم الاجتماعي في بلدهم، إلا أن الاهتمام الدولي أضفى على العائلة دورا غير مسبوق.

صحيح أن أفراد العائلة وفقاً للمعايير الأميركية يعتبرون فقراء نسبياً، فهم يعيشون في منازل من الطوب الطيني لا توجد به خطوط مياه ولم تصلها الكهرباء إلا أخيرا.

أقحم أحد إخوة أوباما غير الأشقاء، يعيش في إحدى عشوائيات نيروبي، في الحملة بعد ورود عدة تقارير إخبارية دولية تفيد أنه يعيش بلا مأوى وبأقل من دولار في الشهر، (استخدم الجمهوريون هذا الخبر في إعلاناتهم ليهاجموا قيم العائلة التي دعا إليها أوباما، لكن الأخ أصر على أنه أسيء اقتباس عباراته، وقد أنكرت حملة أوباما القصة دون تقديم تعليق). ترتدي الجدة الحكيمة التي تجلها العائلة، أغطية رأس زاهية، وتقوم بذبح الدجاج في الساحة الخلفية للمنزل، ويبدو أن السيدة العجوز ستخطف الأضواء من يوم تنصيب أوباما، حيث وعدت بأن تقدم الشاباتي المحلي ـ ونوعا من الخبز المسطح الذي يفضله الرئيس المنتخب.

وعندما سئلت إذا ما كانت ستغادر إلى الولايات المتحدة لتشهد تنصيب حفيد زوجها، قالت «هل تعتقد أنني سأفوت حدثاً كهذا؟». وفي الوقت الذي تخفت فيه الفرحة التي أعقبت الانتخابات، تكتشف عائلة أوباما في كينيا أن شهرتهم تعرض تحديات أمام هويتهم ووحدتهم، فالأمر الأكثر إيلاماً بالنسبة لهم، كما يقولون، هو تصويرهم على أنهم «شحاذون» يتوقعون الحصول على مساعدات من قريبهم الذي صار مشهوراً الآن.

تقول أواما أوباما، الأخت غير الشقيقة، والتي ترتبط بصلات وثيقة بالرئيس المنتخب «ندعم باراك ولكن لا ننتظر شيئا، لم نكن في عوز يوماً من الأيام ولا نتوقع أي شيء ولا نتوقع أن تتغير حياتنا لأن أوباما صار رئيساً للولايات المتحدة». وتقول أونيانجو، التي مازالت تعمل في الحقول، إنها تأمل في أن يعود الوضع إلى حاله الطبيعي، وتضيف «يجب علينا ألا نشعر أنه يجب أو يتحتم معاملتنا بصورة مختلفة».

لكن سواء، شاءوا أم أبوا، فقد تغيرت حياتهم بصورة دراماتيكية. ففي أعقاب إعلان انتصار أوباما تجمعت الحشود أمام منزل العائلة لدرجة أن العائلة طلبت مساعدة السفارة الأميركية، ووصلت الشرطة الكينية لكنهم تعاملوا بعنف مع بعض الضيوف المدعويين.

يقول فريد بيرتون الخبير الأمني في شركة ستراتفورد، وهي مؤسسة استشارات دولية «دعونا نواجه الحقيقة، لن تصبح حياة الجدة كما كانت عليه في الماضي».

ويضيف بيرتون الذي عمل كضابط استخبارات سابق وكلف بحماية الرئيس ريغان والأميرة ديانا وياسر عرفات لدى زيارتهم للولايات المتحدة، إن زوجة الرئيس والأطفال غير البالغين يحظون، بموجب القانون الأميركي، بحماية الاستخبارات لكن أخوته ووالديه وأقاربه الآخرين لا يتمتعون بذلك.

كما يشكل أوباما سابقة في التاريخ الأميركي، إذ لم يكن لدى أي من الرؤساء الأميركيين السابقين هذا الكم من الأقارب خارج الولايات المتحدة وهو ما يشكل هواجس أمنية غير مسبوقة. تقع حماية أسرة أوباما الآن على عاتق الشرطة الكينية التي رغم تدريبها وتمويلها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل لديها سجل به بعض نقاط الضعف.

فيقول أحد الدبلوماسيين الغربيين «إنه خارج نطاق قدرتهم»، ففضل عبد الله محمد، على سبيل المثال، المطلوب على خلفية تفجيرات السفارة الأميركية في نيروبي في عام 1998 اعتقل مرة واحدة على الأقل وأطلق سراحه من قبل الشرطة الكينية الذين لم يتعرفوا عليه، فهو يتحرك داخل وخارج البلاد، ولاتزال السلطات الكينية مصرة على قدرتها على تولي زمام المسألة. وقد أقامت الشرطة الكينية الخيام لتوفير الحماية على مدار 24 ساعة للجدة في أعقاب اقتحام أحد اللصوص مكان إقامتها في سبتمبر (أيلول)، كما تم بناء مركز للشرطة على بعد 200 ياردة منها. ويبدو أن الأسرة بدأت تجني بعض فوائد تلك الشهرة فإضافة إلى المزايا الأمنية التي تمتعت بها الأسرة، عرضت على عدد من أفراد العائلة الوظائف واتفاقات الشراكة. ويقول سعيد أوباما، الذي قضى أكثر خمس سنوات في طابور البطالة الكينية لكي يجد وظيفة بدوام كامل، إنه حصل على وظيفته الحالية، كميكانيكي في مصنع تمتلكه عائلة رئيس الوزراء لقرابته بأوباما. ويقول «إن اسم أوباما الآن يعتبر مفتاحاً قوياً لكل الأبواب الموصدة، لكن العائلة متوجسة، وأنا لا أرغب في الاستفادة من علاقتي بأوباما».

أما مالك أوباما الأخ غير الشقيق للرئيس، فقد طلب من الصحافيين الساعين إلى اجراء مقابلات معه التبرع لمؤسسة «باراك إتش أوباما» التي قال إنها تمول تقديم الزي المدرسي والمشروعات المحلية. وعندما أعلنت نتائج الانتخابات، عقد مالك مؤتمرا صحافيا منفصل بعد أن استبعد من المؤتمر الصحافي الرسمي للعائلة.

قال تشارلز أولوتش، أحد أبناء العم: «اعتاد الأطفال على أن يكونوا قريبين من بعضهم البعض، ولكن مع الانتخابات يتصارع الجميع على من يكون الأقرب للرئيس».

وكما قال سعيد أوباما، لا يمكن تجنب التوترات. ويوضح أنه قبل الانتخابات كانت العائلة تحتاج إلى الظهور متحدة، ولكن بعد الانتخابات لا يهم ذلك.

في حوار أجري عام 2006 مع التايمز، اعترف أوباما بتطلعات عائلته الكبيرة في كينيا، وأنه لم يقابل بعضا منهم. ويشتكي أولوتش الذي يعيش على بعد 100 ميل مع 200 فرد آخرين من عائلة أوباما في قرية أخرى تسمى كوباما، من أن فرع كوغيمو يحظى بكل الاهتمام. وفي كوباما، جدد السكان شاهد ضريح جد أوباما الأكبر، ويبقون على كوخ من الطين «نام فيه الرئيس مرة» ليكون مزارا سياحيا ممكنا.

وقال إن عائلة أوباما تفخر بتاريخ أخرجت فيه زعماء أقوياء لديهم القدرة على الخلافات العرقية.