رئيس بونت لاند: أقول عبر «الشرق الأوسط» للعالم كله: ساعدونا حتى نستطيع مساعدتكم

الجنرال موسى عدي قال إنه يحتاج إلى دعم عربي ودولي.. وشكك في قدرة الإسلاميين على فك أسر الناقلة

«إم في ستولت فالور» ناقلة الشحن اليابانية التي تم إطلاقها إثر بقائها رهن الاختطاف ترسو في ميناء السلطان قابوس في العاصمة العمانية مسقط (إ. ب. أ)
TT

قال الجنرال موسى عدى رئيس إقليم البونت لاند (جمهورية أرض الصومال) الذي يضم مدينة وميناء هراديري في شمال شرقي الصومال التي يحتجز فيها قراصنة صوماليون ناقلة النفط السعودية العملاقة سيرويس ستار أنه يؤيد استخدام القوة المسلحة لإنهاء أزمة احتجاز الناقلة السعودية والقضاء على القراصنة. وقال الجنرال عدي في مقابلة عبر الهاتف مع «الشرق الأوسط» من مقره في البونت لاند الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1998 إنه يؤيد إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بشأن عدم التفاوض مع القراصنة أو الخضوع لشروطهم، لافتا إلى أن القراصنة هم مجموعة من الشباب صغير السن وبالإمكان التخلص منهم شريطة تعاون المجتمع الدولي مع حكومته. واعتبر عدي الذي يسعى للفوز بفترة رئاسة ثانية كرئيس للإقليم، الذي يحمل اسما فرعونيا قديما، أن مواجهة القراصنة يجب أن تكون على الأرض وليس في عرض البحر لتجفيف منابع دعمهم ووقف تزويدهم بالإمدادات والمؤن. وقال، في مقابلة نادرة مع وسيلة إعلام عربية تولت السيدة زوجته في بعض مراحلها الترجمة من اللغة الصومالية إلى العربية، أن حكومته سعت لإقناع الدول العربية دون جدوى بالتعاون معها للتخلص مبكرا من مخاطر عمليات القرصنة التي تتنامى وتيرتها على سواحل الصومال التي تعتبر الأخطر من نوعها في العالم. وروى عدى لـ«الشرق الأوسط» كيف أن حكومته تعانى من نقص في الموارد والإمكانيات اللوجستية تحول دون قدرتها منفردة على مواجهة القراصنة، معربا عن اندهاشه من تواجد كل هذه الأساطيل الغربية المحتشدة على سواحل الصومال بدون أن تتمكن من وضع حد لنشاط القراصنة. ونفى الجنرال عدى تورطه أو تورط أي من المسؤولين الكبار في حكومته في عمليات القرصنة، معتبرا أن هذه الدعايات محض هراء. وفيما يلي نص الحوار:

* هل لديك معلومات حول توجه مجموعة من المحاكم الإسلامية إلى مكان ناقلة النفط السعودية العملاقة المخطوفة؟ ـ أتمنى أن تتمكن المحاكم الإسلامية من فعل شيء، كما تعلم فالناقلة المخطوفة ليست بعيدة عنا والمحاكم موجودة هناك، لكنني لا أظن أن بمقدورهم فعل أي شيء. شخصيا آمل ذلك. لكن كيف سيفعلون ذلك؟ أتمنى لو يتمكن أي شخص من فعل شيء ما تجاه هذه الأزمة حتى تنتهي. لكن، لدي شكوك تجاه المحاكم الإسلامية وفي قدرتها على فعل ذلك.

*هل لديك أية معلومات أو تعليق على ما يجري؟

ـ كما تعلم المشكلة أن مواردنا محدودة، إذا أردت حل المشكلة يجب وضع خطة فعالة خلال فترة وجيزة أضمن لكم إنهاء الأزمة من جذورها. وأنا قلت لأشقائي العرب قبل بضعة شهور من فضلكم تحركوا لفعل شيء بالتعاون معنا، إذا هاجمنا القراصنة وفقا لخطة موضوعة سنفقد بالطبع بعض الأرواح وستحدث لدينا خسائر لكننا في نهاية المطاف سنتخلص من هؤلاء القراصنة. نحن لدينا القوات لكننا نفتقد للمساعدات اللوجستية لإنشاء قوة بحرية أو أسطول عسكري لردعهم.

* كيف في تقديرك يمكن التخلص من ظاهرة القرصنة على سواحل الصومال؟

ـ أولا لا بد أن نحارب القراصنة من الأرض وليس عبر البحر.

