القرصنة الصومالية تشجع قراصنة آسيا.. و71 هجوما في 9 أشهر

مخاوف من أن تلجأ جماعات متشددة مثل أبو سياف الإسلامية في الفلبين للقرصنة لتمويل أعمالها

سفينة صينية تعبر قناة السويس أمس (أ.ف.ب)
TT

وسط الأمواج العاتية والأمطار الغزيرة كانت الناقلة العملاقة «كاساجيسان» تبحر عبر مضيق ملقة في فبراير (شباط) حين أحاطت بها فجأة ستة قوارب صغيرة.. فتح أفراد طاقم السفينة التي كانت في طريقها من السعودية إلى اليابان محملة بشحنة نفط، خراطيم مياه الحريق ووجهوها نحو قوارب القراصنة وأطلقت السفينة صافرات انذار وبدأت مناورات للهروب من القراصنة. ونتيجة استمرار الأحوال الجوية السيئة تراجع القراصنة. وهذه المحاولة الفاشلة وهي واحدة من 71 حادثة قرصنة فعلية او محاولة وقعت في آسيا وسجلها مراقبو السفن في الشهور التسعة الأولى من عام 2008 تظهر أن قراصنة الصومال ليسوا وحدهم من يجرؤون على تهديد اكبر الناقلات في العالم.

ومضيق ملقة بين ماليزيا وسومطرة من أكثر طرق الملاحة ازدحاما في العالم وعبرته أكثر من 70 ألف سفينة في عام 2007 من بينها سفن تمد اليابان والصين بنحو 80 في المائة من احتياجاتها من الطاقة. وتزايدت خطورة عمليات القرصنة في المضيق لدرجة ان اللجنة المشتركة لتسعير أخطار الحرب التابعة لمؤسسة «لويدز» اضافت المنطقة لقائمة المناطق المهددة بحروب عام 2005 لترتفع رسوم التأمين على السفن التي تمر بالمنطقة ارتفاعا حادا. وساعدت جهود منسقة بذلتها ماليزيا واندونيسيا وسنغافورة على حل مشكلة القرصنة وتراجع عدد الهجمات في السنوات التالية.

ولكن مع مهاجمة عصابات صومالية سفنا أمام سواحل افريقيا بلا رادع وتحقيقها مكاسب ضخمة ثمة خطورة من ان يحذو قراصنة اسيويون حذوهم من جديد وبقوة سعيا لتحقيق ثروات مماثلة. ويقول نويل تشونج رئيس مركز الابلاغ عن حوادث القرصنة بالمكتب الدولي للملاحة البحرية في كوالالمبور بماليزيا لرويترز: «أنا متأكد أن كثيرين من المجرمين والعصابات الاجرامية في آسيا تراقب الأحداث في الصومال باهتمام كبير». وتابع «يجني قراصنة الصومال مبالغ طائلة ولا يواجهون خطرا يذكر. كلما قلت درجة الخطر التي ينطوي عليه الفعل وكان العائد ضخما تشجع المجرمون أكثر». وتفيد البيانات التي جمعها مركز تبادل المعلومات التابع لاتفاقية التعاون الاقليمي لمكافحة القرصنة والسطو المسلح للسفن في اسيا بان القرصنة في المنطقة تشهد اتجاها نزوليا منذ عام 2003.

غير أن الهند وفيتنام والفلبين شهدت تناميا للهجمات هذا العام مقارنة بعام 2007 وشهدت الأشهر القليلة المنصرمة عدة هجمات حول مضيقي ملقة وسنغافورة وتستهدف بصفة أساسية سفن القطر التي تسحب سفن البضائع. وحتى الآن يفتقر القراصنة الاسيويون حول مضيق «ملقة» لقاعدة امنة مثل بلدة «ايل» الصومالية. ويقول تشونج «توجد حكومات فعالة في اسيا... في الصومال يمكن لمن يخطف سفينة ان ينجو بفعلته. في اسيا.. اين ستذهب .. اذا خطفت سفينة ستلاحق ويلقى القبض عليك». ولكن هناك الكثير من الملاذات المحتملة للقراصنة. وشهدت جزر «انامباس» الاندونيسية النائية تناميا لنشاط القرصنة. وعلى مسافة ابعد الى الشرق تتناثر في جزر جنوب الفلبين قواعد المتمردين المسلمين. وهذا يجعل من بحري «سولو» و«سيليبيس» نقطتي انطلاق لحوادث القرصنة تهدد مضيق «ماكاسار» بين «سولاويزي» و«بورنيو» وهو الطريق الذي تبحر فيه اعداد متزايدة من ناقلات الخام العملاقة مثل «كاساجيسان» وسفينة «سيريوس ستار» السعودية التي اختفطها قراصنة في الصومال الاسبوع الماضي. وما يقلق المحللون الامنيون تحديدا ان تقرر جماعات متشددة مثل ابو سياف الاسلامية المتمردة في الفلبين في جزيرتي «جولو» و«باسيلان» و«جبهة مورو» الاسلامية للتحرير في مينداناو التي سبق لها ان لجأت للقرصنة للمساهمة في تمويل عملياتها محاكاة الاستراتيجية الصومالية. وهناك سابقة بالفعل.. ففي عام 2000 احتجزت جماعة ابو سياف 21 شخصا من بينهم عدد كبير من السائحين الغربيين في غارة على منتجع سيبادان الماليزي. ودفع اكثر من عشرة ملايين دولار للافراج عنهم. وبعد عام احتجز ثلاثة من الاميركيين واكثر من 12 شخصا من السياح الفلبينيين والعاملين في منتجع في هجوم بحري على بالاوان في الفلبين. وقتل اميركيان واحتجز الرهائن الباقون مقابل فدية.

والخطر الآخر ان يتحول القراصنة الآسيويون للإرهاب. ولعبت تقارير تفيد بان متشددين يستلهمون فكر تنظيم «القاعدة» يخططون لشن مزيد من الهجمات على حركة الملاحة العالمية بل ويفكرون في احتجاز سفينة كبيرة واستخدامها «كقنبلة عائمة» لعبت دورا في وضع مؤسسة «لويدز» مضيق ملقة ضمن المناطق المهددة بخطر حرب. وسحب المضيق من القائمة في عام 2006 ولكن تنامي عمليات القرصنة أو حدوث هجوم إرهابي يمكن ان يغير الوضع مرة أخرى. ويقول ايان ستوري من معهد دراسات جنوب شرقي آسيا لرويترز «حتى حادث قرصنة واحد في مضيق ملقة من المرجح ان يرفع أسعار التأمين إلى السماء». وأضاف «ساهم الضغط الدولي... وجهود دول المنطقة ومساندة قوى خارجية كثيرا في تحسين الأمن في المناطق البحرية في جنوب شرقي آسيا... إلا أنه ما زالت هناك حاجة للقيام بالمزيد».