* ماذا تقصد تحديدا؟

ـ بمعنى أن نجفف منابع الدعم المقدمة إليهم، وان نحول دون حصولهم على أية أغذية أو تليفونات أو إسعافات أو إمدادات. أنت تعلم انه على الأرض وليس البحر يتم التخطيط لهذه العمليات، ثم يتم تنفيذها لاحقا في عرض البحر، وهذا يعني أن عليك أنت ان تتعامل معهم بنفس منطقهم وأن تهاجم قواعدهم الموجودة على الأرض وليس البحر. فعلى الأرض ثمة أشخاص يوفرون لهم المؤن والمساعدات اللازمة بمختلف أنواعها، وإذا تمكننا من تحييد هؤلاء، أضمن لكم أن القراصنة سيتلاشون وينتهون في غضون وقت قصير.

* هل لديك معلومات عن هوية الخاطفين؟ ـ القراصنة معظمهم من الشبان الصغار، وليست لهم قوة كبيرة كما قد يتخيل البعض. هذه السفينة (ناقلة النفط السعودية) خطفوها من سواحل كينيا ويدعون أنهم صوماليون وربما هم كذلك، ليست لدينا معلومات، ومن المؤسف أن نرى العالم كله يدعمهم ويقويهم.

*كيف؟

ـ العالم يقويهم ويعطيهم أموالا عبارة عن فديات مقابل إطلاق سراح السفن وطواقمها الملاحية. أؤكد لكم أنه لو كانت لدينا إمكانيات لفعلنا الكثير في مواجهة هؤلاء، لكن مع الأسف لا أحد يساعدنا.

* وكيف هو وضع قواتكم العسكرية في مواجهة القراصنة؟

- بإمكانياتها المحدودة تمكنت قواتنا من مواجهة القراصنة عدة مرات ونجحنا في الاستيلاء على بعض السفن المخطوفة وتحريرها من قبضة القراصنة، ولو تعاونت الدول العربية الكبيرة وأعنى مصر والسعودية واليمن لقضينا على هذا الخطر المحدق بنا جميعا. فهذه الدول لديها إمكانيات مالية وعسكرية ولوجستية، نحن لدينا الجنود و وربما قوة عسكرية ليست كبيرة، لكن عندنا عناصر عسكرية. فقط نحتاج لخبراء في البحرية ومعدات ووسائل الاتصالات الحديثة كالهواتف المحمولة وشبكات الاتصال اللاسلكية. لو تعاونت هذه الدول معنا وهى كما أعلم تستطيع، سنتمكن رغم إمكانياتنا المحدودة من وضع حد لنشاط القراصنة على سواحلنا وتأمين الملاحة البحرية في مياه البحر الأحمر وخليج عدن.

* كيف ترى رد الفعل الدولي على القرصنة؟

- الجميع بدون استثناء يتصلون بنا وكلهم يتصلوا وكأننا نستطيع أن نفعل شيئا أو نقدم أي مساعدات، في الحقيقة إمكانياتنا محدودة للغاية ونحتاج دعم أشقائنا المجتمع الدولي للقضاء على هذه الظاهرة. بح صوتي خلال السنوات الماضية من كثرة مطالب الاشقاء والأصدقاء بأن نقوم بعمل شيء جماعي ومنظم تجاه هذا الأمر لكنني لم أتلق مع الأسف أية ردود ايجابية ومشجعة.

* ثمة من يقول أن بعض المسؤولين في حكومتك متورطون في قضايا فساد وعلى صلة بالقراصنة؟

- هذه دعاية رخيصة ومحض هراء. نحن نحاول على قدر ما نستطيع والدول الكبيرة كما تعلم لديها سفن حربية كبيرة في البحر ومع ذلك هم لا يتحركون. وفي المقابل وحتى يضللوا العالم والرأي العام المحلى والعربي والدولي يزعمون أن لدينا مسؤولين متورطين. وهذه مزاعم باطلة ولا أساس لها من الصحة. أعرف أن صحيفتكم «الشرق الأوسط» صحيفة كبيرة ومرموقة وأعلم أنكم أكثر من غيركم فهما لأحوال الصومال ومتابعة لشؤونه، لذلك أنا مندهش من سؤالكم وأستغربه تماما. ولهذا أقول أن المشكلة أكبر من إقليم البونت لاند والصومال كدولة مركزية. هناك قوات عديدة من كل صنف ولون تحتشد على سواحل الصومال ولديها القدرة العسكرية والتقنية على فعل الكثير و لكنها لا تفعل. هل لديك تفسير لذلك؟

* أنا أسالك السؤال نفسه؟

ـ حسنا أنا أستغرب هذا. ولا أظن أن عدة شبان صغار لا أحد يستطيع التغلب عليهم. اليوم كما تعرف قناة السويس ستخسر 50% من عدد السفن المتجهة اليها بفعل ما يجرى على سواحل الصومال من أعمال خطف وقرصنة للسفن ودخل القناة نفسه سينخفض 15%. والشركات المالكة للسفن والبواخر تقول أنها ستدور حول رأس الرجاء الصالح كطريق آخر لتفادى القراصنة. أنت تعرف ما هي السياسة وراء ذلك، مجددا أقول لكم: نحن نستطيع، شريطة الحصول على مساعدات خارجية، أن نتغلب على القراصنة.

* هل لديك من نصيحة أو رسالة تود أن توجهها إلى الشركة المالكة لناقلة النفط أو من يتفاوضون مع القراصنة؟

ـ نعم لو دفعت السعودية للقراصنة أية أموال فإنهم سيخطفون المزيد من السفن ويوسعون نشاطهم ربما بشكل أكبر، خاصة مع ضخامة المبلغ المطلوب كفدية، وحسب علمي هو نحو 25 مليون دولار أميركي، وهذا رقم ضخم سيغري القراصنة على الاستمرار في عملهم.

* وما الحل إذن في تقديرك؟

ـ أنا أتفق مع ما قاله وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل بأننا لا بد أن نواجه القراصنة وأن نحاربهم ولا بد من اعتقالهم. أنتم ترون الآن العالم كله يلف حول نفسه منذ أكثر من شهر ونصف بحثا عن سفينة مخطوفة من قبل بعض الشباب الصغار (السفينة الأوكرانية فايينا التي كانت تحمل شحنة من الدبابات والأسلحة وتضاربت المعلومات حول وجهتها الحقيقية). لكن نحن لدينا فرصة أفضل ودراية أكبر بما يجري، وعندما نحاول أن نهجم عليهم (القراصنة) نفشل بعض المرات لا ننجح، وأحيانا ننجح ونحرر السفن.

* وما المساعدات التي تستطيع تقديمها؟

ـ أقول عبر «الشرق الأوسط» للعالم كله: ساعدونا حتى نستطيع مساعدتكم. الآن إمكانياتنا محدودة ومع ذلك لدينا في السجون عدد من القراصنة أكثر مما تستطيع سجوننا استيعابه. وهناك سفن مازالت مخطوفة وهذه مشكلتنا الآن جميعا. يؤسفنى أن أقول لك إننا نفتقد الكثير. ليست لدينا أدوية ولا ميزانية أو أية مصاريف للعبء الثقيل الذي علينا.

* هل تلقيت اتصالات من جهات خارجية بشأن الناقلة؟

ـ نعم.. أظن أن السفارة السعودية أو السفير السعودي في العاصمة الكينية نيروبي اتصلوا بي. وأيضا وزير خارجية الصومال وغيرهم اتصلوا. وقلت لهم رأيي: وهو أنني لا أستطيع أن أفعل شيئا بمفردي ولكني أستطيع لو ساعدوني.

* كيف ترى تأثير مشكلة القرصنة على سمعة إقليم البونت لاند؟

ـ كما قلت لك من البداية المشكلة أكبر من سمعة البونت لاند. هذه مشكلة حدودها المياه من البحر الأحمر إلى خليج عدن. وبعض السفن تم اختطافها على 400 أو 500 كيلو متر خارج المياه الإقليمية للصومال تماما كما حدث مع ناقلة النفط السعودية. هم ( القراصنة) يدبرون المؤامرات في البونت لاند لكنها أكبر منا. المشكلة أساسا في الصومال الكبير، منذ عشرين عاما لا توجد لدينا حكومة مركزية قوية وفاعلة. القراصنة يعلمون أنه لا توجد بحرية قوية تستطيع التصدي لهم أو مواجهتهم بالقوة، وبالتالي المياه أصبحت مفتوحة بالنسبة لهم وتجرأوا كما حدث مؤخرا على خطف السفن من المياه الدولية. والمشكلة كما ترون ليست في سمعة بلدنا أو إقليمنا.. المشكلة في تقديري وكما أرى، أصبحت عالمية ويجب وضع خطة مدروسة للتعامل معها.